لكل السوريين

“المونة” تودّع بيوتها في حماة

حماة/ جمانة الخالد

وقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية عائقاً أمام الكثير من أهالي حماة هذا العام، حيث عجز الكثير من أهالي المدينة وريفها عن تأمين مستلزمات المونة الشتوية في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني الذي تشهده الأسواق السورية بشكل عام وعدم استقرارها.

حيث امتنع كثير من السوريين هذا العام عن إعداد المونة التي تخزن لفصل الشتاء، كالفول الأخضر والبازلاء وغيرها، بسبب عجزهم عن شرائها في ظل ارتفاع الأسعار وتقنين الكهرباء

واعتاد السوريون في مثل هذه الأيام على تأمين مونة الشتوية، من المكدوس، والجبن، والشنكليش، والمربيات بكافة أنواعها، ثم في شهر تشرين الأول، يأتي تأمين مونة الزيتون، وأيضا الزيت الذي وصل سعره إلى حدود الـ300 ألف ليرة، لصفيحة الـ20 ليترا، وذلك كله بالتزامن مع تردي الوضع الاقتصادي.

تُعرف المونة، بأنها ما يدّخره المواطنون من قوت ومواد غذائية، ويسمى المكان الذي يتم حفظ المواد الغذائية بداخله بهدف التخزين، والتموين في المنازل السورية ثقافة قديمة، تتعلق بأنواع من المأكولات المرتبطة بالتراث السوري، وتقوم على تخزين مواد غذائية موسمية بكميات كبيرة بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة.

مع استمرار ارتفاع الأسعار غير المسبوق، برزت مخاوف جديدة لدى من أهالي حماة بشكل خاص والسوريين بشكل عام من ارتفاعات أخرى خلال المرحلة القادمة، خاصة مع اقتراب العام الدراسي الجديد، وما يليه من مواسم المونة التي يشتهر السوريون بها، حتى باتوا يترحمون على الأيام السابقة.

مع حلول العام الجديد 2022، ارتفعت أسعار المواد الغذائية سواء الخضروات، والفواكه، أو المواد التموينية، أو اللحوم أو غيرها، ويبدو أن العام الجديد جلب معه العديد من التغييرات في الاقتصاد السوري، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى نتائج غير متوقعة على العائلات في محافظة حماة خصوصا وأن أغلبها بات يصنف ضمن الطبقة الفقيرة.

وعلى الرغم من أن هذا العام لا يختلف عن سابقه حتى اللحظة، ولكن مع ارتفاع الأسعار ، يرى المزيد من الناس أن التطمينات الحكومية لا جدوى منها، والأكيد أن ميزانياتهم ستتضرر أكثر وهو ما سينعكس على مونتهم السنوية، ويضعهم في حيرة بما سيتناولونه أثناء فصل الشتاء، خصوصا، وأن الحكومة أوقفت الاستيراد مؤخرا، ورفعت يدها عن دعم الأسمدة الذي سينعكس حتما على زراعة المواد الغذائية.

في عام 2010، كانت المونة تكلف العوائل حوالي 60 ألف ليرة سورية، بينما هذا العام فإن ذات المونة من اللبنة، والمكدوس، والزيتون، والبازيلاء، والفاصولياء، والملوخية، دون زيادة أي كيلو عليها باتت تكلفها ما يقارب 12 مليون ليرة سورية.

فسعر ما يتم تموينه، أو المواد التي تدخل في صناعة المونة هي كالتالي: الثوم بـ6 آلاف ليرة، والباميا بـ8 آلاف ليرة، والباذنجان البلدي بـ1500 ليرة، والحموي منه بـ1200 ليرة، والفاصولياء بـ8 آلاف ليرة، والملوخية بـ7 آلاف ليرة، وتؤجل العوائل شراء حاجيات المونة يوما واحد يكون الفارق بأقل تقدير 25 ألف ليرة سورية، لسعر 50 كيلو من أي نوع من أنواع الخضار.

التموين في سوريا، تراجع بشكل كبير خلال الأعوام السابقة وهذا العام بشكل أكبر، لارتباطه بشكل مباشر بالوضع الاقتصادي، وتأثّره بتراجع الإنتاج الزراعي، وضعف الاستيراد والتصدير وحركة التجارة.

وتأخذ المونة أكثر من شكل، الأول هو حفظ المواد الأولية كالرز، والبقوليات، والحبوب، والسكر، والزيت والسمن، لاستخدامها على مدار السنة، لأهداف اقتصادية وكنوع من الأمن الغذائي على مستوى العائلة الواحدة، كما ترتبط بكثرة عدد أفراد العائلة في المنزل الواحد، ما يتطلب توفيرا دائما لهذه المواد.

والشكل الآخر يتعلق بتموين الخضراوات، كالبازلاء والباذنجان والبامية، والجزر، والفستق، والملوخية وغيرها، بهدف استخدامها في الطبخ، ونتيجة زراعتها في مواسم محددة، وتتم إما بالحفظ عن طريق التبريد، أو بوسائل أخرى كالتجفيف.

وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية تردياً في الواقع الكهربائي، في ظل غياب برنامج تقنين منظم حقيقي، حيث وصلت ساعات القطع في كثير من الأحيان إلى أكثر من 20 ساعة متواصلة.