لكل السوريين

مواجهة مبكرة بين رئيس النظام التركي، وزعيم المعارضة الجديد

بعد انتخابه رئيساً جديداً لحزب الشعب الجمهوري، وزعيماً للمعارضة التركية، دخل أوزغور أوزيل في صراع محتدم مع رئيس النظام التركي وحزب العدالة والتنمية، مستغلاً الأزمة القضائية التي تعيشها تركيا نتيجة الخلاف الذي اندلع بين محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا بسبب تباين موقف كل منهما من استمرار سجن النائب جان أتلاي، الفائز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر أيار الماضي، وتصاعد الخلاف بين المحكمتين بعد طلب محكمة النقض إجراء تحقيق جنائي مع أعضاء المحكمة الدستورية الذين أيدوا قرار الإفراج عن أتلاي، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تركيا، ووقف أردوغان إلى جانب محكمة النقض.

وقرر أوزيل فيما يبدو، أن تكون بداية إدارته أكثر قوّة وأهم من مجرد إعادة هيكلة حزبه، فوضع الإطار العام لسياسة يمكن تحصيل نتائجها سياسياً، وقطف ثمارها شعبياً خلال المرحلة المقبلة التي ستشهد استعدادات للانتخابات المحلية المقرَّرة في آذار المقبل.

فوقف إلى جانب المحكمة الدستورية، واعتبر قرار محكمة النقض ضدها “محاولة انقلاب ضد الشخصية الاعتبارية للمحكمة الدستورية”، وهدّد بالنزول إلى الشوارع لمقاومة هذه المحاولة الانقلابية القانونية في حال استمر النزاع الذي تحول من أزمة قضائية إلى أزمة سياسية.

النائب السجين

بدأت القضية منذ أن تم ترشيح المحامي جان أتلاي، الذي اعتقل عقب مشاركته في تنظيم احتجاجات ضد الحكومة عام 2013 المعروفة باحتجاجات “غزي بارك”، ووجهت له تهم بالمساعدة في “محاولة قلب نظام الحكم”، وحكم عليه في نيسان الماضي بالحبس لمدة 18 سنة، وأيدت الحكم محكمة الاستئناف الحكم، ولكن محكمة النقض لم تفصل فيه، مما جعله حكماً غير نهائي، وهو ما سمح بترشيحه لعضوية البرلمان من جانب حزب العمال عن ولاية هاتاي جنوب شرق تركيا، وفاز في هذه الانتخابات، فرفع حزبه دعوى قضائية يطالب فيها  بالإفراج عنه كونه أصبح يتمتع بالحصانة البرلمانية وفق الدستور الذي لا يسمح بالقبض على النائب الذي يتهم بارتكاب جريمة قبل الانتخابات أو بعدها أو استجوابه أو توقيفه أو محاكمته، دون موافقة البرلمان، وتصويت ثلاثة أخماس أعضائه على رفع الحصانة البرلمانية عنه.

وأمرت المحكمة الدستورية العليا بالإفراج عنه، مؤكدة أن سجنه ينتهك حقه في ممارسة مهامه كعضو في البرلمان، لكن محكمة النقض رفضت هذا القرار، وأصدرت قراراً يلزم المحاكم الأقل درجة بعدم الالتفات إلى قرار المحكمة الدستورية.

والدستورية ترد

ردت المحكمة الدستورية العليا على قرار محكمة النقض في بيان بأن عدم التزام المحاكم الأقل بالأحكام الصادرة عنها يمثل انتهاكاً خطيراً للدستور، وشددت على ضرورة الإفراج عن النائب المذكور، وإعادة مقعده البرلماني إليه، ومطالبة المحكمة الجنائية العليا بتنفيذ أحكامها.

وأوضحت في بيانها أن المادة “153” في الدستور تنص على ضرورة التطبيق الكامل لقرارات المحكمة الدستورية، وأن عدم الالتزام بذلك يعد انتهاكاً للدستور، وطالبت البرلمان بإعادة مقعد جان أتلاي، واتخاذ إجراءات تتسق وقرارات المحكمة، ودعت البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين لتحمل مسؤولياتهم الدستورية وحماية القانون.

وتصاعدت الأزمة، بين الدستورية والنقض بعد أن انحاز أردوغان إلى محكمة النقض، ووجه اللوم للمحكمة الدستورية، “لارتكابها أخطاء متتالية في الآونة الأخيرة”، وطالب بالتروي في مسألة الإفراج عن أتلاي، خاصة أن احتمال رفع الحصانة عنه سيستغرق وقتاً طويلاً، وهي الثغرة التي ساهمت سابقاً في هروب العشرات من المتهمين إلى خارج البلاد، وأشار إلى أن “وضع دستور جديد للبلاد أصبح أمراً ضرورياً لمنع ظهور مثل هذا النوع من الأزمات”.

أوزيل ينحاز للدستورية

أيد أوزغور أوزيل قرار المحكمة الدستورية، واعتبر قرار محكمة النقض ضدها بمثابة “محاولة انقلاب ضد الشخصية الاعتبارية للمحكمة الدستورية”، ووصف قرار النقض ضد أتلاي بالمجحف له ولكل المواطنين الذين صوتوا له، وبمحاولة إلغاء الدستور.

واتهم أردوغان بالانقلابي، وبأن تصريحاته زادت من حجم الأزمة القضائية، وأشعلت فتيل الفتنة القانونية في البلاد، ورجح أن حكومنه تستهدف تقويض النظام الدستوري القائم في البلاد لصالح دستور جديد يحوي بنوداً ترفضها أحزاب المعارضة، كونها لا تتناسب مع علمانية الدولة المنصوص عليها في الدستور، في إشارة إلى سعي حزب العدالة والتنمية إلى تحصين حرية النساء بارتداء الحجاب دستورياً.

وهدّد بدعوة أنصار حزبه والهيئات النقابية والجمعيات الحقوقية للنزول إلى الشوارع في حال استمر النزاع القضائي، لمقاومة هذه المحاولة الانقلابية القانونية.

وأيدت نقابة المحامين موقف أوزيل، واعتبرت الأزمة محاولة للقضاء على الدستور، ورفضت اتهام المحكمة الدستورية، التي تنوب عن الشعب التركي، بمحاباة التنظيمات الإرهابية، وطالبت بالتحقيق مع كل من أساء إليها.