لكل السوريين

تكاليف الدراسة الجامعية الباهظة ترهق الطالب وأهله بطرطوس واللاذقية

تقرير/ أ ـ ن

في سلسلة من التقارير حول أحوال الطلبة في الجامعات الحكومية والخاصة بطرطوس واللاذقية، اكثرية الطلاب والطالبات يحاولون النجاح وتحقيق الأحلام في درب معاناة يرون نهايته بالهجرة خارج البلاد.

وبعد ان اصبحت الدراسة الجامعية في الجامعات الحكومية المجانية، حلما صعب المنال، يحصل عليه البعض رغم الضغط الكبير والأعباء المادية الكبيرة التي تتحملها الأسر السورية في سبيل تعليم أبنائها، ومنحهم فرصة الخلاص والسفر بعد التخرج، وخاصة بعد مستويات التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع التعليم في الجامعات، أسباب أدت إلى تحميل الطلاب في الساحل السوري وذويهم تكاليف باهظة، رغم مجانية التعليم الجامعي الحكومي، الذي أصبح صعب الحصول عليه لكثير من الفقراء وذوي الدخل المحدود.

السيد عمر من مدينة القدموس بريف بانياس، وهو طالب في السنة الرابعة بكلية طب الأسنان في جامعة طرطوس، ومع كثرة الأدوات التي يحتاجها وأسعارها المرتفعة، ولان السنة الرابعة تشكل بداية العمل السريري، مما يجبر الطالب للحضور والدوام كل أيام الأسبوع، لكن أجور المواصلات تصل إلى نحو18آلاف ليرة يوميا، أي نحو ما يقارب النصف مليون شهريا، لكن المبلغ رغم ارتفاعه يبقى أقل من الإيجارات باللاذقية ومصاريف الطعام، في حال انتقاله للعيش هناك، لكن أجور المواصلات تبقى أخف التكاليف قياسا بالمتطلبات الأخرى، فإنه اشترى القبضة بمبلغ 700 ألف، ومع المواد الأخرى التي يحتاجها للعمل السريري وصل المجموع إلى 3 مليون ليرة، كذلك يحتاج قبل تنفيذ أي جلسة سريرية إلى كفوف وأفلام أشعة وأمبولة تخدير بكلفة 40 ألف ليرة، وفي الفصل الثاني يحتاج الطالب في السنة الرابعة بكلية طب الأسنان، لعمل تتويج او تلبيسة، بكلفة تصل إلى 300 ألف ليرة ، إضافة إلى بدلة جزئية لا تقل كلفتها عن 200 ألف ليرة، يشار الى ان الأسعار متغيرة تبعا لسعر الصرف، وهي ليست ثابتة، كما أنها لا تشمل احتياجات الطالب خلال الدوام الطويل، وغالبية الطلاب يلجؤون للتوفير، إما بإحضار طعامهم معهم أو بالانتظار ريثما يصلون منازلهم.

الانسة هند تعاني من ضغط كبير، وتحاول التركيز على دراستها في السنة التحضيرية للكليات الطبية، فالفشل ليس خيارا بظل المصاريف الكثيرة التي تتكبدها عائلتها لإتمام دراستها في جامعة تشرين الحكومية باللاذقية، وتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة أطفال، لكنها اضطرت للجوء إلى الاشتراك بأحد التطبيقات التعليمية مع زميلة وزميل، لتوفير تكاليف الدراسة، المرتبطة بمصاريف النقل والإقامة بين منزل عائلتها في جبلة واللاذقية، وتمنح التطبيقات التي انتشرت في السنوات الماضية، الوصول إلى تسجيل مصور للمحاضرات الخاصة بالمقررات الجامعية، حيث اشتركت بالكود المشترك،  يجمع مواد الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، بقيمة 500 ألف ليرة سورية للفصل الواحد، وان التطبيقات وفرت أجور النقل للوصول إلى الجامعة، فالحضور اليومي يعني أن الدفع شهريا ما لا يقل عن 80 ألف ليرة. إضافة إلى ذلك فإن التطبيق يمنح حضور المحاضرات المسجلة عدة مرات، ما يجعل المعلومة تترسخ أكثر، وان المحاضر في الجامعة يعطي فصلا كاملا بمحاضرة لا تتجاوز مدتها الساعتين، وبالتالي من الصعب على الطلاب فهمها بالشكل الأمثل، وبالتلي فإن الاعتماد على التطبيقات وحضور المحاضرات أون لاين، والدوام ليوم واحد كل أسبوع لحضور العملي، سيخفف عن الطلاب أعباء أجور المواصلات والمصاريف الشخصية داخل الجامعة من مياه وطعام، يذكر انه قد كلف التسجيل بالسنة التحضيرية، للطلاب، ما يقارب ال  400 ألف ليرة، ما يعادل 45 ألف ستدفع للبنك التجاري، ومصنف التسجيل مع تصوير المستندات 30 ألف ليرة، والصور الشخصية 30 ألف ليرة، إضافة إلى الكتب 150 ألف ليرة، والمريول الأبيض 15-200 الف ليرة، وجميع الطلاب ابدوا مخاوف حقيقية من استمرار ارتفاع الأسعار ورسوم التسجيل في الجامعة، وتتشارك مع اهاليهم القلق من احتمالية عدم القدرة على إتمام الدراسة وتحقيق الحلم، فوالدا الانسة هند موظفان حكوميان براتب لا يتجاوز الـ500 ألف ليرة لكليهما، وتعتمد العائلة في المعيشة على منزل آخر تمتلكه وتقوم بتأجيره، ثم إن شقيقتها الثانية في الثانوية العامة هذا العام، وبالتالي سيزداد الضغط المادي مع دخولها الجامعة العام القادم، وينشغل غالبية الطلاب الجامعيين في الساحل السوري بهموم المعيشة، في الوقت الذي يجب أن ينشغلوا فيه بالمستقبل وتحقيق الأحلام والطموحات، ما يزيد الضغط النفسي عليهم.

.

السيد جعفر طالب سنة ثالثة هندسة اتصالات، توفر على عمل بتدريس طلاب المرحلة الثانوية مادة الرياضيات، بمعدل 5 ساعات أسبوعيا تضمن له دخلا يعينه على تغطية جزء من تكاليف دراسته، ولا يستطيع الدراسة من المحاضرات عبر الموبايل، لأن جهازه ليس حديثا، ولا يمتلك المال الكافي لشراء هاتف جديد لا يقل ثمنه عن 5 مليون ليرة، لذا فهو مضطر لشراء المحاضرات بكلفة 100 ألف ليرة وسطيا لكل مادة من المقررات الجامعية التي يدرسها، كذلك هناك حلقات البحث بكلفة 10 آلاف ليرة لكل واحدة منها، كما أنه يحتاج لحضور حصص دراسية في معهد خاص، كون الأستاذ الجامعي يدرسهم 50 صفحة بحصة واحدة، فيحتاج لحضورها في معهد خاص، بكلفة تتراوح بين 70 إلى 140 ألف ليرة لكل مادة، كذلك فهو يحتاج إلى أجور مواصلات، والمشكلة أن فرعه العلمي يتطلب منه حضورا شبه يومي، وأن كثر من زملائه لا يتمكنون من الدوام اليومي نتيجة أجور المواصلات، وأن بعض الأساتذة الجامعيين يتغاضون عن الأمر والبعض الأخر، يخفض 8 علامات نتيجة الغيابات المتكررة عن المحاضرة.

ويختلف الحال في الكليات الأدبية التي يستطيع الطلاب فيها الغياب والدراسة من المنزل والاكتفاء بحضور الامتحانات، كما في كليات التاريخ واللغة العربية والجغرافيا وغيرها، إلا أنهم مضطرون لشراء المحاضرات بشكل أسبوعي لمتابعة دروسهم.