حاوره/ مجد محمد
في الآونة الأخيرة بتنا نسمع بشكل دوري، وأحياناً بشكل شبه يومي بأخبار حوادث الانتحار التي تحدث بين الحين والآخر في مدننا، ومحافظاتنا، وسوريا على وجه العموم، والحقيقة أن المؤشرات والإحصاءات تدل على أن حوادث الانتحار تزداد بصورة كبيرة في مجتمعنا المحلي، حتى أنها باتت تشكل ظاهرة قوية وكبيرة لا يستهان بها، وهي رد فعل مأساوي لمواقف الحياة المجهدة، ولا يوجد سبب واحد وراء محاولة أي شخص للانتحار، ولكن يوجد عوامل تزيد من خطر محاولة الانتحار.
وللتعرف على الانتحار؟ وعلاجه؟ وما هي الأسباب التي تؤدي إليه؟ والأضرار التي تنتج عنه؟ عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ وائل الحسن الباحث والمجاز في الإرشاد النفسي، ودار الحوار التالي:
*أستاذ وائل مرحباً بك بداية، الانتحار من وجهة نظرك بكلمات بسيطة ما هو؟
أهلاً وسهلاً بك، الانتحار هو قتل النفس، وهو رد فعل مأساوي لمواقف الحياة المجهدة، ولا يوجد سبب واحد وراء محاولة أي شخص للانتحار، ولكن يوجد عوامل تزيد من خطر محاولة الانتحار، ويعتبر الاكتئاب هو عامل الخطر الرئيس للانتحار، لكن هناك العديد من الاضطرابات النفسية، والعقلية، وعوامل خطر أخرى يمكن أن تساهم في الانتحار، بما في ذلك الاضطراب الثنائي القطب والشيزوفرانيا، وتعتبر الأسلحة النارية أكثر الوسائل شيوعاً في الانتحار بالإضافة إلى طرق أخرى شائعة تتمثل في تناول جرعة زائدة من الدواء والاختناق والشنق.
*وما هي أسبابه؟
أسباب كثيرة، قد تكون اجتماعية وثقافية، وبيئية، وحيوية ونفسية، وبالنسبة للاجتماعية والثقافية فأنها تعد أبرز أسباب التفكير بالانتحار ومعظم حالات الانتحار ومحاولات الانتحار، وتشمل هذه الأسباب اضطرابات الصحة العقلية، والاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، وفصام في الشخصية، واضطرابات القلق، وتقلبات الشخصية، وتعاطي المخدرات، وإساءة معاملة الطفولة، ووجود تاريخ العائلة للانتحار، ومحاولات انتحار سابقة، ووجود مرض مزمن، أما البيئية تشمل أسباب مثل الخسارة الاجتماعية، ومثل فقدان علاقة قوية، والوصول إلى وسائل قاتلة، بما في ذلك الأسلحة النارية والمخدرات، وأن يكون الشخص ضحية للتحرش أو التنمر أو الإساءة الجسدية، والاجتماعية الثقافية تتمثل في الصعوبة في طلب المساعدة أو الدعم، وعدم الوصول إلى الصحة العقلية أو عدم التمكن من معالجة تعاطي المخدرات، واتباع أنظمة الاعتقاد التي تقبل الانتحار كحل للمشاكل الشخصية.
*كيف نعرف أن الشخص يخطط أو يفكر بالانتحار، ما هي الأعراض التي تظهر عليه؟
أعراض كثيرة تظهر على الشخص مثل التحدث عن الانتحار كالإدلاء بتصريحات مثل سأقتل نفسي، أتمنى لو كنت ميتاً، أو أتمنى لو لم أكن قد ولدت، والحصول على وسائل انتحار، مثل شراء سلاح، أو أدوية قاتلة، والانسحاب من الاتصال الاجتماعي، والرغبة في الوحدة، ووجود تقلبات مزاجية، والشعور باليأس، وزيادة استخدام الكحول، أو المخدرات، وتغيير الروتين الطبيعي، بما في ذلك أنماط الأكل أو النوم، والقيام بالأشياء الخطرة أو المدمرة للذات، مثل استخدام المخدرات أو القيادة بتهور، وتوديع الناس بطريقة توحي بأنه لن يتم رؤيتهم مرة أخرى، وتطوير تغييرات في الشخصية، والشعور بالقلق الشديد.
*كمعالج نفسي، كيف يتم تشخيص الانتحار؟
نتمكن من تشخيص الميول الانتحارية عن طريق الف
حص الجسدي، واختبار واستجواب متعمق حول الصحة العقلية والجسدية للمساعدة في تحديد ما قد يسبب التفكير الانتحاري، وتحديد أفضل علاج وذلك من خلال إجراء عدة تقييمات، تشمل الصحة العقلية، وترتبط الأفكار الانتحارية بقضية الصحة العقلية، وفي هذه الحالة يجب مراجعة طبيب نفسي مختص لتشخيص الحالة ومعالجتها، والظروف الصحية الجسدية، في بعض الحالات، قد يرتبط التفكير الانتحاري بمشكلة صحية جسدية قد تحتاج إلى اختبارات الدم وفحوصات أخرى للتمكن من تحديد سبب الحالة، وتعاطي الكحول والمخدرات، ويلعب الكحول أو المخدرات دوراً في التفكير الانتحاري والانتحار، والأدوية، فقد تتسبب بعض الأدوية في مشاعر انتحارية، لذلك يجب إخبار الطبيب عن جميع الأدوية التي يتم تناولها من قبل المريض.
*ما هو علاج الانتحار، أو كيف تتم معالجة الميول أو الأفكار الانتحارية؟
يعتمد علاج الأفكار والسلوك الانتحاري على وض
ع المريض، بما في ذلك مستوى خطر الانتحار لديه والمشاكل الأساسية التي قد تسبب أفكار أو سلوك انتحاري، وتتمثل الطرق العلاجية بحالة علاج حالات الانتحار الطارئة، ففي حال الإقدام على الانتحار وإيذاء النفس يجب الاتصال برقم الطوارئ، وفي حال وجود أشخاص آخرين يجب طلب المساعدة منهم والاتصال بالطوارئ، وفي حال عدم وجود أي إصابة ولكن خطر إيذاء النفس قائم وموجود يجب طلب المساعدة والاتصال بالطوارئ، أما علاج الأفكار الانتحارية فأن وجودها يحتاج إلى خطوات علاجية قد تشمل العلاج النفسي للانتحار الذي يساعد المريض على استكشاف الأسباب التي تجعله يشعر بالرغبة في الانتحار ويساعده في تعلم مهارات إدارة العواطف بشكل أكثر فعالية، والأدوية، ومضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للذهان والأدوية المضادة للقلق والأدوية الأخرى للأمراض العقلية يمكن أن تساعد في الحد من الأعراض، والتقليل من السلوك الانتحاري، وعلاج الإدمان الذي قد يشمل العلاج من إدمان المخدرات أو الكحول، وكذلك دعم الأسرة والتعليم، فيمكن للعائلة أو الأشخاص المحبوبين لدى المريض أن يكونوا مصدراً ل
لدعم يمكن أن يساعدهم إشراكهم في العلاج على فهم ما يمر به المريض، ومنحهم مهارات أفضل في التعامل، وتحسين التواصل والعلاقات الأسرية.
*كيف نقي أنفسنا من الوصول إلى مرحلة الانتحار؟
عدم مواجهة الأفكار الانتحارية للمريض وحده، بل يجب طلب المساعدة من الأشخاص المختصين وطلب الدعم من أحبائه أو أسرته أو
المؤسسات المخصصة لهذا الغرض مما يسهل التغلب على أي تحديات تتسبب في أفكار أو سلوكيات انتحارية.
تناول الأدوية حسب تعليمات المعالج المختص وعدم تغيير الجرعة أبداً وعدم التوقف عن الدواء بدون أمر المعالج لأن ذلك قد يؤدي إلى عودة المشاعر الانتحارية أو أعراض الانسحاب، وفي حال مواجهة الأثار الجانبية للأدوية يجب التحدث مع مقدم الرعاية الصحية حول ذلك، والحرص على حضور جميع جلسات العلاج في مواعيدها والتمسك بخطة العلاج الخاصة هو أفضل وسيلة للتغلب على الأفكار والسلوك الانتحاري، والتخلص من أي أسلحة نارية أو سكاكين أو أدوية خطرة أو أي أساليب مميتة يمكن الوصول إليها، في حال وجود قلق من إمكانية التصرف بناء على أفكار انتحارية.
*في حال لم يتم الانتحار، ما هي مضاعفاته؟
مضاعفات كثيرة ينتج عنها خسائر عاطفية بسبب الانهماك في الأفكار الانتحارية، وممكن أيضاً إصابات خطيرة مثل تلف الأعضاء أو تلف الدماغ بسبب محاولات الانتحار، وكذلك الحزن، والغضب، والاكتئاب، والشعور بالذنب لدى الناجين من الانتحار.