لكل السوريين

400 دولار ضريبة على كل منزل.. الانتهاكات التركية بحق السوريين في عفرين لا تتوقف

على الرغم من تركيزها على الاتفاقيات مع الروس في شمال غرب سوريا وفي إدلب تحديدا، إلا أن دولة الاحتلال التركي لم تُحد من وطأة انتهاكاتها بحق السوريين في المنطقة التي احتلتها قبل عامين، لا سيما في عفرين وضواحيها.

قبل أسبوع، قالت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة“، أن “التنظيمات الإرهابية المرتزقة التابعة لتركيا تواصل التضييق على أهالي عفرين بترهيبهم، وإجبارهم على دفع الإتاوات والضرائب، مستندة على تصريحات الأهالي بخصوص ما تعرضوا له من تعذيب.

واعتبرت المنظمة أن ما يقوم به مرتزقة “سليمان شاه ـ العمشات” المنضوي ضمن ما يسمى الجيش الوطني من فرض مختلف أنواع الضرائب على الأهالي لا سيما في منطقة شيخ الحديد في عفرين.

وتشمل الإتاوات بحسب المنظمة ضرائبا على أصحاب الأراضي والمحاصيل الزراعية، والمحال التجارية، إضافة إلى مصادرة منازل المدنيين وممتلكاتهم.

انتهاكات كثيرة في “شيخ الحديد”

تخضع ناحية شيخ الحديد لسيطرة لواء ’’السلطان سليمان شاه ـ العمشات’’ المرتزق، وتعتبر الناحية إحدى أهم نواحي عفرين السبعة، وتقع على الحدود السورية التركية.

وأشارت المنظمة إلى أن التنظيمات الإرهابية المرتزقة تواصل ارتكاب الانتهاكات بحق الأهالي في البلدة، متجاوزين بذلك كل القيم الإنسانية والأخلاقية، وعلى مرأى من المجتمع الدولي، الذي صب كل اهتماماته وسلط كل إعلامه على وباء كورونا.

شهود عيان قالوا للمنظمة عقب لقائهم بباحثين تابعين لها، أنهم “تعرضوا للسلب والنهب، وأن مرتزقة العمشات باتوا يتحكمون بأرزاقهم، بالإضافة إلى الضرائب التي فرضت عليهم.

المواطن ع ـ ص الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملا تحسبا لتعرضه لملاحقة أمنية من قبل التنظيمات الإرهابية، قال “أنا سائق سيارة نقل بضائع، حواجز التنظيمات الإرهابية تطلب مننا دفع مبالغ طائلة، كضرائب لقاء السماح لنا بإدخال بضائعنا إلى عفرين وإخراج البعض خارجها”.

يوضح السائق كيف تتم العملية، فيقول: «كل الحواجز التي تمر منها سيارات

محملة بالبضائع تأخذ مبلغاً من المال كحد أدنى 500 ليرة سورية، وهناك حاجز العزاوية يأخذ بين 5 إلى 10 آلاف ليرة سورية على السيارة الواحدة، أيضاً الميكرو باص/السرفيس المخصص لنقل الركاب يدفع على الحواجز أجرة عبور، أما إن كانت السيارة لشخص مدني ينقل عفش المنزل أو ما شابه، فهذا لا يأخذون منه شيئا».

ضرائب على المنازل بحسب مساحتها

ويفرض المرتزقة وتحديدا العمشات، بحسب

المنظمة مبالغ عالية تصل تتراوح بين الـ 200 إلى 400 دولار أمريكي على منازل المدنيين الأبرياء، وكل منزل بحسب مساحته تقدر القيمة المتوجب على صاحب المنزل دفعها لقاء بقائه في منزله، ومن يرفض الدفع فيتعرض إما للتعذيب أو إرغامه على الدفع عبر كفيل شريطة أن يكون غير كردي.

وأجبر، بحسب شهود عيان صرحوا للمنظمة، أكثر من 5 أشخاص من مالكي المنازل وهم مسنين على إسكان عائلات نازحة معهم، تحت التهديد بالطرد، وذلك لإكراه أصحاب المنازل الأصليين على ترك منازلهم ومغادرة البلاد، مع العلم أن النازحين أغلبهم من عوائل التنظيمات الإرهابية الذين فروا من معارك إدلب وأقاموا في عفرين وقراها ولا سيما شيخ الحديد.

تعرض أحد الأهالي واسمه “ج.ف”، للاعتقال والتهديد لأن “العمشات” سمعوا أنه مع أصدقائه لا ينوون الدفع، يضيف: «لا أعلم كيف وصل هذا الكلام إلى فصيل العمشات، وجاءوا إلى منازلنا واعتقلونا نحن الثلاثة أنا و صديقي (ع. ت) وصديقنا (س)، وفي المقر قالوا لنا إما أن تدفعوا الآن أو ننزلكم إلى الدولاب وبعدها ستدفعون أيضاً، وهناك صادفنا شخصاً عمره نحو 60 عاماً أيضاً كانوا قد وضعوه في غرفة الدولاب ويقومون بإخافته لإجباره على الدفع، وقال لهم سوف أدفع عن بيتي الـ 400 دولار».

إكراه المواطنين على مغادرة منازلهم

تقول المنظمة إنها رصدت عبر باحثها الميداني، وقوع 5 عمليات إكراه للسكان الكرد على مغادرة منازلهم في قرية “قره مطلق” وحدها، خلال شهر تشرين الثاني وكانون الأول من العام 2019 الفائت، حيث قام عناصر “العمشات” بمضايقة مالكي المنازل وغالبيتهم من كبار السن، من خلال تخويفهم ومداهمة منازلهم وفرض الضرائب عليهم وإجبارهم على إسكان عائلات نازحة معهم، ما دفع المالكين لمغادرة منازلهم.

يشرح أحد كبار السن “ب.ش” تفاصيل ما جرى معه، قائلاً: «في أحد الأيام خلال شهر تشرين الثاني جاء عناصر فصيل العمشات وقالوا لي اخرج من المنزل أنت رجل واحد تقيم في هذا المنزل (روح دبر حالك) سوف نأخذ المنزل لأن هناك عائلة نازحة تحتاجه، أخرجوني م

ن المنزل ولم يسمحوا لي بأخذ أي شيئ وأحضروا العائلة النازحة، جلست في الشارع أفكر ماذا سوف أفعل، بعد فترة قصيرة جاء أحد العناصر إلي وقال لي أنه يمكنني استرجاع المنزل إذا قمت بدفع 800 دولار أمريكي، فقبلت دفع المبلغ ولكن بالتقسيط وليس دفعة واحدة، وفي اليوم التالي خرجت العائلة من المنزل ودخلت إليه ووجدت أنهم قد سرقوا الكثير من الأغراض منه كالعفش والأدوات الكهربائية».

ضرائب بالجملة تتجاوز ثلث المحاصيل

 

سلطت المنظمة الضوء على إقدام مرتزقة العمشات على منع الفلاحين في شيخ الحديد من بيع محاصيلهم والزيت الناتج

عنه خارج الناحية، بالإضافة إلى منع عبور السيارات المحملة بالزيتون، وحصر عملية البيع من خلال سوق الهال

الخاضع لس

يطرة العمشا

ت، إضافة إلى فرض ضريبة على المحاصيل تتجاوز الـ 25% وعلى ناتج الزيت وبنسبة تصل لـ 30%.

أما الأ

راض

ي التي يمتلكها مقاتلون من “قوات سوريا الديمقراطية” أو أقاربهم، أو للأشخاص الذين نزحوا من المنطقة إبان العدوان التركي عا

م 2018، فقد وضع عناصر “العمشات” يدهم عليها وسرقوها، وفق تقرير المنظمة.

حتى الينابيع التي تعتبر من الممتلكات العامة، لم تسلم من أيدي التنظيم

ات الإرهابية المرتزقة، إذ يفرض “العمش

ات” على الفلاحين دفع مبلغ 500 ليرة سورية عن كل ساعة سقاية من نبع “شيخ الحديد” الشهير في المنطقة، ثم رفعوها إلى 1000 ليرة مؤخراً.

كذلك الحال في قرية “قره مطلق”، التي يتواجد فيها نبع يغذي المنطقة، قام “العمشات” المدعوم تركياً، بالاستيلاء عليه وفرض 1000 ليرة شهرياً على أهالي القرية لقاء الحصول على مياه النبع، في حين لم يطالبوا النازحين بأي لقاء مادي.

لا تنتهي الانتهاكات التي تمارسها التنظيمات الإرهابية المرتزقة عند أي حد، إذ ما يزال أهالي “عفرين” يعانون من القتل والخطف والتعذيب، ومختلف أنواع المضايقات والانتهاكات، منذ سيطرة الفصائل المدعومة تركياً على المدينة السورية شهر آذار من العام 2018، بدعم من العدوان التركي الذي تسبب بإزهاق أرواح مئات الضحايا بين المدنيين، وتهجير عشرات الآلاف من منازلهم.

ذروة الانتهاكات حصلت أثناء معارك إدلب

استغل مرتزقة أردوغان الفترة التي كانت فيها المعارك على أوجها ليزيدوا ممارساتهم بحق السوريين المتبقيين في منازلهم في عفرين، حيث أن التركيز الإعلامي على سير المعارك خلق نوعا من الراحة لدى التنظيمات الإرهابية، فلم تعد هناك وكالات تسلط الضوء بشكل مكثف على انتهاكاتهم بعفرين وضواحيها، كما وأن الوباء الذي تفشى أيضا ساهم بتوجيه وسائل الإعلام عن ما يرتكبوه في المنطقة التي احتلوها قبل عامين.

وارتكب المرتزقة أكثر من 100 حالة انتهاك في معظم مناطق عفرين، وذلك لدفع الأهالي لمغادرة منازلهم لتخصيصها للفارين من المعارك التي حدثت على الطرق الدولية  ’’أم ـ 5’’، و’’أم ـ 4’’، بعد أن استغلوا ما يحدث في إدلب.

عفرين مراكز تدريب المرتزقة

مع استمرار ارتكاب الانتهاكات، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاحتلال التركي يواصل تدريب المرتزقة الذين يتحضرون للذهاب إلى ليبيا لمساندة ميلشيات الوفاق التي يقودها فائز السراج، حيث كان الاحتلال التركي قد أقام 4 مراكز لتدريب المرتزقة، وجميعها في عفرين وضواحيها.

وأشار المرصد أيضا أنه خلال اشتعال المعارك في أرياف إدلب الجنوبية والشرقية لم يتوقف أردوغان عن نقل المرتزقة إلى ليبيا، لافتا إلى أن أكثر من 4700 مرتزقة هم الآن يقاتلون بصفوف ميلشيات السراج الموالية لأردوغان، منوها إلى أن أكثر من 200 مرتزق استطاع الوصول إلى أوربا عبر البحر المتوسط، في حين أن عدد القتلى في صفوفهم فقد تجاوز الـ 100 بحسب تقرير للجيش الوطني الليبي.