لكل السوريين

تعزّز علاقتهما الاستراتيجية.. مناورة بحرية صينية سعودية مشتركة

أعلنت وزارة الدفاع الصينية أن الصين والسعودية ستجريان مناورة تدريبية بحرية مشتركة،

ولفتت إلى أن المناورات المعروفة باسم “السيف الأزرق 2023” ستجرى في مقاطعة غوانغدونغ جنوبي الصين خلال الشهر الحالي.

وقال الناطق باسم الوزارة “يركز هذا التدريب المشترك على العمليات البحرية لمكافحة الإرهاب في الخارج، وإجراء تدريبات على تكتيكات القناصين وقيادة القوارب وهبوط المروحيات، وعمليات الإنقاذ المشترك”.

وأوضح أن الدولتَين “تسعيان إلى تعميق التعاون العملي والودي بين الجيشين، وتحسين مستوى التدريب العملي للقوات”.

وتأتي هذه التدريبات المشتركة في وقت تسعى بكين فيه إلى تعميق علاقاتها مع الرياض، والقيام بدور صانع سلام في الشرق الأوسط، حيث تولت هذا العام رعاية اتفاق بين القوتين الإقليميتين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما.

وكان ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز قد وقع “اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة” بين البلدين مع الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى المملكة العام الماضي، وقال بينغ إن هذه الزيارة “ستفتح عصراً جديداً” للعلاقات بين الصين والعالم العربي ودول الخليج والسعودية.

الصين والأمن الإقليمي

انخرطت الصين بشكل كبير على الصعيد الاقتصادي في الشرق الأوسط، وخاصة في منطقة الخليج العربي، دون أن  تسعى إلى تغيير معادلة الأمن الإقليمي السائدة في المنطقة التي ما زالت ترتكز على الولايات المتحدة إلى حد كبير.

وينسجم إحجام الصين عن التدخل المباشر بالملف الأمني في المنطقة مع سياستها الخارجية التي تضع الاستثمار الاقتصادي في مقدمة أولوياتها، ولذلك لم تدخل بكين ضمن تحالفات أمنية دائمة وبعيدة عن حدودها خشية تورطها في صراعات قد تؤدي إلى أزمات تعيق استثماراتها.

ومن غير المتوقع أن تسعى الصين في المدى المنظور إلى استبعاد الدور الأمني الأميركي، والقيام بهذا الدور في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من عدم استقرار سياسي واضطرابات متشعبة ومزمنة.

ولكنها ستسعى للاستفادة من هذا الدور كضامن للأمن والاستقرار في المنطقة، بما يوفر لها المزيد من مصالحها الاقتصادية.

ومن ناحية أخرى، تتخوف الصين من أن انخراطها بالتحالفات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط يتطلب توجيه المزيد من إمكانياتها إلى المنطقة، في حين تضع بكين منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مقدمة أولوياتها لمواجهة الولايات المتحدة في هذه المنطقة التي ستكون الساحة الرئيسية للتنافس بين بكين وواشنطن خلال الفترة القادمة.

تحوّلات كبيرة

منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة منتصف العقد الماضي، شرع في إحداث تحوّلات كبيرة على صعيد دور المملكة الإقليمي وتفاعلاتها مع القوى الكبرى.

وأصبحت السياسة السعودية الخارجية أكثر استقلالاً عن الولايات المتحدة، بما يعكس تغيّر نظرة الرياض لدورها الخارجي، ومحاولتها التكيّف مع عالم متغيّر يهيمن عليه التنافس بين القوى العظمى.

ورغم أن الولايات المتحدة تسعى باستمرار لإظهار رغبتها في مواصلة دورها الفعال في منطقة الشرق الأوسط، إلّا أن الرياض تزداد قناعة بأن واشنطن لم تعد راغبة في مواصلة هذا الدور بشكل جدي لاعتبارات متعدة.

ولذلك اعتمدت الرياض سياسة خارجية جديدة تقوم على تنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية مع القوى الكبرى، وتجنب المنافسات العالمية الكبرى، وعقلنة المنافسات مع القوى الإقليمية الفاعلة مثل إيران وتركيا.

ويكمن نجاح هذه السياسة بقدرة السعودية على الموازنة الدقيقة بين تحالفها الأمني مع الولايات المتحدة، وتطوير شراكتها الاقتصادية المستجدة مع الصين وروسيا، وقد يبدو ذلك ليس سهلاً في عصر المنافسة الجيوسياسية العالمية الشرسة.

يذكر أن العلاقات السعودية الصينية تسارعت مع مرور الزمن ليجد البلدان نفسيهما أمام شراكة استراتيجية عميقة في مختلف المجالات، حيث تعتبر الصين إحدى أكبر الدول المصدرة للسلع الاستهلاكية، وتشكل السعودية مستورداً مهماً لمثل هذه السلع، كما أن الصين تحتاج لكميات كبيرة من النفط الخام، وتلبي السعودية الجزء الأكبر من هذه الاحتياجات المتنامية، وشكّلت هذه المعادلة منطلقاً أساسياً للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين.