قللت إيران من تأثير الغارات الإسرائيلية الأخيرة عليها، وأكدت أن أضرارها كانت طفيفة، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير أكثر من عشرين هدفاً، وحاولت إظهار أن دفاعاتها الجوية تصدت للصواريخ الإسرائيلية، بينما رجّح محللون عسكريون أن هذه الغارات أسفرت عن تفكيك نظام الدفاع الصاروخي الإيراني، مما سمح لها بالتهرب من دفاعاتها الجوية والوصول إلى مواقع بناء المركبات للصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
وأشار المحللون إلى أن إسرائيل أرسلت عبر هذه الغارات، رسالة إلى الإيرانيين تشير إلى أنهم متأخرون عن الإسرائيليين عندما يتعلق الأمر بالحرب التكنولوجية المتقدمة.
ومن جهة أخرى، تواترت الأنباء التي ذكرت أن إسرائيل أبلغت إيران بالهجوم قبيل وقوعه، مما أربك المتابعين، حيث أكد بعضهم صحة هذه الأنباء، واعتبرها محاولة من إسرائيل لرد الاعتبار بعد الهجوم الإيراني الواسع عليها، وتمهيداً لوقف الغارات بينها وبين إيران، في حين شكك آخرون بها واعتبروها ملفقة.
ومع ذلك، أثار تصاعد حدة التوترات بين إسرائيل وإيران، تخوف المراقبين من محاولة تسريع إيران لوتيرة العمل في برنامجها النووي لتعزيز قوة الردع في مواجهة إسرائيل التي تدعمها العديد من الدول الغربية.
قنوات اتصال غير مباشرة
أثارت الأنباء التي ذكرت أن إسرائيل أرسلت رسالة إلى إيران قبل الهجوم عليها، تساؤلات عن وجود “قنوات اتصال غير مباشرة” بين البلدين تهدف إلى احتواء المواجهة بينهما، ومنعها من الخروج عن السيطرة.
وأفاد المحلل السياسي في القناة 13، بأن إسرائيل أرسلت رسالة تحذيرية إلى إيران عبر عدة قنوات قبل الهجوم، تضمنت معلومات عامة عن الأهداف التي تشمل مواقع عسكرية، واستبعاد المنشآت النووية ومنشآت الطاقة، وطالبت إيران بعدم الرد.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده تلقت “إشارات” قبل الهجوم الذي شنته إسرائيل على مواقع عسكرية إيرانية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء “إرنا”.
بينما نفى نتانياهو كل هذه الأنباء، وقال “لم تخطر إسرائيل إيران قبل الهجوم، لا بشأن التوقيت، ولا بشأن الأهداف، ولا بشأن نطاق الهجوم”، وفق تايمز أوف إسرائيل.
وكان موقع أكسيوس الأميركي قد نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها إن إسرائيل أرسلت رسالة إلى إيران قبل الهجوم الانتقامي وحذرت الإيرانيين من الرد، وجرى إيصال الرسالة الإسرائيلية إلى الإيرانيين عبر عدة أطراف ثالثة.
وذكر الموقع أن الإسرائيليين أوضحوا للإيرانيين مسبقاً ما الذي سيستهدفونه بشكل عام، وما الذي لن يستهدفوه.
رد غير متناسب
اعتبر متابعون لما يجري في المنطقة أن هدف إسرائيل من هجومها على إيران هو استعادة لمكانتها واعتبارها بعد الضربة الإيرانية بحيث لم يكن أمامها خيار سوى الرد.
ولكنها لم تهاجم المواقع النووية أو النفطية، لأن ذلك قد يعرّضها إلى رد مدمر، حيث تمكنت صواريخ إيران من عبور منظومات دفاع جوية متعددة، ووصلت إلى أهدافها في إسرائيل.
ويرى محللون أن طبيعة الغارات الإسرائيلية على إيران وحجمها، تشير إلى أن تل أبيب أخذت بعين الاعتبار التهديدات التي أصدرها مسؤولون إيرانيون بخصوص رد بلادهم إذا وجهت إليها ضربة تطال مواقعها النفطية والنووية، وهو ما تجنبته إسرائيل في هجومها.
وبدا الهجوم الإسرائيلي مدروساً بعناية بحيث لا يشكل حرجاً لإيران يدفعها للقيام برد انتقامي أشد من الهجوم الذي نفذته الشهر الماضي.
وأظهرت إسرائيل قدرتها على توجيه ضربة لإيران، دون أن تشكل خطوة تصعيدية جديدة،
حيث أظهر سلوكها في الآونة الأخيرة أنها لم تعد تملك القدرة على توجيه ضربات تدميرية على إيران، في ظل تعثر عملياتها في غزة وعدم قدرتها على حسم الأوضاع فيها، وتعثر عملياتها البرية في لبنان وتعرضها إلى خسائر في صفوف جنودها.
ويشير المحللون إلى أن إسرائيل تحاول تثبيت قاعدة جديدة في صراعها مع إيران تكون فيها الكلمة الأخيرة لها، ولكن ردها العسكري الأخير لم يتناسب مع حجم الضربة الإيرانية لها من حيث الحجم والتأثير، بما لا يمكّنها من تثبيت قواعد اشتباك جديدة.