لكل السوريين

توضيح حول ظهور بعض المدافن البيزنطية على ضفاف البحيرة

إعداد/ الباحث محمد عزو 

على مدى السنوات التي تشكلت فيها بحيرة سد “الفرات”، كانت هذه البحيرة مرة يزداد مخزونها المائي ومرة ينقص وذلك حسب ظروف الطقس، ففي وقت انحسار هطول الامطار يحدث نقص في مخزون البحيرة، وفي هذا التراجع تظهر بعض البقاع على شواطئها منها المدافن المحفورة في الصخور بعضها تعود إلى فترات قديمة، لكن أغلبها تعود إلى الفترة البيزنطية. وهذه المدافن تنتشر في معظم مناطق أرض “الرقة”، فمن “بغديك” شمالي “الرقة” إلى محيط أراضي “الجرنية”، حيث تبرز من باطن الأرض، وتناغم الحاضر بماضيها المزدهر، مشكلة لوحات فنية متناثرة على ضفاف بحيرة “سد الفرات” وتبرز أهميتها في الأحاطة بطرق الدفن المتبعة في الماضي.. وحسب التنقيبات والمسوحات الأثرية التي قمنا بتنفيذها سابقاً في دائرة آثار ومتاحف “الرقة” يمكننا تقسيم هذه المدافن إلى:

– مدافن ضفة البحيرة الشرقي (اليسراوي) وهي كثيرة تمتد من وادي “سحل الخشب” شرقي قرية “السويدية” ولغاية قرية “الرميلة” الواقعة شمال قرية “شمس الدين”  أغلبها بالمطلق منهوبة، وباحتمال كبير نهبت في زمن الانتداب الفرنسي ل”سورية” حيث قمنا كآثاريين بتحريرها ورفعها هندسياً.

– مدافن الضفة الغربية للبحيرة(اليمنى) وهي قليلة  مثل المدافن الأخرى كانت هي الأخرى منهوبة قمنا بالرفع الهندسي لها وتحرير داخلها.

– مدافن وكهوف جبل السن الواقع قبالة جبل عرودة، ويقع هذا الجبل على الضفة اليسرى لنهر الفرات، حيث عثرت دائرة آثار ومتاحف “الرقة” في تسعينات القرن العشرين المنصرم على مجموعة من المدافن المنحوتة في الصخر تعود للفترة البيزنطية، وقد تم العثور في داخلها على مجموعة من اللقى الاثرية وهياكل عظمية ومجموعة من أنواع الخرز الثمين مختلفة في نوعيتها وحجمها وأشكالها وألوانها، كما تم العثور في داخلها على أسرجة مصنوعة من الفخار وبعضها  مصبوغة وعثر أيضاً على مصنوعات معدنية حلقاً معدنياً وخواتم معدنية ومجموعة من الكسر المعدنية لأساور، كما وعثر المنقبون على خزانات مياه تعود هي الأخرى للفترة البيزنطية. لا شك أن هذه المدافن تعرضت سابقاً للنهب، ولأعدادها الكبيرة ووتموضعها في الجبل لم تنهب بالكامل.

– كهوف ومدافن بغديك”: تقع هذه الكهوف غربي بلدة” تل أبيض”عند الحدود الأدارية الفاصلة بين محافظتي” حلب” والرقة”. القصة تقول عندما ظهر الدين المسيحي الجديد لم يستطع مصدقوا هذا الدين من ممارسة طقوسهم بسبب أن الدولة الرومانية الوثنية قبل عام/325/ م كانت تلاحق اتباع السيد “المسيح” عليه السلام، لذلك (طفشوا) في البراري وسكنوا الجبال وهناك في العراء الطلق وداخل الكهوف مارسوا طقوسهم وشعائرهم، ومن هذه الكهوف مدافن وكهوف “بغديك” وهي كبيرة وكثيرة وتنتشر على مساحة واسعة من الأرض. دائرة آثار “الرقة” وثقت الموقع في العقد الأول من بداية الألفية الثالثة الميلادية بشكل أثري وعلمي دقيق.. أما ضفاف النهر شرقي “الرقة” من النادر وجزد مثل هذه المدافن لأسباب طبوغرافية وجيوسياسية.

– أخيراً لا بد للزملاء من آثاريي مدينة *الطبقة”، من أخذ زمام الامور للحفاظ على الآثار السورية وتوثيق هذه المدافن من جديد، لكن بطريقة علمية لا كما يحدث الآن من أعمال توثيق خجولة في دوائر الآثار ومنها آثار”الرقة”، لأنه في هذه الحالة يجب أن يكون الآثاري المختص والمميز والمهنس المختص في المقدمة للرفع والرسم والتصوير والمسح الأثري.