شن مسلحون في منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، عدة هجمات على المدنيين أسفر عن مقتل 26 شخصاً وإصابة 17 آخرين، وأعاد خلط الأوراق في المنطقة، وشكّل تحدياً للرواية الهندية التي تزعم استقرار الشطر الهندي من إقليم كشمير.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن الهجوم أدى إلى اضطرابات كبيرة شملت إغلاقات في المنطقة ومغادرة جماعية للسياح، وأشارت إلى أن شركات طيران نظمت رحلات خاصة لإجلاء الزوار العالقين، واعتقلت قوات الأمن نحو مئة شخص يشتبه بتعاونهم مع المسلحين.
وأعلنت جماعة باكستانية مسلحة تدعى “جبهة المقاومة” مسؤوليتها عن الهجوم، وأشارت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى معارضتها لتوطين أكثر من 85 ألف هندي جديد في المنطقة، إلّا أن نيودلهي اتهمت حكومة إسلام آباد بالوقوف وراء الهجوم.
ويرجح المتابعون للوضع في المنطقة أن ترد الهند بعمل عسكري كبير يتجاوز حدود إقليم كشمير إلى الأراضي الباكستانية، مما يصعّد التوترات بين الدولتين، ويزيد القلق الدولي إزاء تطور الأحداث في تلك المنطقة المقسمة بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947، ومازال كل من الخصمين النوويين يطالبان بالسيادة الكاملة عليها.
إجراءات تصعيدية
بعد هجوم كشمير، تبادلت الهند وباكستان إجراءات تصعيدية شملت التجارة والنقل والخدمات القنصلية.
واستدعت نيودلهي كبير الدبلوماسيين بالسفارة الباكستانية فيها لإخطاره بأن جميع المستشارين العسكريين في البعثة الباكستانية أشخاص غير مرغوب فيهم ومنحهم فترة أسبوع للمغادرة.
وبالمقابل، طردت باكستان دبلوماسيين هنود وأعلنت أنه سيتم تقليص موظفي المفوضية العليا الهندية في إسلام آباد إلى 30 شخصاً، وأن مستشاري الدفاع الهنود فيها أشخاص غير مرغوب فيهم وعليهم المغادرة.
وأغلقت حدودها مع الهند، ومجالها الجوي بوجه طائراتها، وأوقفت التجارة معها، وعلّقت التأشيرات للهنود.
وذكرت مصادر محلية أن باكستان تتجه نحو مراجعة الاتفاقيات الموقعة سابقاً مع الهند، وأنها تعتزم الانسحاب من الاتفاقيات التي أبرمت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، واحدة تلو الأخرى.
وقد عقدت لجنة الأمن القومي في باكستان اجتماعاً برئاسة رئيس الحكومة ومشاركة وزراء وقادة الجيش وأجهزة الاستخبارات لبحث التوتر مع الهند.
وحسب مصادر مطلعة تناول الاجتماع الوضع الأمني الداخلي والخارجي ومراجعة الإجراءات التي أعلنت عنها الهند بشكل متسرّع.
تصعيد عسكري
في تصعيد خطير ينذر بانفجار وشيك على الحدود بين الهند وباكستان، توعّد رئيس الوزراء الهندي من سمّاهم الإرهابيين وداعميهم “بالمتابعة والعقاب بما يفوق خيالهم”.
وحسب وكالة فرانس برس، قال ناريندرا مودي إن القوات المسلحة تتمتع “بحرية تحرك كاملة لتحديد أسلوب وأهداف وتوقيت ردنا على الهجوم الإرهابي على المدنيين في كشمير”.
وأثارت تصريحات مودي مخاوف متزايدة من احتمال تنفيذ ضربات تتجاوز الحدود الباكستانية، في ظل إصرار نيودلهي على تحميل إسلام آباد مسؤولية دعم الجماعات المسلحة في كشمير، وهو اتهام تنفيه باكستان.
وبالمقابل، ردّت باكستان بتحذير شديد على لسان وزير دفاعها الذي أكد أن التوغل العسكري الهندي “بات وشيكاً”، وأن القوات الباكستانية في “حالة تأهب قصوى”.
وشدد على أن بلاده لن تستخدم سلاحها النووي إلّا في حال تعرّضها لتهديد وجودي مباشر.
وبدوره قال قائد الجيش الباكستاني إن “أي مغامرة عسكرية من جانب الهند سنقابلها برد سريع وحاسم وحازم”، وأشار إلى أن باكستان لا تزال ملتزمة بالسلام الإقليمي لكنها مستعدة لحماية المصالح الوطنية.
مواجهة محتملة
من أخطر الإجراءات التصعيدية التي تبادلتها الهند وباكستان بعد أحداث كشمير، إعلان وزير الخارجية الهندي تعليق العمل بمعاهدة تقاسم مياه نهر السند بين البلدين التي ظلت قائمة رغم اندلاع حربين بين الدولتين.
ووصف وزير الطاقة الباكستاني تعليق الهند للمعاهدة بالعمل الجبان وغير القانوني.
وأعلنت رئاسة الوزراء الباكستانية، أن أي محاولة هندية لوقف أو تحويل تدفق مياه نهر السند “ستعتبر سبباً للحرب”، وحذرت من أن محاولة انتهاك حقوقها في مياه النهر ستعتبر بمثابة عمل حربي يستوجب الرد العسكري.
ورفضت في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني، ما وصفته بالقرار الأحادي الذي اتخذته الهند بتعليق معاهدة مياه نهر السند، وأكدت أن الاتفاقية “مهمة للاستقرار الإقليمي”.
وشدد البيان على أن باكستان عازمة على حماية حقوقها المائية، دون تفاصيل إضافية حول الأدوات التي من الممكن أن تلجأ إليها.
وفي ظل تصاعد التوتر بين الجارتين النوويتين، يخشى المراقبون من وقوع احتكاك عسكري قد يقود إلى مواجهة نووية بين الجانبين، تنجم عنها كوارث في الدولتين وفي المنطقة والعالم.