تقرير/ سلاف العلي
توقفت عشرات الرحلات البرية بين اللاذقية وعدة محافظات، وبين اللاذقية وريفها، رغم تـأكيد مصادر حكومية على انهم قاموا بتزويد شركات النقل بالمخصصات من المحروقات بعد توقفها وتوقف أغلب رحلات النقل البرية معها، وإعلان أصحاب شركات نقل أنهم أوقفوا الرحلات بين المدن السورية بسبب عدم استلامهم مخصصاتهم من المحروقات، واستمرت تداعيات أزمة خفض مخصصات المازوت للمحافظات في التأثير على مختلف جوانب حياة المواطنين باللاذقية، حيث يعاني الطلاب والمدرسون والموظفون مشقة الوصول إلى مدارسهم وأماكن عملهم، ما يعرقل سير الأعمال اليومية، وارتفعت أجور وسائل النقل ، بدون أي ضابط.
تتكرر أزمة المواصلات وخصوصا مع وقت توزيع مازوت التدفئة، ويعتقد العديد من المواطنين أن تخفيض مخصصات النقل لأشهر متتالية، يأتي في هذا الوقت من كل عام، بهدف تأمين أول دفعة من احتياجات التدفئة على حساب المواصلات.
وتدور شائعات بين المواطنين حول أسباب سياسية أيضا وراء نقص المازوت، حيث يقال إن إيران منعت سوريا من شحنات النفط، نتيجة خلافات سياسية، إثر تقارب حصل بين الحكومة السورية مع دول الخليج، يضاف الى ذلك ان أسعار المحروقات في السوق السوداء باللاذقية شهدت ارتفاعات قياسية منذ تصعيد هجمات الاحتلال الإسرائيلي على لبنان.
وتجلت ازمة المحروقات ايضا في تأثيرها على كل جوانب الحياة، حيث ساهمت برفع أسعار جميع الخضروات والفواكه والمواد التموينية، كما ارتفعت أسعار الأمبيرات في مدينة اللاذقية، مع زيادة فصل ساعات مولدات الأمبيرات خلال النهار في سبيل توفير المازوت الشحيح، وازدادت الضغوط على السوق السوداء، وسط إقبال الكثير من العائلات على البدء بشراء كميات من المازوت لتأمين التدفئة، خاصة أن المخصّصات الحكومية لا تكفي، أو أنها لا تصل أبدا.
السيدة أم عروة موظفة حكومية بشركة المحروقات باللاذقية وهي من أهالي الريف قالت: أن تخفيض مخصصات المازوت بدأ تدريجيا منذ تموز الماضي، بينما بدأ في اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص في نيسان الماضي، وتم الكشف عن التخفيضات رسميا في بداية أيلول الماضي، أن عدد طلبات المازوت انخفض بسبب قلة التوريدات، رغم ادعاء وزارة النفط بتنها قامت مؤخرا بتخفيض كميات إضافية من المازوت لقطاع النقل، على أمل تخفيف الأزمة، قبل أن تؤكد المحافظة حدوث نقص جديد في إمدادات المازوت، ما يضاعف من حدة الأزمة ويؤثر على الحياة اليومية للسكان، وتضيف أم عروة أن راتبها لا يكفي لتأمين تكسي، حتى لو كان جماعياً، وهي تكافح لركوب السرفيس، وفي حال عدم تمكنها، تضطر للعودة الى المنزل أو ركوب تكسي جماعي.
السيد مصطفى وهو موظف حكومي ومن قرية المزيرعة، أضاف قائلا: إن البعض ممن يبيعون المازوت يحاولون إخفاء مصدره، أن عمليات تهريب المحروقات من لبنان مستمرة رغم كل ما يتعرض له لبنان، وأن سعر ليتر البنزين وصل إلى نحو تراوح بين 25- 30 ألف ليرة سورية، بينما تراوح سعر ليتر المازوت بين 26 -32 ألف ليرة سورية، على اعتبار أنه أكثر طلبا في الوقت الحالي، على الرغم ان شركة محروقات اللاذقية ادعت انها قامت بتزويد شركات النقل بمخصصاتها من المازوت، بعد أيام من أزمة المواصلات الخانقة التي نشهدها الآن، لكن استمر الازدحام الشديد في الكراجات وهذا ما أدى إلى ارتفاع أجور النقل، إضافة إلى استغلال الشركات للركاب وفرض أجور مرتفعة عليهم، ومع استمرار أزمة المحروقات، وفي ظل غياب الحلول العملية تتزايد معاناة المواطنين وتتأثر حياتهم اليومية بشكل مباشر، مع الساعات الطويلة في انتظار وسائل النقل إن وجدت، ويجري الحديث عن أهمية تحقيق العدالة في توزيع المازوت والبنزين بين مختلف القطاعات، وضرورة متابعة تركيب أجهزة التتبع الإلكتروني على الآليات، وأتمته عمليات التوزيع المباشر لضمان الدقة في حركة المشتقات ومنع أي تلاعب بالمشتقات النفطية.
السيدة دارين وهي محامية قالت: لقد أصبحت مشكلة تأمين مازوت التدفئة للأسر في اللاذقية وريفها، أزمة تتفاقم مع حلول فصل الشتاء من كل عام، إذ تعاني الأسر من عدم الحصول على مستحقاتها من المادة الأساسية للتدفئة بسبب الشح المستمر في توفر المازوت وعدم العدالة في توزيعه، ورغم أن الحكومة تعد بتوفير الحصص اللازمة لكل عائلة، إلا أن التنفيذ على الأرض يعكس واقعا مختلفا، حيث لا تصل الكميات المخصصة إلا إلى نسبة ضئيلة جدا من الأسر، ومن أبرز أسباب هذه الأزمة هو سوء توزيع مادة المازوت على المناطق المختلفة، والذي يترافق مع انتشار الفساد في المؤسسات الحكومية، حيث يتم توزيع الحصص بطريقة غير شفافة، كما يتهم العديد من المواطنين المسؤولين بالتلاعب في الكميات المخصصة لصالح الأسواق السوداء، مما يزيد من معاناة السكان ويجبرهم على دفع مبالغ باهظة للحصول على المازوت من مصادر غير رسمية، إضافة إلى سوء التوزيع، يبرز التمييز الجغرافي في تأمين المازوت، ويعمق هذا التمييز الفجوة بين تلك المناطق ويخلق شعورا بالظلم لدى بعض المواطنين.