لكل السوريين

الأسواق السورية.. تقلب دائم والمواطن ضحية عدم الاستقرار

تقرير/ أ ـ ن

أصبح تذبذب الأسعار وارتفاعاتها المتعافية وعدم استقرارها سيد الأسواق، وخاصة الخضار والفواكه، فقد شارف موسم الخضار والفواكه الصيفية على نهايته، ورغم ذلك ما زال المواطن المفقر ينتظر انخفاض الأسعار، ليتسنى له التمتع بتذوقها، فكل يوم سعر خيالي جديد بلا مبررات.

فالطلب يتراجع مع تراجع معدلات الاستهلاك، والسوق مليء بمختلف أنواع البضائع والسلع، مع ذلك تسجل الأسعار المزيد من الارتفاعات، فقد ترِكت الأسواق رهن احتكار التجار وجشع الحيتان، بالتوازي مع غياب دور الدولة الرقابي ودورها على مستوى التدخل الإيجابي المفترض عبر أذرعها.

وبالاطلاع على أسعار بعض الخضار والفواكه في السوق الشعبي بطرطوس، حيث سجلت أسعار الكوسا بين 4500 ليرة إلى 8500 ليرة في حين تراوحت أسعار الباذنجان بين 4 إلى 8 آلاف، أما البصل فقد سجل من 9 الى 12 آلاف، والخيار  ما بين 8 الى 12آلف ليرة ، كذلك الفواكه على اختلاف أصنافها، فقد سجل الكيلو منها بين 20 ألف للخوخ إلى 35 ألف للإجاص، أما الكارثة الحقيقية فتمثلت بأسعار خضار المونة، فقد سجلت البامية 35 ألف للكيلو والملوخية تجاوزت 25 ألف للكيلو الواحد، تبعتها البندورة التي تراوحت أسعارها ما بين 10 إلى 12 ألفا للكيلو، والبطاطا فقد بدأت أسعارها بـ11 ألف للكيلو، والفليفلة تبدأ من 7 آلاف صعودا حسب النوع والجودة، في حين تجاوز سعر كيلو الثوم 60 ألف ليرة سورية.

السيد أبو مرعي المهندس الزراعي وأحد مزارعي البندورة في قرية الخراب في ريف طرطوس أوضح لنا: أن تكاليف الزراعة هذا العام كانت مرتفعة جدا ومرهقة، ولاسيما الأسمدة والبذار والمبيدات والمحروقات شبه النادرة، إضافة إلى تكاليف النقل الكبيرة، وأجور الحراثة والعمل في الارض، كل هذه التكاليف لم يعوض منها الفلاح شيء، فما إن بدأ موسم القطاف حتى بدأ تجار سوق الهال بألاعيبهم بالأسعار حتى ماتت، وكما جرت العادة فالفلاح هو الخاسر الأكبر، ثم المواطن، لكن في هذه الأيام ارتفعت أسعار البندورة والسبب أن كمية الإنتاج الأكبر تأتي من قرى درعا، والبندورة الساحلية باتت في نهاياتها وخلال أسبوع تقريبا ستنتهي، والإنتاج انخفض وارتفعت الأسعار مؤخرا، ترافق مع جشع التجار، الذي أثر على جوع المواطن المفقر وعجزه عن تأمين مستلزمات بيته.

السيدة بسيمة مهندسة زراعية ولديهم لبيوت بلاستيكية في منطقة القلوع بريف حريصون بريف طرطوس بينت لنا وأضافت: كان واقع محصول البندورة للموسم الجاري على مستوى المحافظة محدود ومقبول، وأن تذبذب الأسعار يخضع للعرض والطلب، اضافة إلى ذلك أن هناك كميات من الإنتاج تذهب للتصدير، لكن محدودية المتاح من البندورة في السوق نتيجة نشاط حركة التصنيع والتصدير لمختلف الأسواق، كان له تأثيره الكبير، وهذا ما أدى الى زيادة الطلب بالأسواق المحلية، بالإضافة إلى مجموعة من الصعوبات المتمثلة بارتفاع قيمة مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والمبيدات والمحروقات والعبوات، وارتفاع تكاليف النقل وقلة اليد العاملة وخروج عدد ليس بالقليل من المزارعين التقليديين لتعرضهم للخسارة خلال المواسم السابقة، وفقدهم لمدخراتهم ومحافظهم المالية وتحولهم إلى أعمال أخرى، كما أن هناك آثارا سلبية خلفتها التغيرات، لكن المشكلة ليست بالعرض والطلب، بل بالتكلفة المرتفعة المترافقة مع معدلات استغلال منقطعة النظير من قبل حيتان أصحاب الأرباح على حساب الفلاح والمستهلك.

فالماضي كان المواطنون يعملون على تخزين مونة تفييدهم بأيام الشتاء، ولا يهم التخزين ولا بالتبريد، اما هذه الأيام حيث تحولت طرائق التخزين المنزلي الى عقوبة مهددة بفساد كل ما يمكن تموينه، وبما أن منازل الكثيرين تتأثر بواقع الكهرباء فهم يلجؤون لتخزين أشياء لا تحتاج كهرباء مثل المكدوس والبامية وغيرها التي أصبح صنعها عبئا كبيرا على المواطن، فهو يملك القليل ويكثر في الإنفاق، لذلك ميزانه التجاري خاسر فعلا، وحجم إنفاقه يفوق دخله.

السيد حسان وهو طبيب بيطري في منطقة القدموس قال مضيفا: القليل من المواطنين، من يستطيعون التخزين، حيث لجأ الكثيرون إلى تغيير المواصفات لتخفيف التكلفة كمثال وضع الفول السوداني بالمكدوس عوضا عن الجوز، واستبدال زيت الزيتون بالزيت التجاري والصويا وغيرها، كمثال وجود المادة مع تغيير المواصفات ليوهم المواطن نفسه أنه مستعد للشتاء ولديه عامل أمان معيشي للضرورات، وختم حديثه بملاحظة فحواها أنه ليس كل شخص قادرا على التحايل على الظروف الاقتصادية الحالية، حيث إنه لا يملك مقومات التحايل بالأصل، وحمل الطبيب حسان: مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى ضعف الإدارات التنفيذية والعاملة على الأرض، وبالوتيرة نفسها غياب الرقابة الحقيقية، وكذلك بعض التجار أصحاب النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال .

السيد طلال عضو مراقب في جمعية حماية المستهلك بالدريكيش، قال ان كثرة النفقات التي ترافق موسم المؤونة بسبب تزامنه مع افتتاح المدارس التي تثقل كاهل الآباء، حيث ارتفعت الأسعار مؤخرا نحو 80 إلى 100 بالمائة، مثل البندورة التي أصبحت حلما لمن يرغب بصناعة رب البندورة بعد أن وصل سعر الكيلو إلى ما يقارب ال 14 ألفا وهي غير صالحة للعصر، وكذلك المكدوس الذي يتطلب زيتا وغازا وجوزا وثوما وفليفلة، وجميعها ذات أسعار جهنمية، واعتقد ان التجار يتحملون مسؤولية ارتفاع الأسعار من خلال احتكار المواد، وغياب التدخل الحكومية  الإيجابي الحقيقي خلال موسم المؤونة من خلال تخفيض أسعار المواد أو بيعها بالتقسيط، وكذلك توريدها عن طريق الفلاح بدون وسيط، وانخفاض دخل المواطن مع التضخم الكبير بالأسعار.

السيد عبد الغفور وهو محامي من الشيخ بدر بريف طرطوس أشار الى النظام الضريبي حيث تعتمد فعاليته على تحقيق التوازن بين العدالة الضريبية وتجنب الجباية الجائرة، فالنظام الضريبي هو الأداة الحيوية والمرنة التي تستخدمها الحكومات ليس لجمع الإيرادات وزيادتها فقط، ولكن لتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية واسعة أيضا، وتصنف الضرائب التي تحصلها الدولة إلى نوعين رئيسيين، الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، ولكل نوع خصائصه وطرق تحصيله وتأثيره على الاقتصاد، فالضرائب المباشرة تفرض مباشرة على دخل أو ثروة الأفراد أو الشركات، فمن يدفع هذه الضرائب يتحمل عبأها المالي بشكل مباشر، أما الضرائب غير المباشرة فتفرض على السلع والخدمات وتدفع بشكل غير مباشر، فمن يدفع هذه الضرائب لا يتحمل العبء المالي بشكل مباشر بل يدفعه كجزء من سعر المنتج أو الخدمة، والفرق بين النوعين أن الضرائب المباشرة تؤثر مباشرة على دخل الفرد أو أرباح الشركة، بينما غير المباشرة تؤثر على تكلفة السلع والخدمات، وعلى مستوى التحصيل فالضرائب المباشرة غالبا ما تكون سنوية مثل ضريبة الدخل، بينما غير المباشرة يتم تحصيلها في كل مرة تشترى فيها السلع أو تستخدم الخدمات.