لكل السوريين

حماة.. النقاب قضية جدلية بين حرية اللباس والتدين والعادات المجتمعية

تقرير/ جمانة الخالد

تضم سوريا العديد من الفئات المجتمعية مختلفة الأعراق والأديان هناك تنوّع واسع في لباس المرأة ضمن بلد واحد، وأحيانا حي واحد، لكن الأمر يبدو مغايرا إذا تحدثنا عن مدينة كـحماة، حيث بدأت تتشابه النساء في لباسهنّ إلى حد بعيد، وربما أصبحت تلك المناطق ذات صبغة لونية واحدة لزيّ المرأة، إنها صبغة قاتمة، إذا تصفحنا بعضا من صور التجمعات النسائية هناك، أو صور المدارس أو الجامعات وغيرها مما ينتشر في الإعلام.

دائما ما يرتبط لباس الأفراد بالمكان ارتباطا وثيقا، ويمكن ملاحظة أن مجتمعا ما يتشابه في تركيبته الدينية والقومية يختلف في جوانب أخرى كلباس أفراده، وفي بعض المجتمعات يبرز لباس النساء كزيّ تمييزي أكثر من غيرها،

حرية اللباس للمرأة الحموية ربما أكثر أنواع الحرية جدلا، ويتشارك بالبت فيها صاحب السلطة على المرأة، يبدو أن إثارة موضوعات تتعلق فيه، يمكن أن تشعل حربا طاحنة، وهو ما يمكن ملاحظته بالعديد من النقاشات التي تطرح عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويمكن أن تنتهي بتهديدات بالقتل أحيانا.

تعتبر قضية النقاب قضية جدلية، وتعتبر نساء أن منهن حتما مجبرات على هذا اللباس “النقاب”، ويعكسن “مأساوية” الوضع الحالي في مدينة حماة التي تتعدد فيها الطوائف، أما في المدينة بات يتشكل على أساس لون ونوع مجتمعي واحد، وبين من اعتبر أن الموضوع غير قابل للنقاش، فهو “حرية شخصية”.

لا تساوم بعض النساء على خلع النقاب أو وضعه، حتى إن كان يعني الأمر الجلوس فب المنزل دون عمل، لأن البعض منهن لا تحب فعل أمر غير مقتنعة فيه بالإكراه، في مدينة حماة وليس ريفها كانت هناك محاولات لفرض النقاب بشكل واسع وتفرضه طبيعة المجتمع “الملتزم” دينياً.

بعض السيدات يرتدين النقاب بدون إي إجبار من أحد، “لأن مجتمعنا يقتضي ذلك” تقول إحداهن، ومؤخراً استبدلته بشال تلفه على وجهها، كما أن البعض منهن بتن يعتمدن على الكمامة في حال أردن العمل، رغم قناعتها المطلقة بالنقاب.

يمكن اعتبار أن إكراه المرأة على ارتداء زيّ معين من الملابس أو منعها عنه، أمر ممارس على المرأة في دول ومناطق عدة حول العالم، وغالبا ما تكون ذات مرجعية دينية، مثلما حدث خلال سيطرة التنظيمات – الإرهابية على مناطق في سوريا، أو دوليا كما فرضت حركة “طالبان” النقاب في أفغانستان قبل أشهر، أو كما هو حال الحجاب الإلزامي في إيران، أو العكس عندما مُنعت نساء من ارتداء الحجاب في أماكن الدراسة في بعض دول العالم، أو قمع المسلمات من إظهار ديانتهنّ وممارسة حقهنّ بالتعبير عن معتقداتهنّ الدينية، مثل مسلمات الإيغور الصينيين والمسلمات في الهند وغيرهنّ.

الأمم المتحدة، تقول إن لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدى.

المكان والزمان، متغيران يحكمان مظاهر اللباس بشكل أساسي، وبتغيّر بسيط بأحدهما أو كليهما، تتغيّر تركيبة المجتمع كليا، فما يلبسه الناس اليوم، يختلف عمّا كانوا يلبسونه قبل مئة عام، وهذا ما ينضوي عليه معنى اللباس العرفي، الذي تحكمه الأعراف، وتتغير على مدار سنوات مظاهره، بذائقة سامية أو منحدرة أحيانا.

البعض يرى أن مسألة الحجاب والنقاب حديثا، إنما هي مسألة سياسية، وتعد من مظاهر الإسلام السياسي، فالإخوان تميّزوا بفرض الحجاب على المرأة، أم السلفية ففرضوا النقاب ليتميّزوا به عن الإخوان.

ويمكن اعتبار النقاب جزء من “ثقافة المجتمع” فيه الكثير من إسباغ صورة الحاضر على الماضي، إذ أن الحكومة السورية حين أصدر قراراتها بنقل المنقبات من سلك التعليم إلى وظائف أخرى عام 2010، لم يتجاوز عدد من طُبّق عليهن القرار حوالي الألف امرأة، من أصل ملايين النساء السوريات.