لكل السوريين

هجرة الشباب تفسح مجالاً للاعتماد على أطفال في غالبية الأعمال بحمص

حمص/ بسام الحمد

أصبح مشهد رؤية عمالة الأطفال مستفحلاً في حمص، حيث أن غالبية العاملين في الوقت الحالي هم ممن لم يبلغوا السن القانوني للعمل ويعود السبب لهجرة اليد العاملة من الشباب وصعوبة الظروف المعيشية.

يستمر نزيف اليد العاملة من سوريا بكل المستويات، من عمالة ماهرة وعمال عاديين، وحالياً إما أن ترى أصحاب عمل يعتمدون على أطفال لتسيير أمورهم أو يمكن أن ترى أطفالاً تحت السن القانوني هم نفسهم أصحاب العمل ويعملون بورش مهن حرة لحسابهم الخاص نتيجة ندرة المهرة وذوي الخبرة.

يقول سليمان أبو خالد، ويعمل في ورشة لبخ السيارات، إن بحث مراراً عن عامل لكن دون جدوى، و “إن استطعت تأمين شاب صغير في العمر، سيبقى معك بضعة أشهر ثم يترك العمل بسبب قلة المردود ويبحث عن سعمل آخر، أو ينتقل ليعمل وحده ويتقاضى أسعاراً رخيصة جداً قياساً بأصحاب الخبرة”.

وقد بات هناك كثير من الزبائن يفضلون الأطفال تحت السن القانوني بين (16 – 17 عاماً) أو فوقه بعام أو عامين (19 – 20) للعمل  كمعلمين نتيجة أسعارهم الرخيصة بغض النظر عن الجودة.

يعاني أصحاب المصالح الحرة والورش المهنية من قضية العثور على “شغيلة ذوي خبرة”  كما يقول أبو زهير وهو يعمل في مصلحة الدهانات، ويبرر ذلك بعدة أسباب أولها الهجرة التي تسيطر على عقول السوريين.

فقد يعمل معك شاب لسنة أو أقل ثم تسمع أنه هاجر في ليلة وضحاها دون سابق إنذار، أو يبحث هذا الشاب على مصلحة أخرى تدر عليه أكثر من المال ولو بـ10 آلاف في الشهر، أو ينتقل للعمل وحده طمعاً بالمال أيضاً، إضافةً إلى الالتحاق بالجيش أو بالمدرسة في الشتاء، حيث يكاد يكون العثور على عامل فترة الشتاء شبه مستحيل”.

وبات العثور على معلمين ذوي خبرة شبه مستحيل، يقول أبو مروان، ويضيف “سيارتي موديل 2011 نوع كيا فورتي، عندما تتعطل أتعوذ من الشيطان، فهذا يعني أنني سأقوم بإدخالها لأكثر من 5 ورش ميكانيك لأعثر على العطل هذا إن عثرت عليه، فأغلب الميكانيكية المتبقين في ورش الصناعة بحمص، ليس لديهم خبرة ويعتمدون على التحزير، وعمالهم أطفال تحت السن القانوني وغالباً هم من يقومون بالأعمال وليس صاحب الورشة الذي يفتقد الخبرة أيضاً”.

ليس في مهنة الميكانيك فقط، فأغلب الأهالي بحمص أجمعوا على أن العثور على معلم صحية مثلاً بات شبه مستحيل، فأغلبهم هاجروا من سوريا، إضافةً إلى مهن أخرى تركها أصحابها بسبب قلة الطلب عليها مثل ديكورات الجبس التي تعتبر من الرفاهيات حالياً، وبات العثور على معلم ديكور جبس صعباً جداً.

ونتيجة قلة اليد العاملة، عملت النساء في كثير من القطاعات، حيث أن المرأة السورية اضطرت لممارسة أعمال لم تعتد عليها سابقاً نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد كجلي البلاط والعمل على الجرارات.

وشهدت السنوات الماضية زيادة كبيرة في دخول الكبار في السن فوق الـ55 عاماً لسوق العمل، نتيجة لانخفاض نسبة الشباب، ويرفض هؤلاء التقاعد نتيجة ضيق الحال الاقتصادي وانخفاض الراتب التقاعدي في القطاعات الحكومية، ما أجبرهم على العمل في مهن لا تتناسب وأعمارهم كما العتالة في سوق الهال أو في أعمال البناء.