لكل السوريين

قمة المصالحة في السعودية.. إعادة للعلاقات الطبيعية بين دول الخليج أم استجابة لظرف دولي مقبل

تقرير/ محمد الصالح

قبل انعقاد القمة الخليجية في السعودية، تسارعت خطوات المصالحة بين الرياض والدوحة بعد سنوات من المقاطعة، كما تسميها الدول المقاطعة، أو الحصار كما تسميها قطر.

وبعيداً عن الأجواء الاحتفالية التي تمت أثناء استقبال ولي العهد السعودي، لأمير قطر.

وعن ترحيب وسائل الإعلام التابعة للبلدين بنتائج هذه القمة، بعد أن بلغ التراشق بينهما مراحل غير مسبوقة في تاريخهما.

يتساءل المتابعون لمجريات هذه القمة، وما سبقها من ظروف إقليمية ودولية، وما سيتمخّض عنها من نتائج، حول ما حققته الدول المقاطعة لقطر.

وهل هي مصالحة بين قطر والسعودية فقط، أم هي مصالحة بينها وبين الدول المقاطعة لها. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا غاب عنها قادة كل من مصر والبحرين وسلطنة عمان.

وهل يأخذ ولي عهد أبو ظبي على الرياض عدم إصرارها على تنفيذ الشروط التي وضعت، وأعلنت، من أجل إنهاء مقاطعة قطر، ولذلك لم يحضر القمة كما كان متوقعاً، وهو ما رأى فيه مراقبون تحفظاً من دولة الإمارات العربية المتحدة على انعقاد القمة، وعلى نتائجها دون تنفيذ تلك الشروط.

شروط كثيرة.. وتنازل واحد

لم تقدم قطر سوى تنازل واحد، وهو تنازلها عن الدعاوى القضائية التي كانت قد أقامتها ضد دول المقاطعة، بتهم التمييز ضدها، مقابل فتح الحدود معها، حسب مصادر مقربة من إدارة الرئيس ترامب.

إلى ذلك ذهبت صحيفة النيويورك تايمز في تقرير لها حول قرار الرياض بإنهاء الحصار الجوي والبري والبحري على دولة قطر، وقالت إن القليل تغير منذ إعلان دول الحصار مقاطعة قطر، مما يطرح أسئلة حول ما أنجزته تلك المقاطعة، وفيما إن كان الحل الذي فشل في حل الخلافات العالقة سيصمد طويلا.

وكانت دول الرباعي “السعودية والإمارات والبحرين ومصر” قد اشترطت أن تنفذ قطر 13 مطلباً لإعادة العلاقات معها، ثم تحولت المطالب إلى ستة بعد شهر واحد من المقاطعة، وتتلخص بالتزامها بمكافحة التطرف والإرهاب ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة لهما، وإيقاف أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام باتفاق الرياض عام 2013 وآلياته التنفيذية عام 2014 في إطار مجلس التعاون الخليجي، والالتزام بمخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض في مايو 2017.

إضافة إلى الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والإقرار بمسؤولية دول المجتمع الدولي في مواجهة التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.

خليجيون بين التفاؤل والتشاؤم

يبدو أن الوصول إلى نهاية للأزمة الخليجية، وباعتراف كثير من المراقبين، ما يزال غير قريب، إلا أن خطوات رفع الحصار المفروض على قطر، قد تمثل خطوة على طريق بناء الثقة وفقا لاتفاق المبادئ الموقع خلال هذه القمة.

وفي حال تلتها خطوات جدية أخرى، من قبل كافة الدول الخليجية، فقد تتمكن من إعادة المياه لمجاريها، وهو ما يمثل انفراجة كبيرة بعد ما يقارب الأربع سنوات من القطيعة والشقاق، فالمصالحة تمثل الكثير، بالنسبة لمعظم المواطنين في الخليج، وخاصة القطريين، الذين أدى إغلاق الحدود بين دولهم إلى توقف مصالحهم التجارية، أو الحد منها، وتشتيت شمل عائلاتهم المنتشرة بين دول الخليج، حيث تتواجد نفس القبائل في مختلف هذه الدول.

وعلى الصعيد السياسي يرى المتفائلون أن الأمور ستمضي قدما في اتجاه الوحدة الخليجية، وتفادي الخلافات مستقبلا.

في حين يشكك المتشائمون، من بعض الدول التي أبدت تحفظها على المصالحة، في إمكانية أن تسير باتجاه العودة إلى العلاقات الطبيعية بين الدول الخليجية التي تربطها علاقات تاريخية مشتركة، ويجمعها مجلس التعاون الخليجي منذ ما يزيد عن أربعة عقود.