لكل السوريين

بعد سنوات من ترميم سوق خان الحرير.. هجرة الحرفيين هي سبب الركود

تقرير/ خالد الحسين

لطالما اشتهرت حلب بأسواقها التجارية القديمة التي تعد من أقدم الأسواق في العالم، وتمتد على مساحة تفوق 160 الف متر مربع تقريباً، وقد استقطبت على مدار قرون حرفيين وتجارا من أنحاء العالم.

فالترميم وحده لا يكفي، حيث يعاني سوق خان الحرير بحلب من فرار وهجرة العديد من أصحاب المحال به إلى خارج سوريا وهو ما أدى إلى شح الأيدي العاملة به.

أعاد سوق خان الحرير في مدينة حلب السورية فتح أبوابه للزوار والمتبضعين في عام ٢٠٢١ منذ تدمير أجزاء كبيرة من المدينة القديمة التي يقع بها خلال الحرب السورية.

وشهد السوق، الذي يقع ضمن 37 سوقاً حول قلعة حلب الشهيرة التي استقطبت الآلاف من الزوار سنويا فيما مضى، أعمال ترميم كبيرة منذ حوالي عام بالتعاون بين الحكومة السورية وعدد من المنظمات غير الحكومية.

ولكن الترميم وحده لا يكفي، حيث يعاني السوق من فرار وهجرة العديد من أصحاب المحال به إلى خارج سوريا وهو ما أدى إلى شح الأيدي العاملة به.

وقال أبو عبدو، وهو تاجر أقمشة يبلغ من العمر 55 عاما، كان يأمل في توريث عمله إلى أبنائه: “تمت أعمال إعادة الإعمار وهذا شيء عظيم، لكنه لا يكفي”.

وأضاف خلال إعادة فتح السوق المغطى: “ما نريده هو عودة أبنائنا إلى هذه المتاجر”، مقلبا في الصور التي أرسلها لأكبر أبنائه الذي انتقل إلى الجزائر قبل ثلاث سنوات للانضمام إلى شقيقه.

وحذر من زوال العديدة من الأعمال السورية إذا استمر الشباب في الهجرة إلى الخارج.

في حلب القديمة وفي محيط القلعة الأثرية، أعادت عشرات المحلات والمقاهي فتح أبوابها، وعاد الناس لارتيادها والتقاط الصور التذكارية.

ورغم إزالة كميات ضخمة من الأنقاض، لا تزال الأبنية المدمرة التي تتكدس طبقاتها المنهارة فوق بعضها البعض، تُشكل العلامة الفارقة في حلب القديمة المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم (يونيسكو) للتراث المهدد بالخطر، جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها خلال الحرب.

تحت قنطرة رصّعت بأحجار بيضاء وسوداء وسط السوق، يُلقي أبو محمد (65 سنة) السلام على جيرانه الذين لم يلتق بعضهم منذ سنوات، فيما انهمك عمّاله في نقل كمية إضافية من القماش الملون إلى المحل.

يدير أبو محمد المحل نيابة عن شقيقه الذي هاجر مع أبنائه قبل سنوات إلى تركيا. ويقول: “متفائل بعودة افتتاح السوق لكننا نفتقد للتجار من أصحاب رؤوس المال الذين توزّعوا في بلدان عربية وأسسوا أعمالهم هناك”.

حاول أبو محمد أن ينقل أجواء الافتتاح إلى شقيقه عبر مكالمة فيديو أجراها من داخل المحل وفي الباحة المجاورة.

لكنه يسهب في تعداد أسباب تحول دون عودة التجار، ويقول: “كنا نعتمد على السياح وعلى القادمين من الأرياف والمحافظات الأخرى” لكنّ “الوضع الاقتصادي الآن صعب للغاية”.

ويُضيف “العقوبات من ناحية ثانية تفرض عراقيل تتعلق بالاستيراد والتصدير وحركة التجارة وطالما أن هذه الظروف لم تتغير، فمن الصعب أن يعود أخي وأبناؤه”.

ودفعت الحرب التي أودت بحياة نحو نصف مليون شخص، أكثر من نصف سكان سوريا الى النزوح داخل سوريا أو التشرد خارجها. واستنزفت الاقتصاد ومقدراته ودمرت البنى التحتية والمرافق الخدمية. وتشهد البلاد راهناً أزمة اقتصادية خانقة تفاقمها العقوبات الغربية. ويعيش أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.