لكل السوريين

انفلات أمني واسع في ريف حلب وسط غياب واضح للجهات المعنية وانتشار السلاح بشكل عشوائي

حلب/ خالد الحسين

يشهد الريف الحلبي حالة متزايدة من الفوضى والانفلات الأمني في ظل غياب شبه تام للجهات الحكومية المعنية بحفظ النظام وتطبيق القانون، حيث يعاني السكان من تصاعد أعمال العنف وانتشار السلاح بشكل عشوائي، ما أدى إلى تزايد حوادث القتل والاعتداءات على الممتلكات الخاصة.

ويعزو كثير من الأهالي هذا الوضع إلى غياب دور الشرطة والجهات الأمنية، مما فتح المجال أمام جماعات مسلحة غير منضبطة، أغلبها تتبع لعوائل أو عشائر محلية، لبسط نفوذها والتصرف خارج إطار القانون.

في مدينة السفيرة، التي كانت تُعرف سابقاً بهدوئها النسبي، تعيش اليوم حالة من التوتر والخوف. ويقول الأهالي إن نشاط المسلحين غير المنضبطين في تصاعد، حيث يقومون بعمليات اعتداء على السكان لأتفه الأسباب، مستخدمين السلاح بشكل علني ودون أي رادع قانوني.

أبو عماد، أحد سكان المدينة، قال: “صرنا نخاف نطلع من بيوتنا بعد المغرب. اللي معه سلاح هو صاحب الكلمة، وإذا حكيت كلمة الحق ممكن تتعرض للتهديد أو الضرب أو حتى القتل”. وأضاف بأسى: “الدولة غائبة تماماً، لا شرطة ولا دوريات ولا محاسبة، وكأننا نعيش في غابة، مو دولة”.

وفي بلدة عندان الواقعة في الريف الشمالي الغربي لحلب، لا يبدو المشهد مختلفا، فقد سجلت البلدة مؤخراً عدة حوادث قتل عشوائي نتيجة خلافات بسيطة تطورت بسرعة بسبب وجود السلاح في أيدي الجميع.

يقول أحمد، شاب من سكان البلدة، إنه شهد حادثة مأساوية قبل أسبوعين: “خلاف بسيط بين شابين على موقف سيارة انتهى بمقتل أحدهم بعد أن سحب الآخر سلاحه وأطلق النار عليه أمام الناس. الجهات الأمنية لم تأتِ، وحتى لو أتت، ما بتمسك ولا بتحاسب، لأن القاتل ملثم غير معروف يضرب ويهرب”.

ويشير أحمد إلى أن هذه الحوادث باتت تتكرر بشكل مقلق، في وقت يشعر فيه الأهالي بأنهم متروكون لمصيرهم دون حماية أو عدالة.

أما في بلدة حريتان، القريبة من عندان، فتتكرر الشكاوى من تغول المجموعات المسلحة على حساب مؤسسات الدولة.

تقول أم خالد، وهي التي فقدت ابنها قبل أشهر إثر شجار تطور إلى إطلاق نار: “ابني كان شاب خلوق، راح ضحية رصاصة طائشة. قدمنا شكاوى وراجعنا المخفر أكثر من مرة، بس الكل بيقولك الموضوع أكبر منا، وكأنو دم ولادنا ما له قيمة”. وتضيف بغضب: “ليش الدولة ما بتفعل الشرطة؟ وين العدالة؟ نحنا مواطنين إلنا حقوق، ولا بس القوي هو اللي إله حق؟”.

ويرى مراقبون أن تفشي هذه الظواهر في الريف الحلبي لا يمكن فصله عن الظروف العامة التي مرت بها المنطقة خلال السنوات الماضية، من حروب ونزوح وفقر وغياب طويل لمؤسسات الدولة، ما أدى إلى نشوء فراغ أمني استغلته جهات مسلحة لترسيخ وجودها ونفوذها.

ويحذر هؤلاء من أن استمرار هذا الواقع دون تدخل حقيقي وجاد من قبل الحكومة، ينذر بتدهور أكبر في النسيج الاجتماعي وازدياد معدلات الجريمة.

من جهتهم، يطالب الأهالي بشكل عام بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة تفعيل دور الشرطة وتوفير الإمكانيات اللازمة لضبط الأمن، إلى جانب محاسبة كل من يعتدي على حياة الناس وممتلكاتهم، بغض النظر عن خلفيته أو انتمائه. كما يدعون إلى فرض رقابة مشددة على انتشار السلاح، ووضع حد لحالة الفوضى التي باتت تهدد أمنهم اليومي وحياتهم الطبيعية.