لكل السوريين

بزيارة غير مسبوقة تحمل العديد من الدلالات.. ماذا يريد رئيسي من سوريا

حاوره/ مجد محمد

في توقيت مفاجئ؛ يزور الرئيس الايراني سوريا ابراهيم رئيسي، ضاربن عرض الحائط ومستهزئة بكل الاتفاقيات العربية مع سوريا، علي الرفيعي يقول ان الزيارة التي استمرت ليومين حملت العديد من المطالب والدلالات اهما المطالبة بمبالغ تفوق الخيال وتثبيت جديد للوجود الإيراني في سوريا.

وعلى هامش زيارة الرئيس الإيراني لسوريا‘ وتوقيع اتفاقيات طويلة الأمد على الجوانب العسكرية والاقتصادية والتجارية وغيرها من الجوانب، أجرت صحيفتنا لقاءا مطولا مع الاستاذ علي الرفيعي الحائز على درجة الماجستير في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، ودار الحوار التالي:

*استاذ علي مرحبا بك بداية، وعن زيارة الرئيس الإيراني، ماذا تعني هذه الزيارة في هذا التوقيت؟

اهلا بك، عن موضوع الزيارة، فهي الزيارة الأولى للرئيس الإيراني منذ مدة طويلة منذ زيارة الرئيس السابق أحمدي نجاة، مع التنويه أن وسائل الإعلام الإيرانية ركزت كثيرا على أن هذه الزيارة هي زيارة الانتصار، وزيارة المنتصر للمنتصر، مع التشديد انه لولا إيران لسقط نظام الأسد منذ زمن بعيد، فالزيارة هذه معد لها من قبل فترة، وحتى من قبل التحرك العربي نحو دمشق، ولكن كانت معدة وفق شروط من قبل الجانب الإيراني وهي الحصول على تسهيلات مجحفة من قبل نظام الاسد ولم يتم ذكرها سابقاً، ولكن عندما قام الأسد ووزراء بجولة على الدول العربية وكذلك استقبالهم وفود عربية اوصل رسالة لإيران انه من الممكن أن اطرق أبواب وافتح أبواب لسوريا غير بابكم في محاولة ضغط منه، وهذا ما شهدناه عقب الزلزال حيث كثفت إيران وجودها وبرز دورها في الشمال السوري وخصوصا في مطار حلب, فكما ذكرت لك، الزيارة كان معد لها مسبقا، وزيارة نصر وهمي وكذلك استثمارات لم تدخل حيز التنفيذ ولم يتصدر منها إلا اتفاق الطاقة.

*زيارة النصر! من انتصر على من؟ وعلى من انتصر الطرفان؟ فالزيارة لم تتوقف على رئيس الدولة فقط وإنما جلب عدد كبير من الوزراء أيضاً؟

حسب أبواق النظام الإيراني والأسد، أن إيران وسوريا انتصرنا على الحرب الكونية التي واجهت سوريا وانتصرت سوريا قيادة وجيشاً وشعباً، فهم انتصروا على أمريكا وحلفاؤها الذين يريدون تقسيم سوريا، وان هذه الحرب لو كانت على دولة أخرى لسقطت منذ الأشهر الأولى، لكن بوجود الحليف الإيراني انتصرت سوريا.

ولكن لا أعلم أي نصر هذا الذي يتغنون به، فهو مجرد أوهام ومحاولة تغطية بيع أراض من سوريا لإيران بحجج وفقاعات إعلامية تلهي الرأي العام، فهذه زيارة انتصار على شعب بريء تم تهجيره وقتله واعتقاله، فمنطقيا الطفل الصغير يستوعب ركاكة النصر الوهمي فالمال السوري بأكمله شرقه وغربه ليس تحت حكم الأسد وإيران، فأي انتصار هذا!!

*دلالات الزيارة، أظن أنها تحمل العديد من الدلالات، ما هي برأيك؟

الزيارة تحمل العديد من الدلالات وأبرزها التوقيت، في وقت تبادل الزيارات بين السعودية وسوريا، دلالته انه ليس فقط أنني حافظت على نظامك ومنعته من السقوط، وإنما أنا بحرّيتي اعيدك إلى الحضن العربي وبمشورتي فقط يتم ذلك، وكذلك الانقضاض على رقبة النظام السوري واستملاك سوريا، وأيضا دلالات أخرى ومنها توجيه رسالة إلى القادة العرب الذين يحاولون التطبيع، أنتم كنتم تشترطون للتطبيع مع سوريا ابتعادها من إيران، ولكن ها هي إيران هي من تقود سوريا وتعيدها بشروطها اليكم.

*إيران تعاني أيضا من أزمات وانتفاضات، هل زيارتها هذه وإعلان النصر في سوريا هو محاولة منها للتغطية على وضعها الداخلي؟

كما قلت لك سابقا كلمة النصر هي فقاعة إعلامية، الزيارة بغرض الاستثمار ومكاسب اقتصادية لتنعش اقتصادها الداخلي، وهناك اتفاقية جديدة فيما بينهم وهي منح أراضي في سوريا لإيران مقابل ديونها التي استثمرتها في سوريا من أسلحة ومحاربين ودفاع عن حكم الأسد، فالرئيس الإيراني جاء ليتطمأن عن المقابل، وعن محاولة التغطية على أزمتها الداخلية لا أظن ذلك صحيحا برأيي، فايران دخلت كأس العالم في أثناء ما كانت الأزمة والثورة مشتعلة فيها، فإيران تعلم حق اليقين انه لن يستطيع أحد أن يخرجها من سوريا حتى وإن اجتمع العرب على ذلك فهي تعمل الآن على مبدأ (الأرض مقابل الديون)، وان رجعنا للمنطق أن الملف السوري ليس ذي أولوية بالنسبة لإيران فهو مضمون بالنسبة لها، وهي تعمل على ملفات أخرى، كمفاوضات النووي مع أمريكا وكذلك تصالحها مع السعودية وغيرها من الامور.

*كما نعلم جميعنا، أن إيران وسوريا عليهما عقوبات اقتصادية، ما هي المشاريع في ضل وجود عقوبات اقتصادية على الطرفين؟

من دون الدخول في مشاريع مبهمة وأغلبها للتغطية على سياسات إيرانية، فمن باب الاقتصاد، على عكس ما كانت تتوقعه ايران، سوريا تتذيل قائمة المستوردين من إيران حيث كانت تتوقع انت تصدر لسوريا بضائع بما يقارب ٤٠٠مليون دولار امريكي ولكن ذلك لم يحصل، فواقعيا إيران لا تعول على نظام الأسد اقتصاديا لأنه بات شبه عبئ عليها الذي ضحى بكل شيء مقابل بقائه في الحكم، الان إيران تحاول أن تستملك العقارات في سوريا وبقع جغرافية تحتوي على المعادن والثروات الباطنية، وسوريا بالنسبة لإيران هي مجال حيوي وخصب لممارسة سياستها التوسعية بالدرجة الاولى

*تعارض مع الدستور، كيف يمكن التخلي عن قطعة جغرافية في الدولة لصالح دولة أخرى؟

الموضوع يتم تمييعه بالمواصفات وطريقة عرضه وإعلان، ونظام الأسد كما ذكرت لك سابقا مستعد للتخلي والتضحية بكل شيء مقابل بقاؤه في الحكم، وغير ذلك توجد العديد من مذكرات التفاهم التي تم الإعلان عنها ولم تدخل حيز التنفيذ بعد، ولكنها ستنفذ متى سنحت الظروف بذلك كونها توقعت بين الطرفين وأعلنت، ومنها إشراف إيران على استخراج النفط في الجزيرة السورية وعلى حقول محافظة الحسكة على وجه الخصوص، الان لم تدخل حيز التنفيذ كون المنطقة تحت إشراف أمريكي، ولكن مستقبلا أن عادت المنطقة تحت حكم الأسد ستنفذ الاتفاقية والمذكرة بشكل مباشر، وكذلك مشروع سكة الحديد الذي يربط منطقة الهلال الخصيب (الهلال الشيعي) الذي يربط إيران بالعراق ومنها إلى سوريا وصولا إلى لبنان، ف المشروع تم البدء بتنفيذه وتجهيز من العاصمة طهران وصولا للعراق وكذلك تم تجهيزه في العراق وصولا للحدود السورية، لكن في سوريا متوقف ومتى ما عادت المنطقة تحت حكم الأسد سيتم استكماله وصولا إلى لبنان لمناطق حزب الله التي هي اساسا تشرف عليها إيران بشكل مباشر، فالأمر لا يتوقف على اتفاقيات بدأت مثل مشروع الطاقة، بل متعلق أيضا باتفاقيات ومذكرات تم الاتفاق عليها وتوقيعها ويتعلق تنفيذها للمستقبل.

*نعود للنصر مرة أخرى، كيف يعلنون النصر وفي كل أسبوع يتم قصف سوريا من قبل إسرائيل دون رد؟ وايضا كما تحدثت لي أن مستقبلا سيتم تعزيز الوجود الإيراني في المنطقة بشكل دائم، كيف سيكون حال التحركات الإسرائيلية حينها؟

بكل واقعية ووضوح، من يعتقد أن إسرائيل تسعى لتجريف الوجود الإيراني في المنطقة فهو واهم، هناك اتفاقات على حجم النفوذ، إيران والميليشيات التابعة لها تكون مستهدفة من قبل إسرائيل عندما تتجاوز الحدود الحمر فقط، وان الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إذا كانوا يريدون إنهاء الوجود الإيراني في المنطقة لوجدوا إلى ذلك سبيلا، وهو إسقاط نظام الأسد لأن وجود إيران مرتبط به وارتباطهم وثيق، خذ ذلك مثلا الميليشيات الإيرانية تمتد من درعا حتى البو كمال وإسرائيل لم تستهدفها ابدا، إلا مرة واحدة، ف إسرائيل تستهدف فقط مواقع إيرانية محددة وقواعد صاروخية إيرانية عندما تشعر أن هناك تحركات عسكرية من شأنها تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل وتم الاتفاق عليها، فهي لعبة وقواعد اللعبة لم تتغير، فالمراد هنا هو احتواء الخطر الإيراني بوسائل ليست عسكرية، فإيران دولة إقليمية كبيرة لا يمكن تجاهلها واخطارها على المنطقة فقط، ولا تضر بمصالح أمريكا واسرائيل.

*ختاما، وتركيا.. هل جاءت الزيارة قبل اعادة العلاقات بين الاسد وتركيا؟ المجال مفتوح لك…

برأيي الشخصي، لا استبعد أن تكون زيارة رئيسي إلى دمشق ايضاً بسبب القلق الإيراني من مسار العلاقات السياسية بين تركيا والنظام السوري، خاصة في ظل وجود ضغوطات روسية تمارس على النظام السوري تتعارض مع المصالح الإيرانية في سوريا، وارى أن إيران تستبق إتمام التطبيع بين تركيا والنظام السوري بشكل كامل، بتحركات تهدف من خلالها إلى تأمين نفوذها وحماية مصالحها التجارية وحصتها من إعادة إعمار سوريا والاستثمارات في قطاع الطاقة رغم أنها باركت خطوات التطبيع بين الجانبين وشاركت في الاجتماعات الأخيرة بالعاصمة الروسية موسكو.