لكل السوريين

مذبحة الأرمن.. بدأها العثمانيون واكملها اردوغان يعقوب خجدوريان.. الإبادة الأرمنية جريمة الدولة العثمانية التي تطارد تركيا

حاوره/ مجد محمد

يتألم العالم اجمع وابناء القومية الارمنية على وجه الخصوص بذكرى إبادة الارمن وتهجيرهم من قبل الدولة العثمانية، الإبادة التي سيصادف ذكراها في الرابع والعشرون من نيسان/ابريل الجاري، والتي حصلت قبل مئة وثمانية اعوام اي في عام ١٩١٥ ولازالت تدمي قلوب البشرية جمعاء حتى يومنا هذا.

وعن الابادة واسبابها ومجرياتها ونتائجها، عقدت صحيفتنا لقاءاً مطولاً مع الاستاذ المعلم يعقوب خجدوريان وهو احد ابناء المكون الارمني، ودار الحوار التالي:

*استاذ يعقوب مرحباً بك بداية، وتعازينا الحارة للأرمن خصوصاً وللبشرية جمعاء بهذه الذكرى الاليمة، هل تحدثنا عن السبب الذي دفع تركيا لأرتكاب المذابح بحقكم؟

اجاب الاستاذ يعقوب خجدوريان قائلا: دعني اعود بك إلى فترة الحرب العالمية الاولى والتي انهارت خلالها الدولة العثمانية، فالقوات العثمانية آنذاك استهدفت الارمن بشكل ممنهج، بالقتل والاعتقال والتهجير، بسبب الشك في دعمهم لروسيا أثناء الحرب، علما انه لم تكن هناك اي نزعة انفصالية بالنسبة للأرمن، فهم كانوا فقط يطالبون بحقوقهم، ويرفضون الظلم، والممارسات الجائرة بحقهم من قبل العثمانيين، فهذا ما كان يقلق السلطات العثمانية ، فكانوا يريدون الخلاص منهم بأي شكل بوصفهم متمردين ومتعاملين مع العدو ضد العثمانيين.

وقد ازدادت الكراهية تجاه المسيحيين وخصوصا الارمن كونهم الغالبية عندما تعرضت الإمبراطورية العثمانية لهزيمة مذلة في حرب البلقان الأولى (١٩١٢/١٩١٣) مما أدى إلى خسارة ما تبقى من أراضيها في أوروبا، وألقى قادة العثمانيين باللوم في الهزيمة على خيانة الارمن في البلقان، وعلاوة على ذلك، أدى الصراع إلى تدفق مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين شرقاً إلى الأناضول مما أدى إلى تصعيد النزاع بين المزارعين العثمانيين والارمن على الأرض، فالأسباب كانت بالنسبة للعثمانيين كثيرة، ولكن جميعها غير منطقية وكاذبة، سببهم الرئيسي كان هو فقط الكره والحقد على الارمن والاستيلاء على اراضيهم وممتلكاتهم.

*كيف بدأت ملامح المذبحة؟

اعتقلت السلطات العثمانية ٢٤٠ من القادة الأرمن في القسطنطينية في ٢٤ نيسان/ابريل ١٩١٥، ورحلتهم شرقاً، وتنفيذاً لأوامر الحكومة المركزية في القسطنطينية، قام ضباط الإقليم بعمليات إطلاق نار واسعة وترحيل بمساعدة مدنيين محليين، قتلت الأجهزة العسكرية والأمنية العثمانية ومساعدوهم غالبية الرجال الأرمن في سن القتال، إلى جانب آلاف النساء والأطفال، وخلال المسيرات القسرية عبر الصحراء، تعرضت قوافل كبار السن والنساء والأطفال الناجين إلى هجمات وحشية من ضباط الإقليم والعصابات البدوية والعصابات الإجرامية والمدنيين، واشتمل هذا العنف على عمليات سرقة وتجريد الضحايا من ملابسهم وتفتيشهم داخليا بحثا عن الأشياء الثمينة، واغتصاب السيدات الشابات والفتيات واختطافهن والابتزاز والتعذيب والقتل، ومات مئات الآلاف من الأرمن قبل الوصول إلى معسكرات الاعتقال المخصصة، قتل أو اختطف الكثيرون ، وانتحر آخرون ، وتوفيت أعداد كبيرة منهم بسبب الجوع أو الجفاف أو التجريد أو المرض في الطريق بينما سعى بعض المدنيين إلى مساعدة المبعدين من الأرمن، قتل العديد منهم أو عذبوا الناس في القوافل.

*وما شأن الاكراد بمذبحة الارمن، وهل شاركو فعلاً بها وما مدى مشاركتهم؟

نعم، لعبت بعض القبائل الكردية دوراً في مذابح الأرمن كونها كانت أكبر الأقليات المسلمة في تركيا وقتها، إذ استغلتهم السلطات العثمانية للزج بهم في عمليات القتل ضد الأرمن، كان الأكراد موعودين بقيام دولتهم المستقلة من قبل مصطفى كمال أتاتورك، الذي استغلهم من أجل تأسيس الدولة التركية بعد أن ضعفت وانهارت الامبراطورية العثمانية، وكالعادة لا يؤخذ بعهد العثماني، فعندما انتهى من الارمن قمع انتفاضات الاكراد ايضاً، ولكن ومع ظهور الحركات والأحزاب الكردية في الثمانينيات من القرن الماضي مثل حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، اعتذرت تلك الأحزاب عما ارتكبه أسلافهم بحق الأرمن.

*ما هو العدد الرسمي للقتلى في المذبحة، وما رأي تركيا بذلك؟

عدد القتلى فقط مليون ونصف المليون، وتعترف تركيا بوقوع مجازر ووقوع ضحايا أرمن، لكنها تقول إن الرقم لا يتجاوز ٣٠٠ ألف، وإن ذلك وقع في فترة حرب، اي ان العدد طبيعي في مثل هذه الفترات، وأنهم قضوا نتيجة للجوع أو في معارك وقفوا فيها مع روسيا، عدوة السلطنة العثمانية، في الحرب العالمية الأولى، وتخاف تركيا من فتح باب قد لا يغلق إلا بصعوبة، فالاعتراف بما وقع للأرمن من إبادة جماعية بداية القرن الماضي سيؤثر سلبا على شعور الفخر بالهوية التركية، وسيحيي جراحا لمذابح أخرى ارتكبتها القوات العثمانية، فهي تعلم ان تاريخها مليء بالجرائم.

*فيما بعد التهجير ومسيرة الموت، كيف كان الوضع؟

بدأت مسيرة الموت بأعداد كبيرة ولكن سرعان ما قلت الاعداد بسبب الجوع والعطش وكذلك استمرار عمليات القتل من قبل العثمانيين، ولكن حال وصولنا إلى مناطق شمال سوريا (محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب) تم استقبال اجدادنا وجداتنا من قبل الاهالي وشيوخ العشائر، وامنوا لهم المأكل والمشرب واستقبلوهم في بيوتهم، وبناء دور خاصة للنساء ايضاً كون كلهن ارامل ومتعرضات للتعنيف.

*كيف استطاع الارمن لملمة شتات انفسهم حينذاك، وهل لك اقارب تعرفهم قد قتلوا من العثمانيين؟

من قدم إلى مناطق شمال سوريا من اجدادنا الرجال قليلون جدا والنساء كثيرات حينذاك ومثخنين بالجراح والآلام فمنهم من مات ومنهم من بدأ يعمل في شمال سوريا برعاية ابناء المنطقة, ومنهم من اعتنق الاسلام بحريته وتزوج من بنات المنطقة، والنساء منهن من تزوجت من العرب والاكراد المسلمين بعد ما تلقوه منهم كل عطف ومحبة وغيرهن من استقر في قرى حوض الخابور من السريان الاشوريين الذين تعرضوا قبلها بفترة وجيزة لمجازر السيفو وسيميلي من قبل العثمانيين, وايضاً عدد من النسوة المثقفات بوقتها ذهبن إلى امريكا واوروبا للنضال بالتحرر وتوثيق الابادة التي حصلت، نعم، جدي لوالدتي واخوالي وخالاتي واقاربهم كانوا من مدينة زونغولداك التركية، لقى جدي واخوالي حتفهم ما عدا واحد بالمذبحة واستطاعت امي وخالاتي الوصول إلى شمال سوريا(الحسكة حالياً)، واستقروا هنا، وتزوجت امي احد الناجين من المذبحة في الحسكة واستقرينا هنا.

*اليوم في شمال وشرق سوريا اظن الوضع مختلف، وبدأ الارمن تنظيم انفسهم ويتنفسون الصعداء..!

نعم بالتأكيد، الإدارة الذاتية مشكورة، دعمت ابناء المنطقة، وشدت ازرهم، وسمحت لهم بكل ديمقراطية دعم وتنظيم انفسهم، فنحن الارمن نظمنا انفسنا وانشأنا المجلس الاجتماعي الارمني الذي من خلاله بدأ البحث عن تاريخنا وثقافتنا وهويتنا وبشكل خاص من الناحية الدينية والثقافية ، وكذلك اتحاد المرأة الارمنية، وكذلك الشبيبة الارمنية، وبدأنا نتعلم ونحيي لغتنا الام، ونصون حقوقنا وندافع عنها، وايضا تشكيل كتيبة عسكرية من المقاتلين الارمن باسم الشهيد نوبار اوزانيان، ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية، وغيرها العديد من الانجازات التي حققها الشعب الارمني في السنوات القليلة التي خلت.

*في الختام سيد خجدوريان، كلمة اخيرة تود قولها؟

في الختام اتمنى من دول العالم اجمع بالضغط على تركيا التي تستمر في محاولاتها لخلق الفتنة واعادة ممارسة حروبها علينا، وكذلك عزائي لجميع اهالي الشهداء وللأمهات الارمنيات اللواتي فقدن اعز ما يملكن جراء الاضطهاد والحروب الممارسة بحقهن.