لكل السوريين

العالم يودع بابا الفقراء.. رحيل صاحب نظرية “لا سلام إلّا بالسلام مع الإسلام”

توفي البابا فرنسيس عن عمر 88 عاماً، جراء إصابته بسكتة دماغية وقصور في القلب، وبوفاة هذا المصلح، ينتهي عهد واجه خلاله المتشددين والمحافظين، ودافع عن الفقراء والمهمشين.

رحل فرنسيس الحبر الأعظم.. الاعظم بمحبته للفقراء، وهو الذي قال في عظته الأولى بعد انتخابه “أريد كنيسة فقيرة.. للفقراء”.

وفضّل الإقامة في بيت ضيافة متواضع داخل الفاتيكان على السكن في القصر الرسولي الفخم، في سابقة لم يعهدها الفاتيكان من قبل.

رحل نصير الفقراء بعد فترة بابوية استمرت 12 عاماً، من الدفاع عن كرامة الانسان، وعن حوار الأديان، والالتزام بالقضايا البيئية، تاركاً هذا العالم الممزّق يغوص في أوحال النزاعات والحماقات والمصالح واستعباد الأقوياء للضعفاء وتراجع القيم الإنسانية النبيلة.

وأوصى بدفنه في كنيسة القديسة مريم الكبرى بروما، لا في كاتدرائية القديس بطرس حيث دفن العديد من أسلافه، فيما اعتبر خروجاً آخر عن تقاليد الفاتيكان.

وعلى مدار رئاسته للفاتيكان، أظهر تفاعله مع أحداث كثيرة في العالم العربي، واهتمامه بمد الجسور والحوار بين الشعوب، وعبر عن ذلك بوضوح في مناسبات عديدة.

وقبل ساعات من وفاته، شجب خلال احتفالات عيد الفصح “الوضع المأساوي المخجل” في غزة.

مواقف شجاعة

يجمع المتابعون لسياسة الفاتيكان على أن البابا فرنسيس الراحل “كانت له مواقف شجاعة وجريئة بشأن الكثير من القضايا، ما جعله يكسب احتراماً وتقديراً كبيرين على الصعيد الدولي”.

ويذكرون أنه “لم يتردد في انتقاد الكثير من الأوضاع هنا وهناك عبر العالم، وهذا جر عليه انتقادات من طرف البعض، لكنه أكسبه في الوقت نفسه احتراماً واسعاً عبر العالم”.

ويشيرون إلى أنه كان ضد الحروب دائماً، ولطالما انتقد الأوضاع أوكرانيا، وفي غزة، وطالب بوقف الحرب عليها، وبإدخال المساعدات الإنسانية إليها.

وحسب المقربين منه، “كان يحسن الاستماع إلى الجيل الجديد، ولربما هذا ما أكسبه هذه المكانة الكبيرة لدى الجميع مهما اختلفت الأعمار”.

ويعتبر المتابعون لمسيرته أن رحيله “خسارة للإنسانية”، كون العالم يحتاج لشخصية مثله، ويشيدون بمواقفه عموماً، ويرون أنه من الأفضل أن يتم تعيين شخصية مثله لمتابعة مسيرته.

ويأملون إن يسير البابا المقبل على منوال سلفه فرنسيس، مشيرين إلى أن “العالم يترقب بالكثير من الفضول اسم الشخصية التي ستكون قادرة أن تجسد ضمير الإنسانية”.

السلام مع الإسلام

منذ أن تسلّم البابوية في العام 2013، تطرق البابا فرنسيس لموضوعين هامين وهما السلام في العالم وكيف يمكن إنقاذه، والخروج من الحروب والاضطرابات.

وركز على أهمية الحوار بين الأديان، وأكد في خطابه الأول، على أنه “لا سلام في العالم.. إلّا بالسلام مع الإسلام”.

وتميزت الفترة التي ترأس خلالها الفاتيكان، بخصوصية غير مسبوقة، حيث حافظ على علاقة دافئة مع الدول الإسلامية، ولم تقتصر على مسيحيي المشرق كما كان يفعل سابقوه.

وكان أول بابا يزور دولاً في شبه الجزيرة العربية.

وشكّل محط أنظار العالم الى جانب شيخ الأزهر أحمد الطيب، عندما التقيا في الرابع من شباط 2019 في أبو ظبي للتوقيع على وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي هدفت إلى بناء جسور التواصل والتآلف والمحبة بين الشعوب.

ووصفت هذه الوثيقة بأنها من “أهم وثائق العقل البشري،” وحجر الزاوية لدبلوماسية الفاتيكان التي اختصرها البابا بجملة “إما نحن أخوة أو أعداء… لا يوجد خيار ثالث”.

كما قام بزيارة للعراق في آذار2021 حيث ناقش وضع الأقلية المسيحية في البلاد، وأدان التطرف الديني، واجتمع مع المرجع الديني الأعلى للشيعة، ليصبح أول بابا للفاتيكان يلتقي بمرجعية شيعية على هذا المستوى.