لكل السوريين

مسلم عبّاس عن التسويات: “هي محاولة لنسف المطالب المحقة، وما الجرم الذي ارتكبه الشعب حتى تُفرض عليهم؟”

الحسكة/ مجد محمد

منذ عام وحتى الآن وبين فترة وأخرى تعود عمليات التسوية التي تجريها حكومة دمشق لأهالي مدن وبلدات وقرى على امتداد الجغرافية السورية إلى الواجهة، في مسعى إلى إعادة هيمنتها وسيطرتها على المناطق التي خرجت عن سيطرتها منذ عام ٢٠١١، واستغلالها على صعد مختلفة، سياسية وأمنية وديمغرافية وغيرها، وآخرها تداول عودة التسويات للرقة ودير الزور، في وقت لاقت هذه التسويات رفضا شعبيا على نطاق واسع.

وحول هذا الموضوع، قال مسلم عباس عضو مجلس سوريا الديمقراطية في الحسكة لصحيفتنا، إن “موضوع التسويات موضوع شائك جداً ولا يتسم بالإيجابية ويدفع بالناس والمجتمع إلى الاعتقاد بأنهم أناس ومجتمعات مخطئة وغير سوية، فما الجرم الذي ارتكبه الأهالي في سعيهم للحصول على الحرية ومناهضة الاستبداد؟”.

وأضاف، “هي محاولة لنسف كل مطالب الشعب المحقة بالحصول على الحرية والديمقراطية والمساواة وإظهاره بمظهر العميل والخائن، وإظهار الحكومة بمظهر الوطن ذي الصدر الرحب الذي يعفو عن أبنائه، وكل من يذهب إلى هكذا تسويات يدين نفسه”.

وأكد مسلم عباس أن التسويات الفردية التي تجريها حكومة دمشق لبعض المواطنين تندرج تحت شقين اثنين، الأول هو التمسك بذهنية الحزب الواحد والعودة بسوريا إلى ما قبل عام ٢٠١١، واحاطتها بقبضة أمنية ومصادرة رأي الشعب عموماً وتطبيق سياسة القطيع عليه، ليأكل ويشرب فقط، دون أي تفاعل بالحياة السياسية والاقتصادية للبلاد.

ويتابع “وأما الثاني فهو محاولة إضفاء الشرعية على الحكومة السورية والهروب من كل ما قامت به خلال أكثر من ١٠ سنوات من الحرب والتهجير والقتل وإظهارها بمظهر المتسامح، والشعب بمظهر المجرم، لافتا إلى أن هدف حكومة دمشق من التسويات هو اظهار الشعب بمظهر العاصي، والتهرب من الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الشعب والوصول إلى حل شامل يكون عبر عقد مؤتمر دولي حول سوريا، تشارك فيه جميع الأطراف السورية دون استثناء بعيداً عن سياسة الإلغاء والتهميش وبإشراف أممي”.

وشدد في قوله “يأتي ذلك للتهرب من التزاماتها في إيجاد حل ديمقراطي شامل عبر عقد مؤتمرات جماهيرية شعبية بإشراف أممي تفضي إلى صياغة دستور مدني يكفل حقوق جميع مكونات الشعب السوري، ويصل بسوريا إلى دولة مدنية ذات سيادة يحكمها القانون بعيداً عن سياسة الإقصاء والتهميش وإلغاء الآخر”.

واستطرد “التسويات تمثل تهرباً من الحكومة السورية من التزاماتها السياسية والمجتمعية والأخلاقية في جمع الشعب السوري إلى طاولة واحدة، ومحاولة التهرب من كل ما يؤدي بسوريا إلى مجتمع مدني لأن التسوية الشاملة وصياغة دستور مدني يفضي إلى تعايش الشعوب بديمقراطية، التي تعرف حقوقها وواجباتها، وهذا ما ترفضه وتخشاه الحكومة في دمشق”.

وفي السياق، يرى العضو في مجلس سوريا الديمقراطية إنه يجب أن تكون هناك تسوية شاملة وقرار عام لإيجاد سياسة بديلة للسياسة المتبعة حالياً من قبل حكومة دمشق”، ويضيف قائلاً: “لهذه السياسة القائمة على مبدأ التسلط والعودة إلى العهد القديم، عهد ما قبل ٢٠١١، عهد الأفرع الأمنية التي تعد على المواطن أنفاسه وتحصي عليه حركاته وسكناته”.

وأكد على ضرورة إيجاد الدول الراعية حل شامل للأزمة السورية، بعيداً عما تسعى إليه حكومة دمشق عبر التسويات الفردية، التي لن تفيد في حل الأزمة قائلاً: يجب جمع شمل كل الفرقاء السياسيين وكل أطياف المجتمع المدني إلى طاولة الحوار وإعادة صياغة دستور مدني يكفل حقوق الجميع بعيداً عن سياسة الإقصاء والغاء الآخر، ويأخذ بسوريا إلى دولة مدنية ذات دستور بعيد عن العسكرة والمصالح الفردية الضيقة، لتعيش المكونات بسلام وطمأنينة.

ونوه إلى أنه بدون تقديم جميع الأطراف التنازلات، وفي مقدمتها حكومة دمشق، لن يتم التوصل إلى حل يرضي الشعب السوري، وينهي أزمة البلاد، وقال: “نحن مكونات سورية شعبية وسياسية يجب أن نتنازل لبعضنا البعض ونترك مبدأ التمسك بالرأي والتعنت إذا أردنا الوصول إلى حل شامل يرضي الجميع”.

واختتم مؤكداً على الحوار السوري عبر مؤتمرات وطنية على الجغرافية السورية، للوصول إلى السلام والعيش بحرية وكرامة، بعيداً عن التدخل الخارجي واجنداته التي تزيد من تعميق الأزمة السورية، قائلاً: علينا الابتعاد عن المؤتمرات الخارجية كجنيف وأستانا التي لم تفض إلا إلى مزيد من الاحتلالات والانتهاكات.