في مشهد يعكس روح التضامن المجتمعي، أطلقت منظمات المجتمع المدني وعدد من الناشطين والمواطنين في مدينة حلب حملة واسعة تحت شعار “الوفاء لحلب”، تهدف إلى ترميم ما دمرته الحرب والإهمال في بنية المدينة التحتية. وتتركز الحملة على إعادة ترميم الأرصفة المهدمة، إزالة أكوام القمامة، وإعادة تأهيل المساحات الخضراء التي شوهت المدينة لسنوات.
الحملة التي انطلقت قبل عدة أيام، شهدت إقبالاً واسعاً من سكان حلب، حيث تمكنت من جمع تبرعات تجاوزت 300 ألف دولار أمريكي، جميعها من أهالي المدينة والمغتربين الحلبيين، إلى جانب عدد من الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية. ورغم التحديات العديدة، لم تحظ الحملة بأي دعم حكومي.
وبدأت الحملة من الأحياء القديمة التي تضررت بشدة خلال سنوات الحرب، حيث تكاتف المتطوعون لترميم الأرصفة وإزالة النفايات المتراكمة وطلاء الجدران العامة. كما شهدت الحملة إعادة تشجير بعض المساحات الخضراء، بمشاركة كبيرة من جميع فئات المجتمع، من الشباب إلى كبار السن، الذين ساهموا بالمال أو الجهد أو حتى بتوزيع الطعام على المتطوعين.
وفي حديث مع أحمد المصري، أحد المشاركين في الحملة، قال: “ما عم نستنى حدا يجي يعمرنا، قررنا نبدأ بإيدينا. كل يوم فيق الصبح وروح على الحي اللي عم نشتغل فيه، منحس إنه المدينة مو بس بترجع بتعمر، بس نحنا كمان عم نرجع نعيش فيها بروح جديدة”. وأضاف أحمد: “كل ليرة تبرعت، وكل حجر نحط، كان وراه حب لهالمدينة”.
أما السيدة أم علاء من حي الفرقان، فأعربت عن امتنانها للمبادرة قائلة: “صرلنا سنين حاسين إنه ما حدا عم يهتم فينا، لا حكومة ولا بلدية. بس بهي الحملة، حسّينا إنه نحنا إلنا قيمة، وإنه في شباب لهلأ بتحب حلب وبدها تعيش فيها بكرامة”.
حملة “الوفاء لحلب” أثبتت أن التغيير لا يتطلب دائماً خططاً حكومية ضخمة، بل إرادة شعبية وإيماناً بأن النهوض ممكن من الداخل. هذه المبادرة باتت مثالاً يُحتذى به في كيفية تعافي المدن المنكوبة من خلال المبادرات المجتمعية، حيث سادت روح التفاؤل بين الشباب الحلبي، مع آمال بمستقبل أفضل للمدينة وأبنائها.8