لكل السوريين

الأزمة في السودان تزداد سوءاً.. ويغذّيها صراع الدول على النفوذ فيه

اعتبر مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن السودان يعيش حالة “حرب أهلية من أكثر أنواع الحروب وحشية”.

وأكد على ضرورة وجود منتدى جديد لإجراء محادثات تهدف لوقف إطلاق النار في السودان.

وجاءت تصريحات المسؤول الأممي بعد انهيار محادثات السلام بالسعودية بين طرفي النزاع في حزيران الماضي، وبالتزامن مع لقاء زعماء المنطقة في إثيوبيا المجاورة لبحث الموقف في السودان، فيما استضافت مصر زعماء من جيران السودان بهدف بحث السلام فيه.

وتوسطت السعودية والولايات المتحدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ السادس من شهر أيار الماضي من خلال محادثات مدينة جدة السعودية التي أسفرت عن إعلان أكثر من هدنة حدثت خلالها خروقات كثيرة وجسيمة، مما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.

وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بارتكاب خروقات خلال سلسلة الهدنات التي لم تفلح في وضع نهاية للصراع الذي أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص معظمهم من  المدنيين، وتشريد حوالي أربعة ملايين نازح، بحسب وزارة الصحة السودانية والأمم المتحدة.

تناقضات تزيد الوضع سوءاً

رحّب مجلس السيادة السوداني بمخرجات قمة دول جوار السودان التي انعقدت في القاهرة،

وقال في بيان “إن حكومة السودان حريصة على العمل مع كل الأطراف الساعية لوقف الحرب وعودة الأمن والطمأنينة”.

وحسب خبراء في الشؤون الأفريقية، حاولت مبادرة القاهرة التغلب على الثغرات التي حدثت في المبادرات السابقة، من خلال تشكيل لجنة وزارية مهمتها وضع خطة عمل لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، ثم الدخول في مفاوضات تشارك فيها جميع الأطراف السودانية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التفاوض.

ولكن المبادرة لم تبحث نقاط الخلاف الرئيسية التي طرحت في المبادرات السابقة، بل تناولت الخطوط العريضة التي تقبل بها الأطراف السودانية، مما أثمر عن التوافق حولها.

ويبقى الرهان على نجاح اللجنة الوزارية في إقناع طرفي النزاع بقبول خطتها، وفي وضع تصور يحظى بموافقتهما، وفي حال فشلها في ذلك سيكون مصير مبادرة القاهرة كمصير المبادرات التي سبقتها.

وقد يشكّل تعدد المنصات الأفريقية بين الإيغاد والاتحاد الأفريقي ومبادرة القاهرة، وتباين الرؤى والمواقف المنبثقة عنها، ومواقف طرفي الصراع منها، وتضارب المواقف والمصالح بين دول الجوار السوداني والبلدان الأخرى، عوامل فشل هذه المنصات في تحقيق أهدافها.

وكان اجتماع اللجنة الرباعية المنبثقة عن الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” الذي استضافته إثيوبيا لبحث الأزمة في السودان قد كشف عمق الأزمة السياسية بين القوى الفاعلة فيه، حيث رفض نائب رئيس مجلس السيادة بالسودان مبادرة “إيغاد”، ووصفها بمبادرة احتلال، وقال إنها تسعى لإدخال قوات دولية إلى السودان وجعل منطقة الخرطوم منزوعة السلاح.

وفي ظل هذه المعطيات تزداد أزمة السودان سوءاً، ويستمر فيه القتال الذي يغذّيه الصراع بين عدة دول تسعى للسيطرة على ثرواته.

صراع على النفوذ

يدور صراع وراء الكواليس بين الدول التي تخطط للسيطرة على ثروات السودان، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين وروسيا، حيث يسعى كل منهم للهيمنة على النظام العالمي.

وترى أميركا أن السودان يتمتع بموقع استراتيجي هام على الصعيد الإقليمي، إضافة إلى غناه بالموارد الطبيعية مثل الذهب والنفط واليورانيوم.

بينما ترى فيه روسيا بوابة للتوسّع في القارة السمراء، وتلبي السيطرة عليه رغبتها في الهيمنة على المسطح المائي على طول البحر الأحمر الذي يعتبر أحد أهم الممرات المائية في العالم.

وبحسب معهد الشرق الأوسط للدراسات، تستهدف موسكو تعزيز نفوذها في السعودية المقابلة للسودان، عبر الأسطول الروسي الذي يعمل في بورتسودان شرقي البلاد.

ويشير المعهد إلى أن السودان ثالث أكبر شريك تجاري لروسيا، وأحد أكبر أسواق الأسلحة الروسية في إفريقيا.

كما أن للصين طموحات اقتصادية كبيرة في السودان الذي تعمل فيه مئات الشركات الصينية، وتعتبر بكين ثاني أكبر شريك تجاري للسودان، حيث اقتربت صادراتها له من ملياري دولار خلال عام 2021.