لكل السوريين

في رمضان هذا العام.. موائد أهالي وسط سوريا خاوية

حماة/ جمانة الخالد

يشكل رمضان شهرا مميزا في العديد من الثقافات والبلدان ويعتبر الإفطار فيه فرصة لتقديم الأطعمة اللذيذة والمتنوعة للعائلة والأصدقاء ولكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، بات من الصعب على العديد من الأسر في حماة الاستمرار في إعداد الأطباق المألوفة التي كانت لا تفارق موائدهم في رمضان.

اعتادت عوائل على تحضير الأطعمة الجانبية على السفرة ومنها السمبوسك والمعروك وأنواع من المشاريب كالتمر الهندي والبرتقال فهذه الأطعمة تزين المائدة وتفتح الشهية بالإضافة لألوانها الرائعة على المائدة، ولكن رمضان جاء هذا العام في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة يعاني منها الجميع فالأسعار مرتفعة جدا وبطبيعة الحال لا يوجد بدائل لدى الأهالي من أجل الاعتماد عليها.

وأثرت الحرب على السوريين ونالت من التقاليد الأسرية والاجتماعية الخاصة برمضان، فيما خيمت الأزمة الاقتصادية والمعيشية على ما تبقى من بهجة الموائد وعادات الأكل والشرب، التي تغيّرت بشكل كبير خلال فترة قصيرة جداً لتتناسب والموارد المالية المحدودة.

ومن بين الوجبات التي ربما تكون قد اختفت من المائدة الرمضانية هذا العام للكثير من أهالي حماة هي الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم والدواجن التي تكون مكلفة جدا وبشكل خاص في الوقت الحالي حيث ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات قياسية بحيث وصل سعر الكيلو الواحد من لحم الخاروف مئة ثمانين ألف ليرة سورية.

فكرة البركة وتعداد أصناف الأطعمة والحلويات في الموائد الرمضانية، تكاد تشكّل جوهر عادات شائعة في رمضان، لكن هذه البركة تراجعت على مر السّنوات، حتى أصبحت اليوم حكراً على فئة من ميسوري الحال، في ظل الهوّة الشاسعة بين المدخول والأسعار.

رغم أن العديد من الأسر تحاول الاحتفاظ بعاداتها الغذائية التقليدية وإعداد الوجبات المتاحة بميزانية محدودة ويتم استبدال اللحوم الحمراء بالبيضاء واللحوم البيضاء بالزيت كالفلافل والحمص و شوربة العدس وهي مأكولات غنية بالطاقة والبروتين وذات أسعار معقولة بالإضافة أنها مصدر جيد للطاقة والتغذية.

يمكن أن يكون الغلاء هو أحد العوامل التي تؤدي إلى صعوبة الحصول على وجبات كاملة ولكنه ليس العامل الوحيد، فهناك التدهور الاقتصادي وعدم التوزيع العادل للدخل بالإضافة لاختلاف مستويات الدخل بين الفئات الاجتماعية المختلفة.

ويمكن أن يؤثر نمط الحياة وعادات التغذية على تكلفة الوجبات، فمن الأفضل تناول وجبات صحية ومتوازنة وهذا غالبا ما يتطلب شراء مكونات طازجة وصحية وهذا يترتب عليه تكاليف أعلى بشكل عام، ولكن من الممكن تقليل تكاليف الطعام من خلال التسوق الذكي والاستفادة من العروض الترويجية خلال شهر رمضان المبارك والأهم من ذلك هو شراء الخضار الموسمية والبحث عن وصفات بسيطة واقتصادية للطهي بدلا من شراء الوجبات الجاهزة.

وتعتبر اللحوم والحلويات، من أهم الأصناف الغائبة عن الموائد السورية في رمضان، فالسوريون الذين استبدلوا سابقاً لحوم الأغنام والعجول بالدجاج لرخصه، استبعدوا اليوم هذا الصنف أيضاً بعد أن وصلت أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة، تفوق قدرة شرائح كبيرة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود على اقتنائها.

لكن يجب أن يتذكر الناس أن الأكل الصحي والمتوازن لا يتطلب دائمًا الكثير من المال، فيمكن تحضير الوجبات اللذيذة والمغذية بأسعار معقولة، ويمكن العثور على العديد من الوصفات المثيرة للاهتمام على الإنترنت وفي الكتب، كما يمكن تجميع أطباق المائدة الرمضانية من الأطباق القديمة والجديدة، وإدارة ميزانية المائدة بحكمة لتحقيق التوازن المطلوب بين الكم والنوعية.

فيما مضى، عرف عن السوريين أنهم يقسمون شهر الصوم إلى ثلاثة أعشار: الأول للمرق والثاني للخرق والثالث لصر الورق.

في العشر الأول كان الناس ينهمكون بطعام رمضان وموائده المتنوعة، حيث تهتم الأسرة السورية بتقديم ما لذَّ وطاب من أصناف وألوان الطعام التي يشتهر بها المطبخ السوري التقليدي.

أما العشر الأوسط من شهر رمضان فهي “للخِرَق” أي لشراء ثياب وكسوة العيد ولوازمه؛ حيث كانت الأسواق السورية تكتظ بالمتسوقين، فيجد الجميع ما يرضي أذواقهم ويتناسب مع دخولهم.

العشرة الأواخر من شهر رمضان لـ “صر الورق”؛ حيث تنهمك النسوة بإعداد حلوى العيد، خصوصاً المعمول المحشو بالجوز أو الفستق الحلبي.

اليوم، بات من الصعب على معظم العائلات السورية مجرد التفكير بذلك؛ فالفقر تجاوز كل الحدود في ظل تراجع دراماتيكي لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار الذي لامس عتبة ١٥ ألف ليرة للدولار الواحد.