حذّرت صحيفة واشنطن بوست من تفاقم أزمة القطاع الصحي في سوريا، بعد أن شهدت البلاد تقليصاً كبيراً في المساعدات الدولية، خصوصاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى إغلاق عشرات المنشآت الصحية وتزايد حالات سوء التغذية، خاصة في شمال البلاد.
وقالت الصحيفة إن المساعدات الخارجية، التي كانت تشكل شريان حياة لملايين السوريين بعد 14 عاماً من الحرب، بدأت تتلاشى عقب تعليق واشنطن لبرامجها الإغاثية وتراجع الدعم الأوروبي. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مانح لسوريا، قد جمدت مساعداتها بالكامل، في حين أوقفت إدارة ترامب أنشطة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).
وأكّدت ميشيل كولومبل، مديرة منظمة “ميهاد” الفرنسية، التي تشرف على أكثر من 24 مركزاً صحياً في شمال سوريا، أن التخفيضات كانت “كارثية”، خاصة في المناطق التي تستضيف ملايين النازحين. وأوضحت أن المنظمة لم تكن تتلقى تمويلاً مباشراً من واشنطن، لكنها تأثرت بشكل غير مباشر من خلال فقدان شركائها المحليين والدوليين لمصادر تمويلهم، مما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المرافق الطبية وتحميل منشآت “ميهاد” فوق طاقتها.
وفي منطقة أعزاز شمال حلب، رصدت فرق “ميهاد” 20 حالة سوء تغذية حاد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بالتزامن مع نفاد مخزون طعام الأطفال العلاجي المعروف باسم “Plumpy’Nut”، الذي كانت توفره منظمة “أنقذوا الأطفال”. وكانت الأخيرة قد أعلنت في أبريل عن إغلاق 40% من برامجها الغذائية في سوريا بسبب نقص التمويل.
ووفقاً لتحذيرات أطلقتها منظمات إنسانية، فإن 172 منشأة صحية في شمال غرب سوريا مهددة بالإغلاق، ما قد يحرم أكثر من 4.2 مليون شخص من خدمات صحية أساسية تشمل رعاية الطوارئ، وصحة الأم والطفل، وعلاج الأمراض المزمنة. وفي شمال شرق البلاد، تم تعليق عمل 23 منشأة، بينما تواجه 68 أخرى خطر الإغلاق التام.
وفي مستشفى الكسرة، ارتفع عدد المرضى بنسبة 10% خلال الأشهر الماضية، إلا أن قسم رعاية الأطفال المصابين بسوء التغذية أُغلق في أبريل بسبب توقف التمويل. وأكد مسؤولون طبيون أن توقف الرعاية تسبب في مضاعفات صحية لعدد من الأطفال.
كما يشهد قطاع غسيل الكلى تدهوراً حاداً، إذ لم يتبقَ سوى ثلاثة مراكز عاملة في شمال شرق سوريا، تديرها “ميهاد”، مع توقف عدد من الأجهزة عن العمل ونقص الإمكانات. وأوضح الدكتور أحمد الأسود، اختصاصي أمراض الكلى في مستشفى أبو حمام، أن بعض المرضى لم يتمكنوا من تلقي العلاج، محذراً من أن استمرار الأزمة “سيؤدي إلى وفاة عدد من المرضى”.
وتختتم الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن توقف الدعم الدولي يهدد مستقبل ملايين السوريين، ويزيد من تدهور أوضاعهم المعيشية والصحية في بلد لا يزال يعاني من تبعات حرب مدمرة.