لطالما اصطدمت أيديولوجية ومنهج “المرأة الحرة” بمناطق شمال وشرق سوريا بمعوقات عدة مرتبطة بالثقافة المجتمعية السائدة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية، وحزمة ثقيلة من العادات والتقاليد العشائرية والمناطقية السلبية التي تحملها مجتمعاتنا.
ويسود المجتمع كم كبير من العادات المجتمعية السلبية منها زواج القٌصر، وتعدد الزوجات، وتعد هذه الظواهر من المشاكل الحقيقية التي تحكم على حياة المرأة بالفشل المحتم لعدة عوامل ترتبط بالتفاوت الفكري والثقافي والعمري بين الطرفين المرتبطين بالزوجية، في حين يُشكل “التعدد” ظاهرة خطيرة توصل النساء الى الهاوية نتيجة التسلط الذكوري، ومواجهتها للغبن والظلم والظروف المعيشية القاسية من قبل السلطة الذكورية.
وتسعى المنظمات النسوية بمناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لمحاربة هذين النوعين من الزواج من خلال الثورة “الفكرية التحررية” التي تقودها المرأة، والسعي الى تغيير فكرة المجتمع ككل للنساء ومحاربة التسلط الذكوري، والعادات والتقاليد البالية السائدة في مجتمعاتنا.
تدمير المجتمع بعادات خاطئة
وبهذا الصدد تقول الإدارية بدار المرأة بعين عيسى زهرة محمد علي :” المرأة السورية في مناطق شمال وشرق سوريا بشكل عام تواجه عوائق كبيرة في إطار ثورتها التي تبنتها منذ ثورة 19 تموز 2012، لذلك هنالك صعوبات جمة تواجهنا كمنظمات نسوية في إطار إحداث تغييرات جذرية في مجتمعاتنا، وهذه التغييرات تتفاوت بين منطقة وأخرى، وخاصة بسبب الحرب العسكرية الشرسة التي يشنها المحتل التركي والحرب الخاصة الممنهجة، والسعي لتخويف الشرائح المجتمعية بما فيهن النساء، وإشاعة الأفكار المضللة لفكرة تحرر المرأة، وتغذية التطرف الديني، وتوظيفه لهذا الغرض بهدف تشويه ثورة المرأة الحرة في مناطقنا”.
وأردفت” بالنسبة لتعدد الزوجات هذه الفكرة هي خاطئة جملة وتفصيلاً، وقد يرد سائل لماذا…؟!، لذلك تكمن الإجابة في النتيجة الظالمة التي تجنيها المرأة من هذا النوع من الزواج، ولأن أغلب هذه الحالات لا يبررها عذر حتى وإن وجد، ولا حاجة …أغلبها تحدث لأسباب شخصية مرتبطة بالرجل المتسلط الذي أصم اذنيه، وأغمض عينيه تجاه الفكرة الأساسية حتى من منطلق الدين والعادات والتقاليد ….لذلك وللأسف اغلب الحالات الواردة الينا هي من قبل النساء اللاتي وقعن ضحية هذه الحالات، ودمُرت حياتهنَّ نتيجة التسلط الذكوري والفهم الخاطئ”.
وختمت بالتأكيد على السعي لمحاربة هذه الظاهرة من خلال تثقيف المجتمع، وتوعية الجنسين لمخاطر هذه الظاهرة، وأهمية فهم المرأة اولاً وطبيعتها، وتفكيرها للحصول على أسرة صحية، ومجتمع أخلاقي بنّاء ومثقف ومنتج دون عقد، والتخلص من الأفكار والعادات المجتمعية والعشائرية السلبية.
زواج القاصر جريمة بشعة…!
من جهتها حثت عضوة مؤتمر ستار عفاف الخلف كافة أفراد المجتمع بنبذ العادات والتقاليد البالية السائدة في مجتمعاتنا والتي تُشكل في معظمها “جريمة مُشرعنة بغطاء التقاليد والعشائرية” وهي زواج القاصرات، مبينة بأنها تدمير للمرأة في مرحلة مبكرة وهي مرحلة ” الطفولة” التي سيُحكم عليها بتحمل مسؤولية كبيرة، وثقيلة تحتاج الى نضج فكري وثقافي وجسماني لتأسيس عائلة مفيدة في مجتمعاتنا التي تنحدر نحو الهاوية نتيجة تفشي هذه الظاهرة، وظواهر أخرى موازية لها كتعدد الزوجات مثلاً.
وأضافت “هنالك فكرة رجعية وخاطئة في مجتمعاتنا، وهي اسناد هذه الظاهرة إلى أمثلة سابقة تُروى وتُشر عن من قبل أمهات أو جدات دون التفات إلى مخاطر هذه الظاهرة، ودون أن يعلمنَّ بانهنَّ كنا ضحايّا لتلك العقليّة …حيث يَعملنَّ بطريقة غير مقصودة على شرعنة هذه النوع من الزواج الذي يُشكل جريمة.
وختمت حديثها بالتأكيد على النضال في سبيل تحرير المرأة فكرياً وثقافياً، ووضعها على الطريق السليم في بناء شخصيتها في المقام الأول لتتمكن من مقاومة ما يتربص لها، ويحاك لها من قبل الذهنية الذكورية المتسلطة للانطلاق نحو تحرير ذاتها، وأخذ دورها الحقيقي والسليم في بناء المجتمع الذي تُشكل هي بذاتها كيانه، ويرتبط بتحررها سلباً أو أيجاباً