لكل السوريين

بعد أسبوع من الدوام.. المدارس الحكومية “مضيعة للوقت”

حماة/ جمانة الخالد

في الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية في سوريا من تدني مستوى الخدمات التعليمية المُقدّمة للطلاب، تلجأ بعض العائلات السورية في حماة إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، لكن ارتفاع رسوم هذه المدارس جعل معظم العائلات يستغنون بشكل نهائي عن تعليم أبنائهم في المدارس.

بداية العام الدراسي في سوريا، مثُل صدمة لذوي الطلاب لا سيما من لديهم أطفال في المرحلة الابتدائية، حيث ظهرت ملامح الفوضى وغياب المستوى الأدنى من الخدمات في المدارس الحكومية، الأمر الذي يدفع شريحة واسعة من الأهالي إلى إخراج أبنائهم من المدارس الحكومية.

مع بدء الموسم الدراسي هذا العام، تؤكد شهادات أهالي التلاميذ زيادة وتيرة تدني مستوى الخدمات في المدارس العام، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول جدوى التعليم المجاني في سوريا، إذ اعتبر العديد من أهالي الطلبة أن ذهاب أبنائهم للمدرسة هو عبارة عن “مضيعة للوقت” في معظم المدارس الحكومية.

أسبوع واحد مرّ على بدء العام الدراسي في سوريا، فيما تؤكد شهادات الأهالي، أن المدارس غير مستعدة، فالصفوف غير مهيأة لاستقبال الطلاب، وهناك نقص في المقاعد مع اهتراء غالبية المتوفر منها، وليس هناك خطة واضحة لتسجيل الطلاب وتوزيعهم، فيما لا يزال العديد من الأهالي يبحثون عن مدرسة يمكن أن تستقبل أبناءهم.

تعاني العديد من المدارس نقص المدرسين الاختصاصيين، والموجود منهم يعاني من التشتت لكثرة المدارس التي تطالب به، ومنهم من فُرض عليه حصص إضافية فوق النصاب المخصص له، لتغطية الشواغر المتزايدة.

كذلك فإن شريحة واسعة من المدرسين قدّموا استقالاتهم مؤخرا بسبب ضعف الرواتب، بعد أن تبيّن لهم أن حجم العمل المطلوب لا يعادل ما سيحصلون عليه من عائد مادي، كذلك فإن البعض فضّل العودة للمنزل والاكتفاء بالدروس الخصوصية المربحة والمريحة دون عذاب الصراع على توقيت الحصص في المدارس.

لكن أسعار ساعات الدروس الخصوصية بورصة تتماشى مع المتغيرات المعيشية والمكانية. فقد نجد أن مدرس لمادة الرياضيات يمكن أن تصل تسعيرة ساعته إلى مائة ألف ليرة سورية، ومثيله يتقاضى نصف أو ربع المبلغ.

وهذا العام العديد من المدارس الحكومية، سلّمت الطلبة لديها هذا العام كتب مهترئة ولا تصلح للاستخدام، هذا فضلا عن المرافق التي تحتاج صيانة واسعة، ومع ذلك فإن مديرية التربية وإدارات المدارس لم تعمل على صيانتها خلال عطلة الصيف.

خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد زيادة في المدارس التعليمية الخاصة، وذلك بسبب تراجع مستوى الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية المجانية، إذ يقول ذوو الطلاب أن أبناءهم أصبحوا يضيّعون وقتهم في المدارس الحكومية التي لم تعد تقدّم خدمات تعليمية جيدة كما كان الوضع سابقا.

بذلك أصبحت المدارس الحكومية محصورة بأبناء الفقراء غير القادرين على تسديد أقساط المدارس الخاصة المتزايدة بشراهة تشبه النباتات الطفيلية، فالمشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقّهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

عاما بعد آخر تشهد رسوم تسجيل المدارس الخاصة بمختلف مراحلها، ارتفاعا في الأسعار، حيث أصبح تدريس الأطفال في هذه المدارس يحتاج إلى ميزانية خاصة تُقدّر بالملايين، وذلك رغم وجود قرارات تقضي بوضع أسقف سعرية لرسوم المدارس الخاصة في البلاد.

بحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سنّ الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل “1989”.