لكل السوريين

“بق الفراش” يغزو فرنسا.. ويتحوّل إلى قضية سياسية فيها

تستمر الحكومة الفرنسية في بذل جهودها المكتفة لاحتواء حالة الذعر بين المواطنين بسبب تفشي حشرة “بق الفراش” في عدد من وسائل النقل والمرافق العامة الأخرى.

وفي هذا السياق، عقد كبار المسؤولين من وزارات الصحة والاقتصاد والنقل اجتماعاً مع رئيسة الوزراء لتنسيق خطة عمل لمكافحة هذه الحشرة.

وقرر المجتمعون اتخاذ إجراءات تفضي إلى الإسراع في طرح مقترحات لإنشاء مرصد وطني لبق الفراش، بهدف تكوين صورة دقيقة عن هذه الظاهرة.

ومن بين التدابير الأخرى التي تدرسها الحكومة تنظيم أسعار مكافحة الحشرات، وتوضيح المسؤوليات المالية بين أصحاب الشقق والمستأجرين وشركات مكافحة الآفات.

وكانت شركات مكافحة الآفات في فرنسا قد تحدثت عن زيادة كبيرة في حالات الإبلاغ عن رصد حشرة بق الفراش.

ولكن بعض خبراء مكافحة الحشرات، حاولوا التقليل من شأن أزمة تفشي الحشرة، وانتقدوا

تضخيمها من قبل وسائل الإعلام.

كما عبّرت الحكومة الفرنسية عن انزعاجها من الطريقة التي تصدرت بها الأزمة عناوين الأخبار داخل البلاد وخارجها، وأعربت عن مخاوفها من تأثيرها على السياحة في فرنسا.

بق الفراش يغزو المدارس

ازدادت الأزمة تفاقماً بعد الكشف عن وجود بق الفراش في مدرستين شمال شرقي العاصمة باريس، كما تسبب وجود هذه الحشرات في إغلاق مدرسة في ليون وانتقالها إلى نظام التعليم عن بعد، وفق ما نقلته وسائل إعلام فرنسية.

وأشارت صحيفة “لوفيغارو” إلى أن مدارس في ضاحية “سين سان دوني”، أجرت تعقيماً بعد رصد بق الفراش لمنع غزوه وانتشاره.

وقال توماس بورتس النائب عن حزب “فرنسا الأبية” المعارض إن بق الفراش شوهد في ثانوية أخرى بالضاحية، واتهم إدارة المدرسة بمواصلة عملها مما عرّض صحة المئات من طلابها للخطر، ووصف تصرف الإدارة بغير المسؤول.

وفي مدينة ليون جنوب شرقي فرنسا، تقرر إغلاق مدرسة ألبير كامو للسبب نفسه، والانتقال إلى نظام التعليم عن بعد، حسب الصحيفة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية إنها تعطي الأولوية حالياً لمكافحة الحشرات وخاصة في المدارس، وهي عازمة على حل المشكلة مثلما فعلت في مكافحة وباء كورونا.

ويثير أزمة في باريس

انتشرت على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر حشرات بق الفراش تزحف في المرافق العامة في باريس.

ووثق بعض المواطنين الفرنسيين إصابتهم بلدغات الحشرة البنية التي تعيش على امتصاص دم البشر والحيوانات، وتحدث الكثيرون عن انتشارها في وسائل النقل العام ودور السينما ومطار شارل ديغول، مما اثار الهلع بين سكان باريس.

وباتت العاصمة الفرنسية التي يحج إليها ملايين السياح من كل أنحاء العالم، حديث وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

وخلّف ظهور هذه الحشرة في المرافق العامة غضباً واسعاً بين المواطنين، وطالب المواطنون والنقابات العمالية في فرنسا الحكومةَ بمضاعفة الإجراءات الوقائية في البلاد، مما دفع السلطات الفرنسية إلى الإسراع في اتخاذ إجراءات جدية لطمأنة وحماية الناس، في الوقت الذي تستعد فيه باريس لاحتضان الألعاب الأولمبية خلال أقل من عشرة شهور، حيث من المتوقع أن تستقبل خلاله آلاف المشجعين الذين سيتنقل أغلبهم عبر وسائل النقل العام الفرنسية.

ويتحوّل إلى قضية سياسية

أثار انتشار بق الفراش في الأماكن العامة في العاصمة باريس جدلاً سياسياً في البرلمان الفرنسي ومطالبات بمواجهة وكبح الانتشار غير المسبوق لهذه الحشرات.

وطالبت ماتيلد بانوت رئيسة كتلة “فرنسا الأبية” المعارضة في البرلمان الحكومة الفرنسية بالتحرك السريع لمواجهة هذه الأزمة، وقالت في تصريح للإذاعة الفرنسية “نريد أن تعترف الحكومة بالأمر باعتباره مشكلة صحية عامة، يجب أن يتوقفوا عن مطالبة الناس بالتعامل مع المشكلة بأنفسهم كما لو كانت مشكلة فردية، بينما تفرض الشركات تعريفات باهظة لرش  المنازل بالمبيدات الكيميائية”.

وساهم رصد الحشرات الماصة للدماء في مترو باريس والقطارات السريعة، إضافة إلى المستشفيات وبعض دور السينما والفنادق في العاصمة الفرنسية، بتفاقم الأزمة وتحولها إلى قضية سياسية استثمرتها قوى المعارضة في انتقاداتها لسياسة الحكومة الداخلية.

ولم تقتصر المطالبات بسرعة التصدي لهذه الأزمة على المعارضة فقط، بل طالبت بلدية باريس الحكومة بسرعة وضع خطة لمكافحة انتشار هذه الحشرات في رسالة وجهتها إلى رئيسة الوزراء الفرنسية.

وبدوره طالب وزير النقل الفرنسي بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة من أجل طمأنة وحماية الفرنسيين من انتشارها السريع.