لكل السوريين

نساء سوريا ما زلن يعانين جمود القانون السوري وانحيازه ضدهن

تقرير/ جمانة الخالد

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، تقديم فتاة في حماة بادعاء شخصي إلى المحامي العام الأول في المحافظة مطالبةً إياه بإنصافها جراء قيام والدها بسجنها مرات عدة خلال الشهر بشكاوى كيدية.

وبحسب المحامية، فإن الشكوى الكيدية على الفتاة تتكرر أكثر من مرة في الشهر بحجج مختلفة، ودائماً يتم أخذ الفتاة إلى الشرطة للتحقيق معها.

وأضافت المحامية دنيا أن الفتاة التي تقدمت بادعاء للمحامي العام الأول، أوضحت أن زوجة والدها (60 عاماً) تشتكي عليها تارةً بالسرقة وأخرى بالذم والقدح وثالثة بالضرب، بهدف إيداعها السجن وبالتالي إخراجها من منزل والدها البالغ من العمر 80 عاماً، والذي يرافق زوجته في شكواها.

لكن المشكلة لا تقتصر على تلك الفتاة ففي كل مناطق سوريا، تسجل حالات تعنيف وقتل للنساء، حيث تعشن ضمن منظومة ديكتاتورية تواءمت مع السلطة الدينية والمجتمعية.

هناك اختلاف في قضية تلك الفتاة لكنها واحدة من أشكال التعنيف لنساء سوريات، تصل بعض الحالات إلى القتل، لا سيما أن طبيعة المجتمع السوري محافظاً ويعتمد العادات والتقاليد، فهناك الكثير من النساء قتلن بسبب جرائم شرف وأحياناً دون محاولة التأكد حيث يكتفى بالكلام.

يعتبر المجتمع السوري بمجمله مجتمعاً قبلياً في منظومته، ويتعامل بشدة مع موضوعات مرتبطة بالنساء إذا يربط السمعة والشرف بمدى حفاظ نساءه عليه.

وعدا عن أن مثل التعديات على النساء تكشف كارثة مجتمعية، فإنها تعرّي قصور “القانون السوري”، إذ تعدّ الجرائم بدعوى “الشرف” “مشرعنة قانونياً، كون يُعاقب القاتل بالسجن فقط، بمدة حسب تقدير القاضي”.

ربما الفتاة استطاعت مواجهة عائلتها لكن هناك الكثير من القصص دُفنت بالتكتم عنها، وهذا من شأنه أن “يشجع على مزيد من هذه الجرائم، لأن التكتم على الجريمة يثبت للمجرمين إمكانية الإفلات من العقاب”.

إضافة إلى التكتم على الجرائم المرتكبة بحق النساء، والتي تكشف مشكلة مجتمعية متجذرة، كان قانون العقوبات السوري قبل عام 2009، يتيح للقاتل الاستفادة من “العذر المحل”، التي نصت عليه المادة 548، التي تنص على أنه “يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد”.

وبموجب نفس المادة من قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148، يستفيد من “العذر المخفف” مرتكب القتل أو الأذى “إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر”.

وفي تعديل المادة 548 لعام 2009، حُذف “العذر المحل”، لكن أبقي على “العذر المخفف” على “ألا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل”.

ألغيت المادة كلياً في آذار / مارس 2020، وبالتالي يُحال القاتل إلى القضاء بجريمة “القتل القصد”، لكن قد يمكنه الاستفادة من المادة 192 التي تشير إلى إمكانية تخفيف حكم القتل العمد “إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفاً”، وتنص المادة في إحدى جزئياتها على أنه يمكن أن يحكم بـ”الحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل”.

ومع أن العنف ضد النساء ليس جديداً في المجتمع السوري، إلا أن زيادة مثل هذه الجرائم في الآونة الأخيرة قد يكون بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وابتزاز النساء وتهديدهن والإيقاع بهن، وغياب القانون، وانتشار السلاح، وحالة الحرب والنزاع التي تشهدها البلاد.

كما أن جهود المنظمات والجمعيات النسوية لا يكفي لمنع العنف الأسري، خاصة في ظل عدم وجود لجان حقوقية قادرة على الاستجابة السريعة وحماية النساء اللواتي يتعرضن للتهديد، والسبيل القانوني الوحيد هو أن تلجأ المرأة إلى القضاء لحمايتها، لكن قد تتعرض المرأة في هذه الحالة إلى ضغوطات من قبل محيطها أو عائلتها، كما حال الفتاة.