لكل السوريين

الحرب المدمرة الأسوأ في السودان تدخل عامها الثاني

دخلت المواجهات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثاني دون وجود أي بارقة أمل لإنهاء هذه الحرب التي هددت وحدة السودان ونسيجه الاجتماعي، وحوّلت أكثر من ربع مواطنيه إلى نازح أو لاجئ.

ومع عدم قدرة أي من الطرفين على حسم المعركة عسكرياً، واتساع نطاق المواجهات العسكرية بينهما، وغياب أي حل للأزمة في المدى المنظور تدخل البلاد في حالة خطيرة وقاتمة.

ويصف معظم الخبراء هذه الحرب بأنها أسوأ أزمة في العالم وأكثرها تعقيدا وقسوة، إذ أدّت إلى مقتل أكثر من 14000 شخص، ولجوء أكثر من مليون إلى دول الجوار، وألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية للبلاد.

وترافقت مع انتهاكات واسعة النطاق ترقى بعضها إلى جرائم حرب، كما أشارت منظمات حقوقية دولية وإقليمية مختلفة.

وتجعل هذه الحرب وتعقيداتها المستقبل مفتوحاً على كافة الاحتمالات الخطيرة، كما ينذر استمرارها وتوسع رقعتها وتعدد أطرافها، بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية تدمّر ما تبقى من اقتصادها، وقد تقود إلى تقسيمها.

ويرى مراقبون أن سيناريوهات مستقبل السودان رهينة بمسار الحرب وكيفية وقفها الحرب، والرؤية السياسية لإنهائها.

ويرجحون تفكك البلاد ما لم يتداعى السودانيون بكافة أطيافهم إلى حوار لا يقصي أي طرف من أجل وقف الحرب، ومناقشة القضايا التأسيسية للدولة.

دمار المنشآت الاقتصادية

أكد مسؤول في وزارة التجارة السودانية توقف ما لا يقل عن ألف منشأة اقتصادية عن العمل منذ اندلاع الحرب بسبب تدميرها كلياً أو جزئياً، حسب متابعات الوزارة والجهات ذات الصلة.

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية عن حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب، يؤكد المسؤول في الوزارة أن مؤشر التقدير الأولي انتقل من عشرين مليار دولار خلال الشهرين الأولين للحرب إلى أكثر من مئتي مليار دولار مع بداية العام الحالي.

ويقول المحلل الاقتصادي السوداني هيثم محمد فتحي، إن الصادرات السودانية تراجعت بنحو ستين بالمئة مع إغلاق مطار الخرطوم.

ويلفت فتحي إلى أن توقف العمل بمعظم الموانئ الجافة ونقاط التجارة الحدودية بسبب الحرب، قد قلل من صادرات البلاد إلى حد كبير، وأدى إلى تراجع عائداتها من العملات الصعبة.

ويشير إلى أن الذهب أهم صادرات السودان، حيث تعادل صادراته أكثر من نصف صادراتها،

قد تراجع إنتاجه من 18 طناً إلى طنين، مما أفقدها أهم عائداتها.

وفي السياق، حذًرت الأمم المتحدة من أن “الحرب والجوع يهددان بتدمير السودان بالكامل”.

وذكر برنامج الأغذية العالمي أن هذه الحرب “قد تخلّف أكبر أزمة جوع في العالم في بلد يشهد أساساً أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي”.

حرب مختلفة

شهد تاريخ السودان المعاصر أطولَ حرب في قارة إفريقيا، وهي حرب الجنوب التي استمرت زهاء خمسين عاماً توقفت خلالها عام 1973، لعقد من الزمان، حيث تم توقيع اتفاق أديس أبابا بين المتحاربين.

وما لبثت أن اندلعت مرة أخرى في العام 1983، واستمرت لأكثر من ثلاثة عقود، وتوقفت في أعقاب توقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005، بجمهورية كينيا.

ولكن الصراعات والحروب التي شهدها السودان في تاريخه، لم يكن الاصطفاف القبلي والإثني حاضراً فيها بمثل ما هو حاضر في هذه الحرب.

وكانت هذه الحروب تدور بشكل رئيسي خارج المدن، ولذلك كان الريف السوداني والمناطق الهامشية هي الأكثر تأثراً وضرراً في كل تلك الحروب.

غير أن الحرب الحالية التي اندلعت في شهر نيسان من العام الماضي، دارت في أكثر من ولاية ومنطقة ومدينة، وكان أثرها كبيراً على سكان هذه المناطق.

وكانت ذات طبيعة مختلفة عن كل الحروب التي سبقتها، حيث شهدت متغيرات غير مسبوقة سيترتب عليها نتائج مختلفة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولعل المتغير الأهم الذي سيكون تأثيره كبيراً في المستقبل القريب والبعيد، هو البعد الإثني والجهوي لهذه الحرب، وقد يهدد بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية مدمرة.

يذكر أن مجلس الأمن الدولي حذّر في جلسته الطارئة التي عقدت بنيويورك، من أن الوضع على الأرض يتجه نحو طريق مسدود وصراع طويل الأمد يؤدي إلى انهيار السودان وتطال تداعياته المنطقة ككل.