لكل السوريين

انعدام الأمل في الحصول على محروقات التدفئة.. حطب الغوطة، وسيلة نساء الريف العاصمي لمواجهة الشتاء

دمشق/ روزا الأبيض

قامت ناديا، من سكان الغوطة الشرقية بريف دمشق، حتى الآن بشراء نصف طن من مادة الحطب الخاص بالتدفئة، تحسباً لفقدان المادة وغلاء سعرها خلال فصل الشتاء.

وخلال الشتاء الماضي، عانت ناديا، أرملة وأم لخمسة أطفال، من نقص شديد في مادة المازوت، إضافة لساعات تقنين الكهرباء الطويلة وغير المنتظمة.

ناديا، تعمل معلمة في إحدى مدارس الغوطة، كانت قد اتخذت قرار شراء الحطب، بعد أن انقطعت بوادر الأمل بحصول على مخصصات كافية من التدفئة، وسط قلة في المحروقات في مناطق الحكومة.

وعلى دفعات عديدة حتى بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، تتوقع ناديا أن يصل إلى مخزون قدره طن واحد من الحطب.

حطب للتدفئة

وتقول إن “الحكومة غير قادرة على حل مشكلة المازوت، وأنا مجبرة على التدفئة بالتناوب بين الحطب والمازوت والكهرباء، حسب المتوفر”.

ومع اقتراب فصل الشتاء، يلجأ سكان في العاصمة دمشق وريفها، لشراء وتخزين حاجياتهم من الحطب قبل ارتفاع أسعاره، في ظل قلة مخصصاتهم من مازوت التدفئة.

والشتاء الفائت، خفضت الحكومة مخصصات السكان من مازوت التدفئة بمقدار النصف لتصبح 100 لتر بدلاً من 200 لتر، وهذا العام خفضت الكمية إلى النصف.

وبداية آب/أغسطس الجاري، أعلنت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” التابعة للحكومة السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة بمعدل 50 لتراً فقط لكل عائلة.

وتعاني مناطق دمشق وريفها، حالها كحال باقي المحافظات الخاضعة لسيطرة دمشق من نقص شديد في مادة المحروقات، إذ لم تستلم عائلات مخصصاتها السنوية من مادة مازوت التدفئة منذ أكثر من عامين، رغم تسجيل معظمها للحصول على المادة عبر تطبيق “وين”.

ويضطر السكان منذ عامين لشراء المازوت من السوق السوداء بأضعاف السعر الحكومي، فيما اتخذ آخرون من الحطب بديلاً وذلك بسبب ارتفاع المازوت الحر.

وبداية الشهر الماضي، سجلت إيمان، قاطنة في الغوطة الغربية، على الدفعة المقدرة بـ 50 لتراً، “ولكن لليوم لم أحصل على حصتي، ولا أريد لأطفالي أن يعانوا من البرد كما عانوا الشتاء الماضي”.

ويبيع سكان المواد المدعومة التي تباع عبر البطاقة الذكية وخاصة المازوت، إما للتجار أو لسيارات المازوت، ويشتري العديد منهم بسعر المازوت الحطب، إذ عملية الانتظار تشكل الفارق الأكبر في هذه المسألة، بحسب قولهم.

ويصل سعر مدافئ الوقود الكبيرة في دمشق وريفها، إلى المليون ليرة سورية.

ويقول بائع حطب من ريف دمشق إن هناك أناس يشترون في بعض الأحيان خمسة كيلوغرام من الحطب لا أكثر، وتحديداً كبار السن ليستطيعوا حمله، بعد أن حولوا مدافئ المازوت لديهم إلى حطب.

ويضيف: “لم أتوقع في هذا الصيف أن أبيع هذه الكميات من الحطب، كنت أحاول أن أركز على بيع فحم الشواء والنراجيل، لكني تفاجأت بارتفاع الطلب الكبير على الحطب”.

مشاكل بيئية

لكن راغد شرف (56 عاماً) وهو مهندس زراعي وموظف سابق في وزارة الزراعة، ويسكن في صحنايا بدمشق يرى أن توجه السكان إلى الحطب يتسبب بمشاكل بيئة، حيث يقدم البعض اقتلاع الأشجار من جذورها، وهو ما يسمى بالتحطيب الجائر، بحسب ما تحدث به لوكالة نورث برس المحلية.

وفي جولة له في محافظات سورية مثل ريف دمشق والسويداء وحماة وريف طرطوس ومنطقة السلمية، لاحظ المهندس الزراعي أن هناك “كميات هائلة من الأشجار قد قطعت، وبعضها اقتلع من جذورها”.

ويشير إلى أن منطقة الغوطة في دمشق هي الأكثر تضرراً، إذ تم قطع الأشجار المثمرة قبل الحراجية، “ومن المستحيل تعويضها”.

وتملك سوريا وبحسب “شرف” غطاءً نباتياً قليلاً بالنسبة لمساحتها، كما أن حرائق العام الماضي أتلفت مئات الهكتارات من الأشجار الزراعية والحراجية في طرطوس واللاذقية وحمص.

حرائق الغابات في اللاذقية

“فأشجار الصنوبر والسرو والزيتون وغيرها التي احترقت بشكل كامل أو قطعت، لا تعوض في عقود طويلة”، بحسب المهندس الزراعي.

ويمنع القانون رقم 6 لعام 2018، قطع أو قلع أشجار حراج الدولة والقيام بأي عمل من شأنه الإضرار بالحراج.

لكن “شرف” يرى أن العامل الأكبر لزيادة قطع الأشجار هو غياب الرقابة، ويتهم “الشرطة الحراجية بأنها تتلقى رشاوى، والبعض منهم يعملون في تجارة الحطب”.

ويضيف: “إذا ما تم تطبيق القانون قد نستطيع أن نبدأ في البحث عن حلول، لكن لليوم مازال حاميها حراميها.”