لكل السوريين

نساء دون ميراث.. العادات والتقاليد وأساليب أخرى تعقهن من الحصول على حقهن

لم تحصل سميرة وهي من أهالي حمص على حقّها الشرعي في ميراث عائلتها، فهي تنازلت عنه قبل 15 عاماً بعد محاولات ترغيب ناجحة، وحصلت لقاء ذلك على مبلغ مالي متواضع ودعوة إلى الغداء في أحد المطاعم الشهيرة في المدينة.

تشكو نساء حمصيات حرمانهنّ من الميراث المستحقّ لهنّ، وذلك على خلفية أسباب مختلفة، أمّا الرابط الوحيد فهو جشع الورثة الذكور وعادات اجتماعية لا تنصف المرأة.

بالإضافة للعزيمة حصلت سميرة على مبلغ 100 ألف مناصفة مع شقيقتها، في المحكمة الشرعية بعد التنازل لشقيقيها، بينما ترى أبنائهم اليوم يتمتعون بالأموال التي جنوها من بيعهم أراضي كانت من حقّها، وتدرك جيّداً أنّ الأوان قد فات، ولم يعد بمقدورها المطالبة بعد التنازل القانوني، إذا أنها لم تتوقع أن يسوء حالها إلى هذه الدرجة.

تتشابه في الحال مع آلاف النساء، لكن المفارقة بينهن أنها تنازلت برضاها دون تعرضها للعنف، فهناك أخريات خضعن لعنف حتى تنازلن، ولم يحصلنَ على حقوقهنّ في الميراث كاملة.

رغم أن القانون السوري يعطي المرأة حقّها في الميراث، لكن هناك حالات لا تستطيع المرأة فيها اللجوء إلى أيّ إجراء قانوني من أجل الحصول على حقوقها، عندما تتجاوز الموروثات الاجتماعية السائدة على القانون، كـ تنازل الآباء عمّا يملكون من عقارات وأموال لمصلحة أبنائهم الذكور.

وبالتالي يحرمون الإناث من حقوقهنّ، في هذه الحالة، تستطيع كلّ امرأة حُرمت من حقّها رفع دعوى للمطالبة به، وتتحدّث عاهد عمّا يُعرَف قانونياً بـ”مرض الموت” كأحد أعراض الأهلية، إذ إنّه ينقص أهلية أداء الشخص المعني المريض، نظراً إلى ضعف ذمّته وتعلق حقوق الغرماء بأمواله وحقوق الورثة كذلك.

ففي الحالة السابقة إذا رفعت المرأة المحرومة من الميراث دعوى في خلال عام واحد، فإنّها تحصل على حقوقها، لكنّ المسألة تصير أكثر صعوبة بعد مرور عام كامل، إلا في حال قدّمت أدلّة وبراهين تكشف أنّ عملية التنازل تمّت لحرمانها من حقّها في الميراث، فينصفها القضاء حينها، بحسب محاميين.

يقول حقوقيون إنه من أبرز الطرق المتّبعة لحرمان النساء من الميراث إبقاء المال على الشيوع، أي من دون تقسيم الحقوق وتوزيعها، وهذه الأوضاع تمتدّ عادة على مدى أعوام عدّة، ومنها على سبيل المثال امتلاك عقارات للإيجار، فيعمد الإخوة عادة إلى عدم إعطاء أخواتهم حقوقهنّ، من الممكن رفع دعوى لإزالة الشيوع، لكنّ الأمر يحتاج إلى رسوم مالية، ولا يملك الجميع المال لذلك عند تقسيم الممتلكات.

وهناك طرق عدة لحرمان النساء من الميراث، سواء من خلال عمليات تنازل الآباء لأبنائهم الذكور، أو التنازل عبر الترغيب، أو ممارسة الضغوطات العائلية والتهديد والإكراه على التنازل عن حقوقهنّ، إلى جانب جهل النساء بحقوقهنّ أو خوفهنّ من المطالبة بها.

كلّ ذلك يوسّع دائرة النساء اللواتي لا يملكنَ منازل ولا أراضي، مع ترسيخ ما يُعرف بـ”تأنيث الفقر”، من شأن ذلك أن يزيد عدد النساء الفقيرات والمهمّشات وغير القادرات على إعالة أنفسهنّ وأسرهن، ويفقدهنّ القدرة على مواجهة أعباء الحياة ويوقع كثيرات منهنّ في مشكلات قانونية في حين يتمّ استغلالهنّ بمختلف الطرق والوسائل.

لذا لا بد من زيادة وعي النساء حول حقوقهنّ التي كفلها لهنّ القانون، وتوعية المجتمع حول ضرورة التخلي عن العادات والتقاليد “المسيئة” التي تحرم النساء من حقوقهنّ في الميراث، إلى جانب منحهنّ الفرصة من أجل العمل لضمان مستقبلهنّ الاقتصادي.