لكل السوريين

انتخابات تونس النيابية.. حركة فاترة.. وإقبال ضعيف

في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة، ومقاطعة واسعة من الأحزاب والقوى التونسية الرئيسية، جرت أول انتخابات برلمانية في تونس بعد الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي “لتصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة” حسب تصريحاته.

وتنافس في هذه الانتخابات 1058مرشحاً، بينهم 120 امرأة، على 161 مقعداً، وكان أغلب المرشحين فيها من المستقلين غير المعروفين بنشاط سياسي سابق.

واعتبر قيس سعيّد هذه الانتخابات فرصة للتغيير، ودعا المواطنين إلى المشاركة الفاعلة فيها، وأشار إلى أن على مجلس النواب القادم العمل على تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لكل التونسيين.

بيمنا اتهمت المعارضة الرئيس التونسي بإقرار دستور مفصل على مقاسه، وبتصفية حساباته السياسية ضد معارضيه عن طريق توظيف مؤسسات الدولة والقضاء.

ويتوقع أن تصدر نتائج هذه الانتخابات خلال الشهر القادم بعد انتهاء البت في الطعون المحتملة، وقد لا تعلن النتائج النهائية قبل منتصف شهر آذار المقبل، حيث يشترط القانون الانتخابي أن يحصل المرشح على الأغلبية المطلقة من أصوات ناخبي دائرته، مما قد يفرض خوض جولة انتخابية ثانية لإتمام ذلك، ولترشيح وانتخاب نواب جدد في المناطق التي ماتزال شاغرة.

مراقبة الانتخابات

قالت هيئة الانتخابات إن بعثة من الغرفة المدنية في روسيا شاركت في مراقبة الانتخابات بدعوة من الهيئة، كما شارك وفد من الاتحاد الأفريقي في عملية المراقبة.

وأشارت الهيئة إلى أن وفد الاتحاد الأفريقي اعتبر مشاركته انعكاساً لما يوليه الاتحاد من أهمية لتونس وتجربتها في الانتقال الديمقراطي، حسب تعبيرها.

بينما قرر البرلمان الأوروبي عدم إرسال بعثة لمراقبة هذه الانتخابات، وقال إن قراره مبني على قرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان، وتقرير لجنة البندقية، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد.

وقال الناطق باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إن الهيئة كانت تتمنى مشاركة مراقبين دوليين، وأضاف أن قرار الاتحاد الأوروبي عدم إرسال مراقبين للانتخابات البرلمانية لن يغير من استراتيجية الهيئة في إسناد الاعتماد لمن يرغب من المراقبين، وفق الشروط القانونية.

وبشأن ما يوجه لهيئة الانتخابات التونسية من اتهامات بعدم الحياد، قال الناطق إن الهيئة تعمل بمنأى عن التجاذبات السياسية.

انتخابات فاترة

على عكس الاستحقاقات الانتخابية السابقة، غاب الحماس والحملات الساخنة، وحضر الفتور والعزوف عن الترشح والانتخاب في معظم الدوائر الانتخابية، كما تفيد الأرقام التي نشرتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وفسر مراقبون ذلك بغياب التنافس، وفقدان شريحة واسعة من الناخبين ثقتها في إمكانية تحسن أوضاع البلاد، وفق الخيارات التي أرساها الرئيس سعيّد، أو حسب تجربة المنظومة السابقة.

كما نص القانون الانتخابي الجديد على نظام الاقتراع الفردي الذي حل محل انتخاب اللوائح، مما أضعف من مشاركة الأحزاب السياسية فيها.

وأعلنت عدة أحزاب مقاطعتها للانتخابات، وضمت كيانات سياسية مختلفة مثل جبهة الخلاص الوطني المكونة من عدد من الأحزاب السياسية والهيئات المدنية، وتنسيقية الأحزاب الاجتماعية التي تتشكل من خمسة أحزاب يسارية وديمقراطية واجتماعية، كما أعلن الحزب الدستوري الحر وحزب آفاق تونس، مقاطعتهما لهذه الانتخابات.

ووصفت المراقبون نسبة الإقبال على هذه الانتخابات بأنها غير مسبوقة، واعتبرتها قيادات معارضة دليلاً على سقوط شرعية الرئيس.

في حين قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن نسبة الإقبال “متواضعة ولكنها ليست مخجلة”، وأعاد أسبابها إلى نظام التصويت الجديد، وعدم وجود دعاية انتخابية مدفوعة.

ردود الفعل

في ردود الفعل الأولى على الانتخابات، رحبت حركة النهضة بالموقف الشعبي، وقالت في تدوينة على حسابها على فيسبوك تعليقاً على نتائج الانتخابات “شكراً للشعب التونسي العظيم ويسقط الانقلاب”.

واعتبرت قيادات معارضة في جبهة الخلاص الوطني نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات دليلاً على سقوط شرعية الرئيس، ووصفت يوم الانتخابات باليوم العظيم والتاريخي، وبأنه حسم الأمر وأنهى مسرحية المنقلب، وتركه في أضيق الزوايا.

ودعت الرئيس التونسي إلى التنحي عن السلطة بعد المشاركة المخجلة في الانتخابات، ولوحت بالتصعيد الميداني في حال استمراره في نهجه الانقلابي.

واعتبرت قيادات معارضة أخرى، منها المكتب السياسي لحراك الخامس والعشرين من شهر تموز في تونس، أن مسؤولية المعارضة صارت أكثر وضوحاً في “وضع تصوّر وطني كفيل بإخراج البلاد من المستنقع الانقلابي عبر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعاجلة ونزيهة”.

ومع أن القانون الانتخابي التونسي لا ينص على أن ضعف الإقبال على الانتخابات يؤثر على نتائجها، ولكنه يعطي المعارضة مساحة واسعة للتحرك.