لكل السوريين

القباب الطينية إرث قديم يحافظ عليه السوريين

يحافظ الحاج “محمد لطمة” على القباب القديمة التي بناها والده في مطلع خمسينيات القرن الماضي ويقول في حديثه للسوري: “تعد هذه القباب من أقدم بيوت القرية، وفي هذا الوقت من كل عام أهرع أنا وأولادي للقيام بصيانة بسيطة لها حتى لا تتأثر بالعوامل الجوية شتاءً.

استطاعت القباب الطينية منتصبة القوام الصمود في وجه عاديات الزمن وثوران الطبيعة، تُؤمِّن التنمية السياحية المستدامة وتُزيِّن القرى بمشهد جميل في أرياف شرق السلمية وجنوب حلب ومنبج وضفاف الأنهار وغيرها، هذه القباب التي بنيت لتتلاءم مع البيئة تحدث عنها الباحث التاريخي محمد شرقاوي في تصريح لصحيفة السوري مشيراً إلى أنها تعود للعصور الرومانية، وقد انتقلت تدريجياً إلى كل الحضارات حتى وصلت إلى العرب فترة ما قبل الإسلام وأولها كانت بمنطقة الجزيرة الفراتية.

ولفت إلى أن القباب تصنع من «الطوب الطيني اللبن» المؤلف من التراب، ويمكن تماسكه بالمياه ويخلط بالقش والتبن لضمان تجانسه بشكل أكبر، منوِّهاً بطريقة تصنيعها حيث توضع الخلطة ضمن قوالب خشبية وتقسَّم كل واحدة منها إلى قطعتي طوب أو أربع، وتشوى بعد تعرُّضها لأشعة الشمس لمدة محددة وأثناء البناء توضع مواد مخلوطة من التراب والقش والتبن بين كلِ قطعة وأخرى لتتماسك مع بعضها البعض، ويبلغ ارتفاعها ما بين ٥-٦ أمتار، وتُبنى على شكل دوائر يرجع منسوبها «٥ سم» كلما علا البناء لتشكِّل مخروطاً في النهاية، لها نافذتان شرقية وغربية تفتح وتغلق حسب اتجاه الرياح، مشيراً إلى أنَّها تحافظ على درجات الحرارة المعتدلة داخلها، فهي دافئة شتاءً ومعتدلة صيفاً، ويقلّ عدد الفتحات أثناء البناء حيث تقتصر على فتحة واحدة في سقف القبة للحفاظ على تبديل الهواء وخروج الساخن من خلالها.

وأردف الباحث الشرقاوي إلى أنها تُبنى وفق أشكال مختلفة منها المخروطية وتكون بمساحات متفاوتة تُؤمِّن احتياجات العائلة للمعيشة والطبخ والضيوف إضافة إلى إسطبل للحيوانات بينما الشبه مخروطية وظيفتها تخزين الحبوب والتبن، وتملأ المواد من الأعلى، وعندما يرغبون بسحب كميات منها يفتح الباب إضافة إلى إنشاء قباب صغيرة للدواجن والحمام تكون عدة نوافذ لتسهيل دخولها وخروجها، يتراوح قطرها بين متر ونصف المتر، وتُطلى القباب بالكلس ذي اللون الأبيض الذي يُعدّ قاتلاً للجراثيم.