لكل السوريين

هل تتعقب إيران اتصالات السوريين؟

تقرير/ مرجانة إسماعيل

بعد أن أثارت أخبار وتقارير جدلا حول استخدام شركات الاتصالات السورية شرائح اتصال إيرانية، بدأت وزارة الاتصالات بإجراء فحص لشرائح الهواتف المتنقلة للتحقق من معاييرها الفنية العالمية.

إذ قالت تقارير إعلامية، إن اعتماد شركتي الاتصالات في سوريا، “سيريتل” و”MTN”، على شرائح اتصال إيرانية تُصنّعها شركة “صقا”، التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. وأبرز التحقيق ارتباطات الشركة ببرامج رقابية وأمنية تهدف إلى تعزيز نفوذ إيران الاستخباري في سوريا، في حين أن خبراء في الأمن السيبراني أكدوا أن المشكلة لا تكمن في شرائح الاتصال بل في البنية التحتية.

وزير الاتصالات في حكومة “تصريف الأعمال السورية”، حسين المصري، قال إن الوزارة أرسلت عينات من الشرائح إلى شركة متخصصة للتحقق من مدى توافقها مع المعايير الفنية العالمية. إذ جاء ذلك بعد انتشار تقارير إعلامية حول تعرّض خصوصية بيانات المواطنين للخطر عبر شرائح الموبايل.

المصري أكد في تصريح لوكالة “سانا”، أن الوزارة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة في حال ثبوت أي خطر يهدد بيانات المواطنين.

شركتا “سيريتل” و”MTN” أصدرتا، بيانات توضيحية بخصوص مصدر شرائح الـ “SIM” الخاصة بهما، إذ نفت شركة “MTN” وجود أي تعامل فني مع شركة إيرانية، بينما بدأت “سيريتل” بفحص عينات عشوائية.

وقالت شركة “MTN” في بيان إنه لا يوجد أي تعامل فني، تقني، أو تجاري مع شركة “Saga” الإيرانية سابقاً أو حالياً، إذ أوضحت أن الشرائح المستخدمة في السوق السورية من إنتاج شركات خليجية، وأوروبية، وصينية متخصصة.

وأضاف البيان أن جميع الشرائح المستخدمة تخضع لاختبارات تقنية معقدة وفق أنظمة وقوانين وزارة الاتصالات والهيئة الناظمة السورية لضمان الحماية من أي محاولات اختراق.

بينما أعلنت شركة “سيريتل” إرسال عينات عشوائية من شرائح اتصال قديمة وجديدة إلى شركات عالمية متخصصة في أمن الاتصالات، ليتم فحص هذه الشرائح وتقديم تقرير موثوق بالنتائج تشاركه مع وزارة الاتصالات والهيئة الناظمة للاتصالات.

وأفادت الشركة في بيان بأن الإجراء يأتي رداً على ما يجري تداوله حول استخدام شركات الاتصالات شرائح اتصال مصنعة من قبل شركة “sagha Company” الإيرانية على برمجيات تتيح للشركة المذكورة جمع معلومات عن المستخدمين وبياناتهم عن بعد.

بينما أكدت أنها تستورد شرائح الاتصال من مصادر متعددة، حيث يخضع جميع الموردين لمجموعة من الإجراءات والاختبارات التقنية الدقيقة.

لكن المشكلة لا تكمن في شرائح الاتصال، إذ إنها مجرد حلقة وصل بين المستخدم وأبراج الاتصال، في حين أن التجسس يعتمد على تطبيقات وبرمجيات يمكن أن تكون موجودة في الأجهزة.

لأن معظم الأجهزة والسيرفرات والتطبيقات التابعة للحكومة السورية هي ليست سليمة والموضوع أكبر بكثير من شرائح الاتصال ويتعلق بالبنية التحتية للاتصالات في سوريا.

ثم أن الوضع الأمني التقني خطير في سوريا، ويمكن أن يكون هناك برمجيات خبيثة وتطبيقات مزروعة في أجهزة الدولة، إضافة إلى وجود بوابات خلفية مفتوحة بأنظمة الاتصال وتعمل على تسريب المعلومات بشكل مستمر.

ويمكن أن تحتوي الهواتف السورية المنتشرة في السوق على برمجيات خبيثة، إذ أن الكثير من التفاصيل لا يمكن الحديث بها عبر وسائل الإعلام ويجب أن توجه للجهات المختصة.

ويعتبر تأمين البنية التحتية للاتصالات في سوريا مهمة شاقة، وتتطلب جهداً ضخماً لتفكيك منظومة التجسس التي بناها النظام المخلوع، بمساعدة إيران، على مدى عقود.

واستثمر النظام السابق ملايين الدولارات لتعزيز قدراته على المراقبة والتجسس، على حساب تعزيز أمن الشبكة وحماية بيانات المواطنين.

وستواجه إعادة تصميم الشبكة تحديات كبيرة بسبب العقوبات، ورغم أن الحصول على استثناءات قد يكون ممكناً، إلا أن العديد من الشركات قد تتردد في العمل في سوريا بسبب تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي، حتى وإن توفرت تلك الاستثناءات.

ويكمن الحل في بناء قدرات محلية واعتماد منهجية جديدة، بحيث يمكن تحليل الشبكة وكشف البوابات الخلفية الموجودة. كما يجب تبني منهجية التسوية المفترضة ” Presumed Compromise”، التي تفترض أننا بالفعل مخترقون، مما يستدعي البحث عن الخروقات القائمة وتحديد الجهات المنفذة.

لذلك لا بد من تصميم هندسة شبكية دفاعية تعتمد على مبدأ “عدم الثقة”، بحيث لا يُفترض الوثوق بأي مكون داخل الشبكة دون تحقق صارم من هويته وأمانه، إضافة إلى إيجاد حلول برمجية محلية تحلّ محلّ البرمجيات الأجنبية، التي لا يمكن تحديثها بسبب العقوبات، مما يقلل من المخاطر الأمنية المرتبطة بها.