لكل السوريين

حرف نسائية تحيي تراث أهالي المنطقة

ارتبطت حرفة التطريز والأشغال اليدوية تاريخياً بالمرأة فأبدعت وطورت فيها لتصبح منفذاً تعبر من خلاله عن مكنونات نفسها وتفرغ فيه طاقاتها ورغم تسارع تطورات الحياة التي أبعدت المرأة قليلا عن هذه الحرفة التي تجسد تراثاً إنسانياً كاملاً فان الإقبال الكبير على تعلم واقتناء المشغولات والمطرزات بأنواعها يترجم أهمية الحفاظ على موروثاتنا الشعبية المرتبطة بتاريخنا العريق في زمن يبتلع كل أصالة وتفرد خلود من ريف مدينة حلب مثال حي على ما سبق فهي تواظب يومياً على الجلوس في طرف احد أرصفة مركز المدينة لبيع وحياكة الطواقي البيضاء التي يعتمرها الرجال معتمدة بذلك على عدتها البسيطة المكونة من مخرز معدني وطابة من الخيط القطني الأبيض الذي تحصل عليه من سوق المدينة حيث يحالفها الحظ أحيانا ببيع 5-6 قبعات بسعر يتراوح ٦٠٠٠ – ٧٠٠٠ للقطعة الواحدة وذلك لتأمين متطلبات معيشتها .

وخلال السنوات الماضية دابت عدة منظمات ومؤسسات ثقافية وجمعيات خيرية على تكريس جزء من نشاطها في مجال تعليم مختلف فنون التطريز اليدوي.

وأوضحت نوال علامو رئيسة المكتب الإداري للاتحاد النسائي فرع حلب لأحد الصحف المحلية أن الاتحاد أعطى اهتماماً كبيراً لتعليم وتأهيل الفتيات مهنيا و خاصة في مجال الأشغال اليدوية من خلال الدورات التي تقام في الروابط المنتشرة في مدينة حلب وريفها والتي بلغ عددها 74دورة تأهيل خلال العام الحالي تخرجت منها 803 سيدات كما يقوم الاتحاد بالعمل على تسويق منتجاتهن كسلعة سياحية من خلال تنمية أعمالهن لتكون نواة لمشاريع صغيرة تمكنهن من عرض مشغولاتهن وبيعها في الأسواق بالإضافة لإقامة المعارض في الروابط والمشاركة في المعارض المركزية.

بدورها أشارت صوصي كيوانيان رئيس مجلس إدارة جمعية الصليب في حلب لأحد الصحف المحلية إلى مساهمة الجمعية منذ تأسيسها عام 1919 في تدريب وتعليم آلاف السيدات فنون الأشغال اليدوية من خلال إقامة دورات سنوية أو نصف سنوية تمتد لشهرين أو ثلاثة أشهر والمشاركة في المعارض المحلية بالمحافظات السورية وفي المعرض الدائم بمقر الجمعية إضافة لخلق مشاريعهن الخاصة في مشاغل مستقلة ليصب كله في خانة تحسين المستوى الاقتصادي لأسرهن.

من جانبها بينت فلورا حبيب المسؤولة الرئيسية في برنامج التنمية المجتمعية الاقتصادية بمؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية بحلب ان المؤسسة بدأت نشاطها عام 2008 بمدينة حلب القديمة من خلال مبادرة لوز التي دربت 11 سيدة من المجتمع المحلي على الأشغال اليدوية فشاركت السيدات المتدربات في عدة معارض على مستوى سورية ولاقت مشغولاتهن رواجاً كبيراً مما شجع المؤسسة على تدريب 75 سيدة اخرى مع الاهتمام بجانب زيادة معارفهن وخبراتهن المرتبطة بالتعامل مع ظروف الحياة المختلفة وكيفية تسويق المشغولات ومواكبة متطلبات سوق العمل.

وأشارت إلى إقامة معارض لوز 1 و2 و3 حيث تميز الأخير بهدفه المرتبط بخلق فرص عمل دائمة للمشاركات وخلق مشاريعهن الخاصة اعتماداً على الربط مع الفعاليات الاقتصادية وسيدات ورجال الأعمال.

وأوضحت حنان صيرفي ان المؤسسة قدمت لها إمكانية عرض وتسويق وتطوير مشغولاتها اليدوية التي تنتجها بالتعاون مع أمها وأختها كما شجعتها على التفكير في إقامة مشروع أسروي صغير للانطلاق في هذا المجال بشكل أوسع.

وقالت روان مصري ان اتباعها لدورة فن الايتامين على مدى ستة أشهر كان نقطة تحول هامة في حياتها مكنها من الإحاطة بجوانب هذا الفن الذي لا يحتاج إلا لرأس مال بسيط وإنتاج العديد من المنتوجات الأخرى التي تحقق الاستقلالية المادية.

ودعت المدربة نورا مشنطط السيدات إلى تعلم هذه المهنة كونها تناسب طبيعة المرأة بحكم قربها من الفن أكثر من المهنة وتمنحها إمكانية امتلاك المهنة وتوفر لها الاستقلالية والشعور بأنها عضو فعال ومنتج في المجتمع.