لكل السوريين

تداعيات قرار بايدن.. على الوضع في الولايات المتحدة وأوكرانيا والشرق الأوسط

مع إعلان الرئيس جو بايدن قراره بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية، تدخل الولايات المتحدة مرحلة جديدة ومهمة في تاريخها السياسي، ويمهد القرار الطريق لتغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية، ويفتح الباب أمام عدة أزمات داخل الحزب الديمقراطي، حيث يواجه تحديات كثيرة في اختيار مرشح قوي وقادر على الحفاظ على دعم الناخبين، وسيكون بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقه بسرعة كبيرة، وتحديد استراتيجية فعالة لجذب الناخبين والمحافظة على القواعد الانتخابية التي دعمت بايدن في الانتخابات الرئاسية السابقة.

وسيعطي السباق الانتخابي في غياب بايدن، فرصة للجمهوريين لإعادة تشكيل استراتيجياتهم في محاولاتهم لاستعادة البيت الأبيض.

ويتعين على المرشحين المحتملين تقديم رؤى مفصّلة وواضحة للمستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، حيث ستكون الأوضاع في الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة محط أنظار العالم الذي يترقب تطورات المشهد السياسي في أكبر ديمقراطية في العالم.

مشهد معقد

تواجه الولايات المتحدة فترة حرجة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، حيث تتداخل التحديات السياسية الاقتصادية والاجتماعية لتشكل مشهداً معقداً.

فعلى الصعيد الاقتصادي ماتزال مشكلة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ النمو في بعض القطاعات قائمة، ويتطلع الناخبون إلى سياسات تدعم العمال، وتضمن استمرار النمو الاقتصادي.

وعلى الصعيد الاجتماعي تجذب قضايا العدالة الاجتماعية اهتمام عدد كبير من الناخبين، بما في ذلك إصلاح جهاز الشرطة، ومكافحة العنصرية، وتأمين حقوق الأقليات، وتحسين نظام الرعاية الصحية والتركيز على كيفية الوصول إليها وتخفيض تكاليفها.

وعلى صعيد السياسة الخارجية تواجه الولايات المتحدة تحديات عديدة، بما في ذلك العلاقات مع الصين وروسيا، والأزمات في الشرق الأوسط، وسيتعين على واشنطن إعادة تأكيد التزاماتها تجاه حلفائها والعمل على تقوية التحالفات الدولية، التي تعرضت لبعض التوترات خلال الفترة السابقة.

وتفرض هذه القضايا على أي مرشح من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تقديم خطط واضحة للتعامل معها، وتلبية تطلعات الناخبين في هذه القضايا التي ستؤثر على الانتخابات ونتائجها.

فوز ترامب والوضع في أوكرانيا

من المتوقع أن يؤدي فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى تغيير جذري في سياسة واشنطن حول الحرب على أوكرانيا، حيث ينتقد الرئيس الأميركي السابق سياسة بايدن فيما يتعلق بدعم أوكرانيا، ويصف خصومه الديمقراطيين بأنهم “دعاة حرب”، ويقول لا يتحدث أحد عن حل للصراع في أوكرانيا، وإنه الوحيد الذي يمكنه إيجاد حل له خلال أربع وعشرين ساعة في حال كان في منصب الرئيس.

ويجدد تعهداته لحل هذا الصراع إذا فاز في الانتخابات، قبل توليه منصبه رسمياً.

ويشير إلى أن الرئيس بوتين يؤكد باستمرار استعداد روسيا للسلام، وأن أي مفاوضات يجب أن تأخذ في الاعتبار الواقع الجديد على الأرض، ومطالب روسيا الأمنية.

وذكر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنه لا يمكن ضمان الاستمرار بنهج إدارة الرئيس بايدن الحالية حول أوكرانيا إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة.

وقال في المنتدى الأمني ​​السنوي الذي عقد في معهد أسبن “بالطبع كل إدارة أميركية لديها القدرة على وضع سياستها الخاصة بها.. لا يمكننا أن نضمن المستقبل”.

فوز ترامب ومنطقة الشرق الأوسط

من المؤكد أن يؤدي فوز ترامب إلى تغييرات كبيرة في سياسة واشنطن تجاه منطقة الشرق الأوسط، حيث تشكل هذه المنطقة مركزاً حيوياً للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وقد تؤدي السياسات التي سينتهجها إلى تغييرات جذرية في مختلف المجالات في المنطقة.

فعلى صعيد العلاقات مع إسرائيل من المتوقع أن يعزز ترامب دعمه القوي لإسرائيل، كما كان الحال خلال ولايته السابقة، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل.

وقد تتعرض القضية الفلسطينية لمزيد من الضغوط، واحتمال تراجع دعم واشنطن لحل الدولتين وزيادة الدعم للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مما سيزيد من تعقيد عملية السلام ويؤدي إلى استمرار التوترات وتصاعدها.

ومن المرجح أن يعيد ترامب سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، بما في ذلك فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها، ومحاولة عزلها دولياً، وإعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني بشروط أكثر صرامة، أو التخلي عنه تماماً، مما سيؤدي إلى زيادة توترات المنطقة وتصعيد الأعمال العدائية بين البادين.

ومن المتوقع أيضا أن يعزز علاقاته العسكرية مع دول الخليج، ويدعم سياساتها لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما سيزيد من التوترات الإقليمية.

وقد يتبني موقفاً أكثر انعزالية فيما يتعلق بالصراعات في سوريا وعليها، ويتجنب التورط المباشر فيها، مما سيؤدي إلى استمرار وتفاقم حالة عدم الاستقرار فيها.