لكل السوريين

الحكومة تتحضر لاقتحام جبل الزاوية، والأهالي “كالعادة.. إلى خيام الذل مرجعنا”

السوري/ إدلب ـ ’’إلى الخيام مرجعنا’’، بتلك الكلمات عبر نازحو جبل الزاوية عن مدى استيائهم من الوضع الراهن، لا سيما وأن الحكومة السورية تتحضر بحسب مراسلنا إلى شن هجوم على منطقة جبل الزاوية بريف إدلب.

نزوح ثم عودة ثم نزوح، ثلاثة مراحل عاشها أهالي المنطقة خلال فترة وجيزة، بين يائس فقد الأمل في أن تستقر الأمور، وآخر متشبث ببصيص أمل، وثالث، تائه لا يعرف ما يقول، اختلفت الإجابات التي جاءت ردا على استطلاع مراسلنا في منطقة الجبل.

ما إن تقف على الطريق الرابط بين جبل الزاوية ومدينة إدلب، حتى يتبين لك أنه كأن الناس تفر إلى يوم المحشر، منهم من يمشي على قدميه، فالحرب التي عاشها بكل مراحلها أفقدته حتى ثمن هروبه من منزله، ومنهم من يبكي بحسرة على مستقبل دمار بات يلوح في الأفق، ومنهم من سئم حتى من المناشدة.

حسان، مواطن في الثلاثين من العمر، لديه ثلاثة أطفال، يقول “إلى متى أيها العالم المتحضر ونحن كأحجار الشطرنج تتقاذفها أيادي اللاعبين القذرة والملطخة بدمائنا؟، أما اكتفيتم لعبا بمقدراتنا ودمائنا؟، أم أن هناك المزيد من البازارات مازالت على طاولاتكم”.

أبو أحمد، في الخمسين من عمره، يقود سيارته على مهل متفكرا أين سيفضي به الحال، وكيف سيتدبر أمره وحياته في ظل هذه المعيشة والحياة القاسية، تسير به سيارته دون أن يعرف وجهته، ذهب شمالا ويمينا، عيناه شاخصتان للوراء تنشد العودة، الدموع تنهار بأمل مقيت يعكس مدى معاناة عاشها أهالي المنطقة طيلة فترة الحرب.

يقول أبو أحمد “مرة أخرة، إلى مخيمات الذل والعار، إلى مخيمات القهر والغربة، لعن الله كل من تاجر بدمائنا، لعن الله كل من سلم البلاد بصفقات مشبوهة، خلقت لتخدم مصالح الدول المتناحرة على الأرض السورية، يكفي، إلى متى سنبقى هكذا؟، سئمنا”.

وعلى نفس الطريق، استوقفنا مشهد آخر من مشاهد الظلم والعار، رجل بالعقد السادس من عمره يقطر عربة على دراجته الصغيرة وزوجته وأطفاله فيها، ومعهم شيء من متاعهم، يقف على قارعة الطريق تحت ظل شجرة زيتون يستظل تحتها قليلا، يلتفت يمنة ويسرى، لا يدري أين يتجه.

يقول “اسمي عبد الستار، من أهالي جبل الزاوية، ومن احسم تحديدا، منذ بداية الهدنة عدنا إلى بلدتنا رغم القصف المتكرر إلا أن القصف زاد من حدته ووتيرته ولم نعد نصبر على الرعب والخوف، القوات التركية الموجودة في المنطقة لا تحرك ساكنا، يبدو أنهم اتفقوا، اتفقوا على تهجيرنا وتشريدنا، ماذا يريدون مننا، حياتنا صعبة للغاية، لا نملك ثمن حتى نقل أمتعتنا، ولا نعرف أين نتجه”.

ويضيف “هل دخلت القوات التركية لحمايتنا، لا والله لم تدخل لذلك، كل همهم تحقيق أطماعهم، هي تريد احتلال أرضنا، تركنا كل شيء ورائنا، بيوتنا، أمتعتنا، مزروعاتنا، قبور أقربائنا، هربنا بأنفسنا لنحمي أطفالنا، مستقبل مجهول، على متن هذه الدراجة، لا ندري هل سنحظى بخيمة أم أننا سنقيم تحت رحمة شمس أيلول”.

وتتحضر قوات الحكومة السورية لشن هجوم على ما يبدو على مناطق جبل الزاوية، التي تخضع لسيطرة فصائل مسلحة متمردة، وسبق وأن شنت الأولى في وقت سابق هجوما على مناطق خاضعة للتنظيمات الإرهابية المدعومة تركياً، ونتج عنه نزوح ما لا يقل عن مليون ومئتي ألف شخص بحسب تقديرات دولية.

تقرير/ عباس إدلبي