لكل السوريين

في ظل الحرب على غزة.. هل أصبحت أزمة السودان منسية

تحقيق/ لطفي توفيق

في خضم الاهتمام العربي والدولي المتزايد بالحرب الدائرة في غزة، بين إسرائيل وحركة حماس التي دخلت شهرها الخامس، يرى الكثير من السودانيين أن العالم بات يغمض عينيه عن المأساة المتصاعدة في بلادهم من فقر ومجاعة وتدهور الظروف المعيشية على كل المستويات، إلى جانب مآسي مخيمات اللاجئين السودانيين الذين فروا من الحرب الدائرة في البلاد إلى الدول المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا.

وغابت أخبار المأساة السودانية عن عناوين الصحف الكبرى والمنابر الإعلامية الأخرى.

ووصفت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الوضع في السودان بقولها “بعيداً عن أعين العالم وعن عناوين الأخبار، يستمر الصراع في السودان بالتفاقم، وتتكشف فصول أزمة إنسانية تفوق التصور في مختلف أنحاء البلاد، بينما يدفع الصراع بعدد متزايد من الأشخاص إلى النزوح عن ديارهم إثر احتدام القتال”.

وقالت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للمنظمة الدولية في بيان لها إنها “تلقت تقارير عن وفاة أشخاص بسبب الجوع في السودان، حيث يعيق القتال توزيع المساعدات والإمدادات الغذائية، على الأشخاص الأكثر جوعا”.

المجاعة تهدّد السودان

تزايدت تحذيرات المنظمات الدولية من مخاطر الجوع في السودان، وقالت الأمم المتحدة إن “نحو 25 مليون سوداني باتوا يحتاجون إلى مساعدة، بينهم 18 مليوناً يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد”.

من جهتها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة من الأخطار المحدقة بأطفال السودان وقالت “من دون دعم دولي إضافي يرجّح أن يموت عشرات آلاف الأطفال في السودان”، وأكدت أن  700 ألف طفل في السودان عرضة لأخطر صور سوء التغذية.

وفي بداية شهر شباط  الجاري، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن طفلاً واحداً على الأقل يموت كل ساعتين في مخيّم زمزم بدارفور، حيث يعيش حوالي نصف مليون نازح.

وقالت إن “الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد ولم يموتوا بعد، يواجهون خطر الموت خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أسابيع إذا لم يحصلوا على علاج”.

وكانت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، قد أكدت أنها تعجز عن وصف الفظائع التي تحدث في السودان، وأشارت إلى أن “الأطفال علقوا في مرمى النيران، وتعرضت فتيات صغيرات لاغتصاب أمام أمهاتهن”.

هواجس من اللاجئين

يبدو أن وسائل الإعلام الغربية لا تهتم بحياة السودانيين أكثر من اهتمامها بقضية تدفق اللاجئين السودانيين إلى الغرب، حيث بدأ العديد من الدول الغربية يدق ناقوس الخطر من تلك المشكلة، وساهمت وسائل الإعلام الغربية بالترويج لذلك الخطر وتضخيمه.

وعندما حذّرت رئيسة وزراء إيطاليا من مخاطر تدفق هؤلاء اللاجئين إلى بلادها، تسابقت هذه الوسائل على نشر تحذيراتها، والتعليق على حديثها لوزراء حكومتها إذ قالت “لا يتوقف اللاجئون السودانيون طويلاً في مصر، بل يتجهون إلى ليبيا ومنها يأتون إلينا”.

وكانت صحيفة التايمز البريطانية، قد قالت في تقرير لها، إن ما يقرب من 8 ملايين سوداني، أجبروا على ترك منازلهم، بسبب أعمال العنف، التي بدأت مع بداية الصراع العسكري بين الجيش، وقوات الدعم السريع، في نيسان من العام الماضي، حيث فر 1.6 مليون إلى دول، من بينها جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، في حين عبر نحو 450 ألفا إلى مصر.

ونبّهت الصحيفة إلى أن أعداد كبيرة من هؤلاء النازحين ستحاول التوجه إلى الدول الأوروبية.

أزمة منسية

حظي الصراع الذي تحول إلى حرب واسعة النطاق في السودان بتغطية متواضعة من وسائل الإعلام الغربية، إذ “ينظر إليه على أنه أقل أهمية من الحروب في قطاع غزة وأوكرانيا”. حسب مجلة نيوزويك الأميركية.

وقللت التغطية الإعلامية الغربية الضعيفة لهذه الحرب من فرص إطلاق مبادرات سلام تضع حداً للحرب المدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وبدت مواقف الغرب تجاه الوضع السوداني غامضة، حيث نادراً ما كتبت تقارير حول التحديات التي تشكلها الحرب فيه على الدول الأفريقية بشكل عام، وعلى الدول غير المستقرة في منطقة الساحل وشرق وشمال أفريقيا بشكل خاص.

وفي ظل تراجع الاهتمام الدولي بالوضع السوداني، وتحوّل الحرب فيه إلى أزمة منسية، يبقى الشعب السوداني ضحية للحرب المدمرة والجوع والدمار وتهجير المزيد من السودانيين إلى خارج وطنهم، أو نزوحهم إلى مناطق آمنة فيه.