لكل السوريين

هل ستؤثر الحرب اللبنانية على أسواق سوريا؟

تتزايد المخاوف في الأسواق السورية من تصاعد الحرب في لبنان وتعطيلها لطرق التجارة والتهريب بين البلدين، أو ما يسميه التجار “بخاصرة السوق السورية”، حيث تعتمد سوريا على البضائع القادمة من لبنان بشكل كبير سواء التي تأتي تهريباً أو ترانزيت بشكل رسمي.

وفي عام 2020 عقب انفجار مرفأ بيروت، أكدت وزيرة الاقتصاد السابقة أنه بظل العقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعاون مع سوريا، يعتبر المرفأ حيوياً يمكن عبره استيراد البضائع إلى لبنان وإعادة تصديرها براً إلى سوريا، وقالت إنه “بمثابة الرئة في ظل حصار خانق”.

ولا توجد معلومات أو إحصاءات رسمية صادرة عن الحكومة السورية حول حجم الاعتماد على لبنان في استقبال البضائع ونقلها إلى سوريا (الترانزيت) ولا حجم المستوردات المباشرة، لكن الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام قالت في تموز الماضي إن قيمة المستوردات السورية من لبنان بلغت ما بين 2014 – 2023 نحو ملياري دولار أي بمتوسط 200 مليون دولار سنوياً، وجاءت سوريا في مقدمة الدول المستوردة من لبنان بحسب الوكالة.

وما رصدته الوكالة هو ما تستورده سوريا بشكل رسمي وليس تهريباً، ويقدر خبراء اقتصاد أن ما يتم تهريبه إلى سوريا هو أضعاف مضاعفة للرقم الرسمي، وبشكل عام، يعتمد الكثير من التجار السوريين على لبنان في استيراد بضائعهم ثم نقلها إلى سوريا براً، ويشمل ذلك جميع أنوع السلع بما فيها الغذائيات.

وتؤكد مصادر أن تجاراً سوريين لديهم وسطاء لبنانيون أو شركات وهمية على أنها لبنانية، يستوردون بواسطتها من دول مختلفة إلى لبنان، ثم يشحنون البضائع إلى سوريا تهريباً، حيث بات لبنان ساحة رئيسة لأغلب التجار.

وفي شباط الماضي، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الزيت والسمن النباتي بالإضافة إلى المعلبات والأرز القصير-الطويل وكذلك حفاضات الأطفال والمعكرونة وأصنافاً عديدة من الغذائيات من أبرز المواد التي يتم تهريبها من لبنان إلى سوريا وتحديداً إلى حمص عبر وسطاء يتجاوزون دوريات الجمارك.

وتنتشر في السوق السورية بظل ضعف الإنتاج ومنع الاستيراد والعقوبات الدولية على سوريا، بضائع مهربة قادمة من لبنان تعتمد عليها بشكل أساسي الكثير من القطاعات مثل مراكز التجميل والمشافي وصالات المفروشات وغيرها، حيث تضم قائمة أهم المواد المهربة القادمة من لبنان والتي تعتمد عليها السوق السورية: الأدوية والأغذية والأجهزة الإلكترونية والطبية والأقمشة، وحتى المنظفات ومستلزمات الرعاية الشخصية الأجنبية والميكياجات، والمحروقات، وقطع السيارات.

ويخشى كثير من التجار في حمص وحماة مدن سورية أخرى الذين يعملون بالمواد المهربة من لبنان من توقف أعمالهم، حيث إنهم مضطرون حالياً لرفع الأسعار نتيجة توقف التهريب منذ بدء الحرب، إذ أن الطريق البديل للمهربات اللبنانية هي الحدود الأردنية والعراقية، لكنها أغلى بكثير والحصول عليها ليس يسيراً مثل المصدر اللبناني.

وكانت طرق التهريب تعتمد على مهربين، لكن اشتعال الحرب سيحول دون ممارسة هؤلاء للتهريب، إضافةً إلى أن الحرب ستحول دون تأمين البضائع من مصادرها الخارجية.

وأكثر ما يخشاه التجار السوريون أن تتأثر طرق التجارة والتهريب بالحرب الأخيرة، وعرقلة تدفق الدولارات إلى السوق السوداء في سوريا، حيث تعتمد السوق والتجار بشكل رئيسي على لبنان بالحصول على القطع الأجنبي وبشكل دوري، ما سيؤدي إلى شحه وارتفاع سعر الصرف، ما سيؤثر بشكل مضاعف على أسعار السلع التي ستتأثر أصلاً بالحرب نتيجة قلتها، ما يعني تضخماً مخيفاً.

ويؤكد أحد العاملين بتحويل الأموال بالسوق السوداء، أن مصدر الدولار الذي يؤمنه للزبائن هو لبنان، عبر أشخاص يتنقلون بشكل دوري بين البلدين دون أن يكشف آلية العمل بشكل دقيق، حيث أن للبنان أهمية في تأمين القطع الأجنبي لعمله متخوفاً من عرقلتها بالحرب.