تفضل سلمى حسن من أهالي مدينة حمص، زيارة محال الألبسة المستعملة لشراء ما يناسب أولادها، لأنها غير قادرة على شراء ألبسة جديدة بسبب ارتفاع أسعارها، لاسيما وأنها غير موظفة والأسرة تعتمد على راتب الزوج.
تقول الأم لـ 4 أطفال، إن شراء سترة جديدة لطفل في العاشرة من عمره يعادل نصف الراتب الشهري لزوجها. فكيف ستتمكن من شراء حاجات أولادها الأربعة، بينما تستطيع شراء سترتين وربما ثلاثة من البالة بسعر واحدة جديدة. وهي أيضاً جيدة وجودتها أفضل من الجديدة.
حيث لم تعد محال بيع الألبسة الأوروبية المستعملة “البالة” ملاذاً للفقراء يلجؤون إليها لتأمين ملابسهم بهدف توفير بعض المال؛ لأن أسعارها ارتفعت هي الأخرى وحلقت عاليا كما حلقت الأسعار في محال بيع الألبسة الجديدة، ما جعل الكثيرين من أصحاب تلك المحال يتحولون إلى العمل في مجال آخر بسبب تراجع حركة البيع والشراء.
وشهدت الفترة الماضية انتشاراً غير مسبوق لمحال البالة حتى أن بعض الشوارع في مدينة حمص صار اسمها شارع البالات.
تقول أم زيد وهي أيضاً أم لـ 3 أطفال، إنها تفضل الشراء “البالة” لأنها تحقق شرط الجودة وتنافس الصناعة الوطنية حتى ولو كانت أسعارها مرتفعة.
لكن أحياناً تتعرض محال “البالة” بين الفينة والأخرى لمهاجمة الجهات المعنية التي تضع أكثر من سبب لمهاجمتها؛ ومنها طريقة دخولها غير النظامية إلى البلد، وهو ما يثير استغراب الأهالي، لأن البالة تناسب مداخيلهم.
وتعبر أم زيد عن استيائها الكبير مما وصل إليه حال الموظف إلى درجة أنه لا يستطيع شراء قطعة ملابس جديدة لابنه بسبب ضعف قوته الشرائية، وبسبب الفرق الشاسع بين مرتبه الشهري وأسعار الألبسة وجميع الحاجات الاستهلاكية الأخرى في السوق.
وترى أن اللجوء إلى الألبسة المستعملة هو الحل بالنسبة للكثير من الأسر لأنها تتمتع بجودة أفضل من الصناعة الوطنية وقد يتناوب على ارتداء السترة الواحدة أكثر من ولد لأنها تحافظ على جودتها مدة طويلة، وهذا الأمر يجعل محال البالة ليست حكراً على الفقراء بل يرتادها الميسورون مادياً أيضاً.
بينما لم تتمكن رنا عيسى من الشراء من البالة لأن أسعارها حلقت كما حلقت جميع الأسعار. لذلك فإنها تنتظر موسم التنزيلات لتشتري حاجات أولادها من محال الألبسة الجديدة أو البالة وذلك بحسب الأسعار الموجودة.
يقول أصحاب محال بالة إن الألبسة الجديدة لم تعد مناسبة لأصحاب الدخل المحدود أو لمن يعانون من ضعف قوتهم الشرائية، فهي تبقى أقل من الأسعار في المحال الجديدة وهناك أكثر من سبب لرفع أسعارها كارتفاع أجور النقل وأجور المحال التجارية واليد العاملة، ومع ذلك هناك جمود في حركة البيع والشراء.
لأن هم المواطن تأمين لقمة عيشه اليومية، أما بالنسبة للملابس فيستعين بما لديه من قبل، ويشير البعض من أصحاب المحال أن أسعار الألبسة المستعملة ارتفعت بسبب ارتفاع أجور المحال التجارية.
وخلال الفترة الماضية تراجع الإقبال على الشراء من محال البالة ليس بسبب ارتفاع الأسعار فقط وإنما بسبب عدم تناسب الدخل مع ارتفاع الأسعار عامة، فقد ارتفعت أسعار جميع المواد والحاجات الأساسية والضرورية وبقيت الرواتب الشهرية على حالها، ومن يراقب السوق يلحظ عدم وجود إقبال ليس على محال البالة وإنما على جميع المحال الأخرى.