لكل السوريين

فوضى الإيجارات الشهرية الخاضعة لتلاعب سوق العقارات تثقل كاهل مواطنين بطرطوس

طرطوس/ ا ـ ن

الكارثة الاقتصادية التي نعيشها تضرب اطنابها في كل مستويات الحياة، فالبطالة والفقر أرقامهم مرعبة، اما الغلاء فلا ضابط ولا ناظم لأسعار المواد الأساسية للمعيشة، مترافقة مع انتشار كافة أنواع الامراض الاجتماعية، وهنا سنتطرق الى موضوع الإيجارات الشهري وترابطها مع الارتفاع المذهل للعقارات في كافة مدن الساحل، وهي من اهم المشاكل التي تواجه السكان الذين ليس لديهم مأوى يعود بملكيتهم إليهم، لا سيما أن الأوضاع الاقتصادية المتردية تسيطر على أغلب العوائل المقيمة في مدن الساحل.

تتزايد قيمة تلك الأجور، لأسباب عدة، أهمها عدم وجود رقابة قانونية على تحديد نسبة الإيجارات للمنازل، وارتفاع أسعار المنازل نفسها وتكلفة بنائها، الأمر الذي يجبر عددا من المستأجرين على قبول الأرقام مهما كانت.

السيد أبو ناظم، قال ان أجار المنزل الذي يسكنه منذ خمس سنين، قد تضاعف خمس مرات على فترات متقطعة منذ أن سكنه وحتى الآن، حيث بلغت نسبة الارتفاع خلال الأربع سنوات السابقة، بنسبة 200 %. قيمة أجار منزله بلغت 75 ألف ليرة في عام 2019، بينما بلغت الآن 200 ألف ليرة، ودائما العقد يكون لمدة ستة أشهر، ومن ثم يتم تجديده الى ستة أشهر أخرى، وعلى مزاج صاحب البيت ويمكن باي لحظة ان يجبرنا على الاخلاء. والبحث عن منزل بديل مضني جدا، لان معظم إيجارات المنازل في محافظة اللاذقية، قد تضاعف عدة مرات، وأصبح المنزل الذي يعتبر من الفئة الجيدة، حلم لأي عائلة متوسطة الدخل، وخاصة في ظل الفقر والبطالة.

مأمون من مدينة بانياس، انه يعيش بالآجار منذ عام 2000 وحتى الان، تنقل بالعديد من الحارات والمنازل، ولم يسعفه الحظ بشراء منزل، لديه ثلاثة أولاد، اصبحوا طلاب جامعة، وما بين مصاريفهم ومصاريف المعيشة واجار البيت، فانهم يعيشوا حالة مؤلمة جدا، ولا امل بالتغيير الا بعد تخرج أولاده وبناء المستقبل على أيديهم، يقول لنا: ان إيجارات المنازل خلال هذه السنة ارتفعت الى أسعار مخيفة، فأصحاب المنازل سلاطين, وعلى كيفهم ولا رقيب ولا حسيب, وما عجبك الله معاك, فنحن أصحاب الحاجة الباحثين عن منزل يأوينا, اذلاء لحاجتنا, منذ بداية السنة زادوا الإيجارات حوالي 75الف ليرة الى 150الف ليرة, فوق الاجار السابق, وبعض الشقق وصل اجارها الى200  الف ليرة بمساحة لا تتجاوز 100 متر، أما عن المنازل المفروشة، فالكلام يبدأ من ال500 الف ليرة , وحسب مساحتها وموقعها.

السيد منذر صاحب مكتب عقاري في مدينة طرطوس، قال: إن السبب الرئيسي لارتفاع قيمة الإيجارات بمدينة طرطوس، يعود لارتفاع أسعار المنازل والعقارات بالمدينة خلال الأشهر الماضية، حيث يبلغ قيمة المتر الواحد المكسي ما بين 250 ألف الى 400 الف ليرة سورية, وان أسباب ارتفاع أسعار العقارات في مدينة طرطوس,  تعود لارتفاع أسعار مواد البناء بالمحافظة، حيث ارتفع سعر طن الحديد 500 الف ليرة سورية عن السنة الماضية ، فيما ارتفع سعر طن الاسمنت 150الف ليرة سورية ، بينما اكد بان هنالك طلب كثير على إيجارات المنازل, وهذا سبب أساسي لارتفاع الإيجارات, وان موضوع التجارة الداخلية في اسواقنا فان الركود في سوق العقارات بكل الساحل ، إذ يرى البعض أنها تجارة مربحة، داعمين اعتقادهم أن شراء أي منزل في أي مكان والانتظار بضعة أشهر سيحقق لصاحب العقار ربحا بملايين الليرات ، ولكن آخرين يعتقدون أن إمكانية خفض قيمة العملة خلال هذه الفترة، إلى جانب زيادة التضخم، من شأنها أن تجعل الربح مبلغا وهميا.

ودخلنا الى احد المكاتب العقارية في مدية جبلة للسيد فهيم, وسألناه عن موضوع الإيجارات و شراء وبيع العقارات ,واخبرنا بما يلي: إن الإجراءات التي اتخذت في ما يتعلق بعمليات الشراء والبيع , أثرت بشكل كبير على سوق العقارات بسبب أوضاع التحويلات المالية والمصرفية والموافقات الأمنية واللجان التي أنشئت لتحديد متوسط أسعار المنازل في كل منطقة, فبالإضافة إلى مواد البناء الباهظة الثمن والكسوة التي قد تصل تكلفة الإكساء إلى حوالي 800ألف ليرة للمتر المربع، يفضل المغتربون شراء المنازل في مناطق إقامتهم، بعد مقارنة الأسعار ببلاد الاغتراب فيجد أن السعر ذاته، وعليه فقد تأثر هذا السوق بسبب عزوف بعض المغتربين عن الشراء نهائيا, أما الذين يلجئون حاليا إلى بيع منازلهم للمتاجرة بها واستئجار منزل آخر للسكن. وهو يفعل هذا لأن تكاليف العقارات مرتفعة نسبة إلى الدخل، الأمر الذي يجعل الإيجار أقل أشكال الاستثمار تكلفة. ونتيجة لذلك، قد يساعد شراء وبيع المساكن الشخص على زيادة قيمة مضافة, إن سعر أي منزل بأسوأ منطقة في مدينة جبلة يتراوح بين ال100 الى 150 مليون ليرة، أما المناطق الجيدة فيتراوح سعر المنزل فيها بين 350 الى 800 مليون ليرة، وينخفض السعر إلى نحو75 مليون ليرة في المناطق الريفية القريبة من مدينة جبلة, وأضاف لا تزال العقارات في كل سورية وليس بمنطقة الساحل فقط، تشهد ارتفاعا في الأسعار منذ عدة سنوات، وذلك نتيجة لأسباب كثيرة، من بينها زيادة أسعار مواد البناء، وانخفاض قيمة الليرة مع بقاء الانخفاض في الدخل، وأخيرا أسباب تتعلق بتصرفات حكومية خاطئة، رافق ذلك ركود في السوق.

على العموم، يمكننا القول بالنتيجة أن التجارة الداخلية حاليا’ في الساحل السوري,  في حالة ركود بسبب تراجع القدرة الشرائية لليرة السورية وتقلبها المستمر، أن الارتفاع في أسعار العقارات أمر طبيعي رغم وفرة العرض والطلب في السوق,  بالإضافة إلى انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، فان الضرائب الحكومية “ضريبة مبيعات العقارات”، كان لها أثر كبير على تداول في سوق العقارات،  وأن إجراءات مصرف سوريا المركزي لتقييد تدفق السيولة، لعبت دورا مهما في ركود سوق العقارات؛ لأن البنك المركزي لا يسمح بسحب مبالغ كبيرة تعادل سعر المنزل دفعة واحدة، وأن تحويل الأموال من حساب إلى آخر لا يحقق هدف البائع الذي باعه بشكل متكرر, للحصول على سيولة أو تحويلها إلى ذهب أو دولار بديلا للعملة المحلية التي لا ثقة فيها, وأن التوقف الحالي في عملية التداول العقاري ,خاصة في ظل عدم وجود أي استثمار آخر، يمثل مشكلة خطيرة، في ظل عدم ثقة المستثمر في الاستثمار الصناعي والزراعي نتيجة لعدد من القضايا، أولها حاملات الطاقة.