لكل السوريين

نظام المرشدين في طهران.. يحاول امتصاص غضب الشعب الإيراني

في محاولة لإضعاف الدعم الشعبي للمظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت في إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني في قبضة شرطة الأخلاق الإيرانية بتهمة مخالفة القوانين، وبعد أشهر من المظاهرات والاحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد، وأكثر من شهر على قرار حل شرطة الأخلاق التي كان لها الدور الأساسي في الاعتداء على النساء غير المحجبات وضربهن، غيرت السلطات الإيرانية أسلوبها في تطبيق القوانين المفروضة على لباس النساء وتغطية رؤوسهن، واعتمدت سياسات جديدة باستبدال التعرض لهن في الشوارع بتكنولوجيا جديدة لمراقبتهن، كما استبدلت عقوبة السجن بقرض الغرامات على اللواتي يخالفن قواعد اللباس.

وكان حجم المظاهرات التي انطلقت لتنادي بالإصلاحات وحرية النساء في وضع الحجاب أو عدمه، قد تضاءلت وتحولت إلى المناداة بتغيير نظام الحكم خلال الأسابيع الماضية، بعد أن أعدمت السلطات الإيرانية أربعة أشخاص على الأقل، وقتلت المئات من المتظاهرين، واعتقلت أكثر من ألف آخرين ممن تربطهم أي علاقة بالاحتجاجات.

استبدال التوقيف بالغرامات

وجهت السلطات الإيرانية الشرطة إلى الامتناع عن اعتقال النساء اللواتي يخالفن قواعد اللباس الصارمة، وفرض غرامات عليهن، وفقا لما نقلته وكالات الأنباء عن المدعي العام الإيراني. وتتعدى الغرامات الجديدة النساء المخالِفات للقوانين إلى من يسمح لهن، أو يساعدهن بالخروج عن القواعد الصارمة، مثل سيارات الأجرة والمطاعم والبنوك، في حال استقبال نساء من دون حجاب.

وبالإضافة إلى الغرامات، تتراوح العقوبات الجديدة بين الخدمة المدنية ومنع السفر خارج البلاد، وطرد موظفي الدولة من مناصبهم وسحب السيارات من النساء المخالفات.
ونشرت الصحف مذكرة أصدرها نائب المدعي العام الإيراني، في العاشر من الشهر الجاري، ذكر فيها أن “الشرطة تلقت أوامر للتعامل بصرامة مع جريمة عدم ارتداء الحجاب”.

وأشارت إلى أن طهران اتخذت أسلوباً جديداً يتسم بحدة أقل من المواجهة الجسدية تعكس محاولتها للتخفيف من الغضب الواسع في البلاد.

وتزامن  قرار الادعاء العام مع خطبة ألقاها المرشد الأعلى علي خامنئي بنفس اليوم، واستخدم فيها لهجة أقل حدة تجاه النساء الخارجات عن قواعد اللباس، حيث قال إن “الحجاب الضعيف ليس ملائماً لكنه ليس سبباً لاعتبار ذاك الشخص خارجاً عن الدين وعن دائرة الثورة”.

بينما كان خامنئي يدافع عن قواعد الحجاب خلال السنوات الماضية.

تكنولوجيا جديدة للرقابة

ذكرت السلطات الإيرانية أنها ستستعين بـتكنولوجيا صينية جديدة للرقابة على النساء، وملاحقة الناشطات اللواتي يكسرن قواعد الملابس وفرض قوانين اللباس عليهن.

وقال رئيس اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان الإيراني في كانون الأول الماضي، إن “الكاميرات المستخدمة لتوثيق المخالفات المرورية، ستلجأ إلى خاصية التعرف على الوجه، والتي يمكنها أن تطبق هذا العمل بصورة منهجية”.

وأضاف أن “هذا سيساعد في تقليل قوات إنفاذ القانون في الشوارع وتجنب تصادم آخر بين الشرطة والمواطنين”.

مما يشير إلى أن هدف السلطات الإيرانية من هذه الإجراءات هو تغيير وسائل القمع لامتصاص غضب الشارع، دون التخفيف منها باعتبار أن قواعد اللباس وسبل مواجهتها الصارمة تعد وسيلة مهمة من الوسائل التي يستخدمها النظام لفرض سيطرته على المجتمع.

وخاصة أن الاحتجاجات شهدت إحراق نساء للحجاب والامتناع عن ارتدائه في الأماكن العامة، والهتافات برفض فرضه على النساء بالقوة، وسرعان ما تطورت إلى المطالبة بسقوط نظام الحكم الإيراني.

يذكر ان الاحتجاجات التي تشهدها إيران حالياً جاءت نتيجة تراكمات معاناة الشعب الإيراني منذ أربعين عاماً من الاستبداد والتضييق على الحريات وخاصة على الفئات العلمانية في المجتمع.

وليس فرض ارتداء الحجاب القسري سوى تجسيد للحكم الاستبدادي.

وجاءت وفاة الشابة أميني لتصب الزيت على النار لدى العائلات الإيرانية التي استهدفت شرطة الأخلاق نساءها وفتياتها، ولدى شرائح واسعة من الشعب الإيراني .