لكل السوريين

قلق وغموض حول الوضع في النيجر.. مجموعة إيكواس تتأهب للتدخل والرهانات متناقضة لحل الأزمة

بدأت مجموعة دول غرب إفريقيا “إيكواس” بحشد قواتها من أجل تدخل عسكري محتمل في النيجر، وسيجتمع قادة أركان جيوشها في غانا هذا الأسبوع لوضع الخطط اللازمة لذلك.

وكان اجتماع المجموعة الاستثنائي الذي عقد مؤخراً في العاصمة النيجيرية أبوجا قد انتهى إلى الإعلان عن اللجوء إلى الخيارات الدبلوماسية لحل الأزمة، مع الإبقاء على الخيارات الأخرى مطروحة، وطالب بتفعيل القوة الاحتياطية للمجموعة على الفور.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت قوات إيكواس ستتدخل في النيجر فعلاً، ولا الفترة التي يمكن أن  يستغرقها حشد قواتها.

ويرى محللون عسكريون أن تشكيل هذه القوات قد يستغرق عدة أسابيع، ويشيرون إلى أن الجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية لتشكيل قوة من غرب إفريقيا قوامها آلاف الجنود قد تعثرت بسبب مشاكل التمويل والأمور اللوجستية.

ولم تذكر معظم دول إيكواس عدد الجنود المحتمل إرسالهم إلى النيجر، باستثناء ساحل العاج التي قالت إنها سترسل كتيبة قوامها 850 جندياً، وقالت غامبيا وليبيريا إنهما لم تتخذا قراراً بإرسال قوات بعد.

بينما قالت الحكومتان العسكريتان في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، وكلتاهما عضو في إيكواس، إنهما ستدافعان عن المجلس العسكري في النيجر إذا تعرّص لهجوم قوات إيكواس.

وبالتزامن مع قمة أبوجا، أعلن قادة الانقلاب تعيين حكومة جديدة يتولى رئاستها مدني، ويتولى رئاسة حقيبتي الدفاع والداخلية جنرالان من المجلس العسكري الحاكم.

رهانات متناقضة

لم يستبعد محللون سياسيون أن تنفذ المجموعة “إيكواس” تهديدها بالتدخل العسكري في النيجر،

ولكنهم يشككون في قدرتها على تحقيق أهدافها قياساً على تجارب سابقة لها لم تنجح فيها بإعادة رؤساء بعد الانقلاب عليهم.

ويرى بعضهم  أن النيجر لا يمكنها أن تتحمل الضغوط الاقتصادية كما تحملتها دول إفريقية أخرى تمت فيها انقلابات، لاعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وقد تنتج عن توقف هذه المساعدات مجموعات ضغوط يمكن أن تتحول إلى جبهة داخلية ضد المجلس العسكري، أو إلى وقوع انقلاب ضد الانقلاب، وهو ما تراهن عليه معظم دول المجموعة.

في حين يراهن العسكريون في النيجر على أن تضطر القوى الغربية ومجموعة إيكواس إلى  للتفاوض معهم خوفاً على مصالحها التي سيؤدي طول أمد المرحلة الحالية لتأثرها بشكل كبير.

ويتوقع المتابعون للشأن النيجيري أن يبقى الوضع في النيجر معقداً لفترة طويلة في ظل تمسك الانقلابيين بموقفهم، وإصرار فرنسا وإيكواس على التصدي لهم، بما قد يؤدي إلى تدخل عسكري ستكون تداعياته وخيمة على المنطقة كلها.

ردود فعل دولية

حذرت روسيا من أن أي تدخل عسكري في النيجر “سيزعزع الاستقرار بقوة” في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “نعتقد أن حلاً عسكرياً للأزمة في النيجر يمكن أن يؤدي إلى مواجهة طويلة الأمد في هذا البلد الأفريقي وإلى زعزعة حادّة للاستقرار في منطقة الصحراء والساحل بأسرها”، وأشارت الوزارة إلى أن موسكو ترحب بجهود الوساطة التي تقوم بها مجموعة إيكواس لإنهاء الأزمة.

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي يجب استبعاد أي تدخل عسكري غربي في النيجر، لأنه سيعتبر استعماراً جديداً، ويجب العمل على استعادة الديمقراطية فيها بالطرق الدبلوماسية.

في حين يرى معظم المراقبين أن فرنسا تقف وراء مجموعة “إيكواس” وتحثها بشدة على مهاجمة الانقلابيين في النيجر.

ومن جهتهما عبرت الولايات المتحدة عن دعمهما لجهود الإيكواس الرامية إلى استعادة النظام الدستوري في النيجر، ووجهت تحذيراً لقادة الانقلاب حملتهم فيه المسؤولية عن سلامة الرئيس محمد بازوم، بعد تداول أنباء عن تهديد الانقلابيين بقتله إذا تدخلت دول الجوار عسكرياً.

كما طالب الاتحاد الأوروبي بالإفراج الفوري عن بازوم وعائلته وأعضاء حكومته المحتجزين، وجدد التعبير عن القلق العميق إزاء تدهور ظروف اعتقالهم.

النيجر تفسد خطة ماكرون

بعد انسحابها من مالي العام الماضي، اعتبرت فرنسا النيجر بلداً مستقراً في منطقة مضطربة، وأعادت تمركز قواتها فيها، فجاء انقلاب النيجر ضربة جديدة للوجود الفرنسي في منطقة الساحل الإفريقي.

ومع أن ماكرون أعلن نهاية حقبة التدخل الفرنسي في إفريقيا، أو ما عبّر عنه بعصر “فرنسا الإفريقية”، في إشارة إلى شبكة النفوذ والمساعدات العسكرية والعقود التجارية التي كانت تربط فرنسا بمستعمراتها السابقة.

وأعادت فرنسا التفكير في عملياتها العسكرية في القارة السمراء منذ انسحاب قواتها من مالي، وسعت للاستفادة من الدروس التي تعلمتها من تجربتها في مالي، وبدأت تتصرف في النيجر كحليف وليس بصفتها قوة متحكّمة.

لكن خطط فرنسا الرامية لإعادة رسم علاقتها بمستعمراتها السابقة في إفريقيا لضمان مصالحها، جاءت فيما يبدو متأخرة، وقد يفسد انقلاب النيجر في حال استمراره، خطط ماكرون الإفريقية، ويحرم فرنسا من نفوذها في القارة السمراء الذي شكّل ثقلها على الصعيد الدولي، واستمرارها كدولة عظمى.