لكل السوريين

البطاقة الذكية تقسم السكان إلى فئتين

حمص/ بسام الحمد

“لا يمكننا شراء الغاز بالسعر الحر، ولم نفكر إطلاقاً بشراء المازوت للشتاء، فهذه المواد الحصول عليها يكلف كثيراً، نعتمد على الكهرباء رغم أنها لا تأتي نهاراً سوى ثلاث ساعات”، يقول هاشم.

هاشم محمد وهو طالب في المدينة الجامعة بحمص، “نعتمد على السخانات الكهربائية لصناعة الطعام والمشروبات، وبيننا اتفاق مسبق على أن يقوم أحدنا يومياً بانتظار الكهرباء لتحضير الطعام فيما يتم الآخر مهامه”.

لا يفكر طلاب الجامعات أو الشباب العازبون بالجزء المتعلق بالمحروقات نهائياً، فهمهم الأساسي هو الحصول على الخبز وبعض المواد الغذائية.

انقسم السوريون، منذ إطلاق برنامج “البطاقة الذكية عام 2018، إلى فئتين، واحدة “مدعومة” شملت ملّاك الدفاتر العائلية، وأخرى “محرومة” أو كما يُطلق عليها “غير مدعومة” تشمل العازبين وفئة الشباب.

ساهمت البطاقة الذكية بالتمييز بين فئتين “تبعاً لممتلكاتهم ووظائفهم”، وهو ما خلق هوّة في المصاريف بين المواطنين، فكيف يعيش المحرومون من البطاقة، وهل حيازتهم لها تشكّل فارقاً فعلاً؟

وفرض الواقع المعيشي على كثيرين اتباع حيل للالتفاف على الأزمة التي خلقتها البطاقة الذكية، والمشكلات التي رافقت عملها، إذ تُحدّد عبرها حاجة العائلة من المواد الأساسية شهرياً، حسب تقديراته، لا حسب حاجتهم الفعلية.

واضطر معظم الشباب السوري لاستئجار منزل بسبب مكان دراستهم أو عملهم، تشكّل المصاريف المعيشية عبئاً كبيراً مع مصاريف جامعاتهم، لا يستطيع هؤلاء تأمين المواد التموينية الأساسية بسعر معقول بسبب حرمانهم من “البطاقة الذكية”، ما يضطرهم لشراء هذه المواد بسعر أعلى.

هناك فرق واضح في أسعار المواد التي تباع عبر “البطاقة الذكية” وسعرها في السوق الحر، فمواد مثل الأرز والسكر تباع عبر البطاقة بـ 1000 ليرة للكيلو الواحد، بينما يبلغ سعر السكر 6 آلاف وهو في ازدياد مستمر، تختفي مادة السكر بين حين وآخر من الأسواق ويصبح بيعها مخالفاً من دون معرفة السبب ثم يبدأ سعرها بالارتفاع تدريجياً، في حين أن الأرز يباع بـ 4 آلاف للكيلو الواحد من النوع الأقل جودة، ويزداد سعر كيلو الأرز الطويل ليصل إلى نحو 10 آلاف ليرة.

ينطبق الأمر ذاته على مادة الخبز، إذ يبلغ سعر الربطة التي تحوي 14 رغيفاً عند الحاصلين على البطاقة الذكية 400 ليرة سورية، في حين تباع نفسها من قبل بعضهم “للمحرومين” بـ 3 آلاف ليرة، في حين يصل سعر ربطة الخبز السياحي إلى 3800 ليرة للكبيرة، و2000 ليرة للربطة الصغيرة.

“فالبطاقة الذكية” بالرغم من أنها كانت تعتبر حلاً في بداية إطلاقها فإنها بدأت تشكل أزمة للمواطنين، فالمواد الغذائية والمحروقات أصبحت لا توزع إلا كل 3 أو 4 أشهر، وهذا يجعل الغالبية يضطرون لشراء المواد بالسعر الحر، جرة الغاز التي لا تكفي لأكثر من شهر تباع عبر البطاقة بـ 11500 ليرة، في حين تباع في السوق الحرة بـ 150 ألفاً.

لا يشكل دعم المواد التموينية والمحروقات حلاً للأزمة المعيشية في سوريا، في الوقت الذي يحصل كل فرد في العائلة على 2 كيلو غرام من كل مادة، وهي كمية لا تكفي إذا ما قارناها بالمدة الزمنية الفاصلة بين فترات توزيع هذه المواد، إلا أن ذلك يساعد قليلاً ضمن الظروف المعيشية الصعبة.

الأسعار في ارتفاع مستمر والشرخ بين سعر المواد التموينية المدعومة والحرة كبير، ومع القرارات التي تصدر بين فترة وأخرى، إما لرفع أسعار المواد المدعومة أو لتمديد فترات توزيعها أكثر، إذ كثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن احتمالية إلغاء الدعم بشكل كامل، خاصة مع الزيادة المستمرة لأسعار المحروقات والخبز.

وعليه، اتبع السوريون عدة أساليب، كالطلاق “الصوري” عبر محام ودون تعميم، وبه يحصل الزوج على بطاقة ذكية بوساطة دفتر العائلة، والزوجة على أخرى بسند الإقامة، ومعه تتضاعف كمية المواد التي يستطيعون الحصول عليها دون الحاجة لشرائها من الأسواق بأسعار مضاعفة.