لكل السوريين

الزلزال والأزمة النفسية.. كيف نخفف من تأثيرها على الأطفال؟

تقرير/ جمانة الخالد

خلف الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا الكثير من الأضرار والدمار في الدولتين، من حيث عدد الضحايا ومشاهد الدمار حيث دُمرت أحياء كاملة.

وكان لحماة حصة من هذا الدمار ولكن بنسبة أقل من غيرها، غير أن الدمار خلف أضراراً أخرى في نفوس السوريين والأطفال بشكل خاص وبدرجة أقل بقليل النساء، لكن دون التفات لحجم هذه المشكلة.

لا سيما وإن الناس عموماً لا يمتلكون معرفة نفسية في الحد الأدنى تمكنهم من التعاطي بشكل سليم مع النتائج المهولة للأحداث دون إحداث مزيد من الأضرار، لا يدرك الكثيرون، بما فيهم المتطوعون في فرق الدعم النفسي أن بعض التصرفات الخاطئة قد يكون لها آثار مديدة ومدمرة على الصحة النفسية للضحايا.

كثيرة هي القضايا التي يجب أن يكون هنالك أدلة عملية بين فرق التطوع للتعامل معها، لكن واحد من أكثرها إلحاحاً في هذه الظروف العصيبة قضية الإبلاغ بالأخبار السيئة، وعلى رأس هذه الأخبار السيئة، وفاة أفراد من العائلة، والأبوين على وجه الخصوص.

إن كثيرا من الأطفال الآن فقدوا أسرتهم بالكامل أو على الأقل أحد أفراد أسرتهم أو دمر بيتهم وأشياءهم المحببة، هؤلاء بحاجة لإخبارهم بشكل علمي ودقيق وواضح ومفهوم من قبلهم؛ لأنهم من دون ذلك سيستمرون في تكذيب الخبر في داخلهم، وما يزيد من شعور القلق والخوف.

لذا لا بد من معرفة كيفية تبليغ الأطفال بالحدث الصادم بطريقة محددة ومفهومة تساعدهم على الاستجابة للحدث بطريقة تكيفية قدر الإمكان، والتخفيف من حدة المشاعر السلبية المزعجة المرتبطة بالحدث الصادم والتي يتم تخزينها في الذاكرة بشكل عشوائي وغير منظم وتبقى مثل خزان قابل للانفجار في أي لحظة ولو بعد سنوات.

ونقل الخبر بطريقة غير واضحة أو غيبية غير مفهومة، سيدفع الطفل لإغلاق ذاكرة الصدمة بما فيها من أفكار ومشاعر وصور حسية بطريقة غير تكيّفية ما يعني أنه يمكن استرجاعها بسهولة عند أي موقف ضاغط يقابله في حياته، وبالتالي سيتسمر تأثيرها السلبي وربما يتضاعف.

يفضل أن يخبر الطفل أحد أفراد الأسرة المقربين للطفل أو شخص بالغ تربطه علاقة سابقة مع الطفل.

إخبار الطفل بعبارات واضحة محددة ومفهومة له، يمكن أن نخبره في البداية أنه تم العثور عليهم ولكنهم كانوا في حالة حرجة، ثم نخبره بالوفاة على أن يكون ذلك بشكل متقارب جداً زمنياً.

 

يجب الابتعاد عن دفع الطفل ليستجيب وفق السياق الذي تعودنا عليه أو الذي نراه مناسباً. (لا يقال له مثلاً: يجب أن تبكي لكي ترتاح)، وطمأنة الطفل على مصير الشخص الذي فقده (مثلاً تحديد مكان الدفن لو أمكن وأن يستطيع أن يزوره)

ترك الطفل ليعبر عن مشاعره بالطريقة التي يختارها، ونتقبل هذه المشاعر وخاصة في المرحلة الأولى، ولا نحاول كبتها بعبارات (أنت صرت شاباً كبيراً، أنت شجاع، أنت تعرف الله جيداً)

كذلك ابتعاد النساء عن الأخبار المتوالية والمفجعة حول الكارثة، ويُفضّل اعتزال وسائل التواصل الاجتماعي، لما فيها من مشاهد محزنة تثير الحالة الوجدانية، وكثرة أخبار توقع الزلزال، خاصة في ظل توالي الهزات الارتدادية.