لكل السوريين

يوم المرأة العالمي.. التاريخ، والمفاهيم، والمعاناة

حاورها/ مجد محمد

يصادف يوم المرأة العالمي تاريخ الثامن من شهر مارس/آذار من كل عام، وهو عطلة وطنية في العديد من البلدان، ويقام تكريماً لإنجازات المرأة، وتعزيزاً لحقوقها، وقد اعتمد هذا اليوم من قبل الأمم المتّحدة منذ عام ١٩٧٥، حيث ظهر في مطلع القرن العشرين في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، ومنذ ذلك الوقت أصبح يوم المرأة تاريخاً عالمياً خاصاً بالنساء في جميع بلدان العالم.

ويعد يوم المرأة العالمي مناسبة يحتفل فيها بالتقدم نحو ضمان حق المرأة في المساواة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تمكينها، والاعتراف بإنجازاتها، ولهذا تهتم المنظمات العالمية مثل اليونسكو في تعزيز جميع المجالات التي من شأنها تحقيق المساواة بين الجنسين، وإلى جانب ذلك أصدر ميثاق الأمم المتحدة في عام ١٩٤٥، وهو أول اتفاق دولي يؤكد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومنذ ذلك الوقت ساهمت الأمم المتحدة بوضع الاستراتيجيات، والمعايير، والأهداف المتفق عليها دولياً من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.

وبهذه المناسبة، وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع العضو في جمعية نون النسوة المهتمة بشأن المرأة، المحامية وسن الدباغ، ودار الحوار التالي:

*أستاذة وسن مرحباً بك بداية، ومبارك لك هذا العيد، تاريخياً ما الأحداث المهمة التي وصلتنا لتحديد يوم عالمي للمرأة؟

أهلاً بك، احتفل العالم لأول مرة باليوم العالمي للمرأة في ٢٨ شباط/فبراير ١٩٠٩ وتحديداً في مدينة نيويورك، وبعد ذلك بعامين، اقترحت الاشتراكية الألمانية “لويز زيتز” أن تصبح العطلة يوماً يتم الاحتفال به كل عام من أجل الاحتفال بقضايا المرأة المختلفة، والتي منها حق الاقتراع، وذلك من أجل تعزيز المساواة في الحقوق للمرأة، واحتفلت النساء بأيام المرأة العالمية الأولى بطريقة مختلفة عما تحتفل به في الوقت الحاضر، حيث كانت تحرص الكثير من النساء على تنظيم مئات المظاهرات في أوروبا، ليطالبن بمنحهن الحق في التصويت وتولي المناصب العامة، وكانت من ضمن القضايا التي حاربت المرأة من أجلها هي التمييز على أساس الجنس في العمل، والتي كانت تطالب بإلغائها كل يوم عالمي للمرأة، وفى عام ١٩١٧، ساعدت مظاهرات يوم المرأة العالمي في سانت بطرسبرج بروسيا على بدء ثورة شباط/فبراير، عندما سارت النساء في المدينة مطالبات بإنهاء الحرب العالمية الأولى، وفي عام ١٩٧٧ كان يحتفل بيوم المرأة العالمي بشكل رئيسي في البلدان الاشتراكية، وذلك بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان يوم ٨ آذار/مارس يوم المرأة العالمي، ومن هنا اكتسبت العطلة شعبية في جميع أنحاء العالم، وباتت تحتفل به الدول بشكل سنوي من خلال استعراض إنجازات المرأة في المجالات المختلفة، والبحث عن القضايا النسائية لإيجاد حلول لها.

*أين تكمن أهمية اليوم العالمي للمرأة؟

تكمن أهمية اليوم العالمي للمرأة في تسليط الضوء على الإنجاز الذي حققته البشرية في تمكين المرأة وحصولها على حقوقها في مختلف بلدان العالم، وتشجيع المبادرات المختلفة لتحقيق إنجازات أكبر في مجال حقوق المرأة وعلى نطاق أوسع، بالإضافة إلى دور هذا اليوم في تقدير النساء اللواتي لعبن دوراً استثنائياً في تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن.

*ما هي أهداف اليوم العالمي للمرأة؟

في جميع أنحاء العالم يحتفل الناس باليوم العالمي للمرأة كمناسبة دولية لتكريم النساء، وخاصة المرأة العاملة التي تلعب دوراً فاعلاً ومتقدماً في مجتمعها، لهذا السبب يحتفل العالم باليوم الذي منح فيه النساء حق العمل والتعبير عن أنفسهن في المجتمع، وهذا ما يعرف باليوم العالمي للمرأة، أما الأهداف وغايات كثيرة ومختلفة من مجتمع إلى آخر، ولكن يتخلص معظمها إنها تسعى لتحقيق المساواة بين النساء والرجال في حقوقهم السياسية والاجتماعية، وأما في الواجبات التي تفرض على كل منهما، وكذلك أيضاً في توحيد الأجور بحسب عدد ساعات العمل سواءً للرجال أو النساء، وهدفه أيضاً أن يقدر الإنجازات والمساهمات التي قدمتها المرأة العاملة، والقضاء على ظاهرة تعنيف وقمع النساء، وكذلك تهدف الجهود إلى القضاء على التحيز والتفرقة التي يتعرض لها النساء، وخاصة في المجتمعات الفقيرة وذات التهميش الشبه كامل.

*في الحديث عن يوم المرأة العالمي، لا بد لنا من التطرق بشكل بسيط حول العنف الممارس ضدها، لمحة عنه وآثاره؟

العنف ضد المرأة يقوم على التعصب للجنس، ويؤدي إلى إلحاق الأذى بها على الجوانب الجسدية، والنفسية، والجنسية، ويعد تهديد المرأة بأي شكل من الأشكال، وحرمانها، والحد من حريتها في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات العنف، ويشكل العنف ضد المرأة انتهاكاً واضحاً وصريحاً لحقوق الإنسان، فهو يمنعها من التمتع بحقوقها الكاملة، ويجدر بالذكر أن عواقب العنف ليس على المرأة فقط، بل تؤثر أيضاً على الأسرة والمجتمع بأكمله، وذلك لما يترتب عليه من آثار سلبية اجتماعية، واقتصادية، وصحية وغيرها، والعنف ضد المرأة لا يرتبط بثقافة، أو عرف، أو طبقة اجتماعية بعينها، بل هو ظاهرة عامة، وأما آثاره فكثيرة وعلى مستويات عدة، صحية، ونفسية، واجتماعية، واقتصادية، فيمكن أن ينجم عن العنف ضد المرأة العديد من الإصابات، بالإضافة إلى الصداع، وآلام في الظهر والبطن، واضطرابات في الألياف العضلية والجهاز الهضمي، ومحدودية الحركة، واعتلال الصحة بشكل عام، ويمكن أن تشمل الآثار النفسية للعنف ضد المرأة الإصابة بالاكتئاب، والشعور بالإجهاد، ومشاكل في النوم، واضطرابات في الأكل، كما يمكن أن يقود المرأة أحياناً إلى محاولات الانتحار، وأيضاً يشكل العنف ضد المرأة عائقاً أمام مشاركتها في الأنشطة المنتظمة، فقد تعاني النساء نتيجة العنف من العزلة، وعدم القدرة على العمل، وبالتالي فقدان الأجر، كما يمكن أن ينتج عن العنف عدم تمكن المرأة من الاعتناء بنفسها وأطفالها بالشكل الصحيح.

*كيف يمكننا الوقاية من العنف الممارس ضد المرأة؟

يجب تعزيز جانب التصدي للعنف الممارس ضد المرأة، إذ تبدأ الوقاية منه عبر المناهج الدراسية التي يجب أن تضم برامج للتعريف بالعنف والاستجابة له، بالإضافة إلى اتباع عدة وسائل، ومنها الخطط الاقتصادية التي تمكن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع، والاستراتيجيات التي تعزز المساواة بين الرجل والمرأة ومهارات التواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى البرامج التي توضح ضرورة قيام العلاقة بين الأزواج وداخل المجتمعات على مبادئ الاحترام، كما يجب أيضاً التصدي للعنف ضد المرأة من خلال تصويب القواعد الثقافية الخاصة بنوع الجنس، وتنمية استجابة القطاع الصحي لحالات العنف، ونشر الوعي حول هذا الموضوع.

*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحبي أن تضيفيها، المجال مفتوح لك..

في الختام أتقدم بالتهاني والتبريكات لجميع النساء في سوريا والعالم بأجمعه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يعتبر بمثابة عيد بالنسبة لنا، واحثهن على الاستمرار في السعي لنيل جميع حقوقهن، وكذلك المؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة يجب عليها التركيز أكثر على موضوع حماية المرأة، فلا حقوق وحرية للمرأة من دون أن يكون لها حماية وخصوصاً في المنطقة التي لاتزال حتى الآن تتغنى بمفاهيم قبلية معادية للمرأة.