لكل السوريين

توتر متصاعد بين واشنطن وبكين..وتحالف غير متوازن مع موسكو

تقرير/لطفي توفيق

تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايبيه، فالصواريخ الصينية التي حلقت في سماء تايوان لم تعكس غضب بكين من هذه الزيارة فحسب، بل أظهرت تصاعد العداء تجاه واشنطن.

وتكرار واشنطن لتعهداتها بضمان قدرة تايوان في الدفاع عن نفسها من خلال الردع الاستباقي لبكين، يساهم في تصعيد التوتر وخطورة الموقف أيضاً.

فالوضع الآن مختلف تماماً عما كان عليه خلال أزمة عام 1995 بين البلدين، حيث أدى إرسال حاملتي طائرات أمريكيتين إلى مضيق تايوان لإنهاء التوتر في المنطقة، إذ كان الجيش الصيني قيد التطوير آنذاك، وهو ما تغير الوقت الحالي، فلدى الصين اليوم قوات بحرية قوية وقدرات صاروخية متقدمة، بما يمكّنها من خوض حرب مع أميركا.

كما أن الولايات المتحدة منخرطة في صراع عسكري بالوكالة مع روسيا في أوكرانيا، ويعاني

اقتصادها من تضخم مفرط مما قد يحدّ من قدرتها على الدخول في مواجهة عسكرية مع الصين.

والاضطرابات العالمية التي أحدثتها حرب أوكرانيا على الصعيد السياسي والاقتصادي، تجعل تكاليف أي صدام عسكري جديد حول تايوان كبيرة للغاية.

استعراض للقوة

أعلنت وزارة الدفاع الصينية أنها سترسل قوات عسكرية إلى روسيا لإجراء مناورات مشتركة،

وستنطلق المناورات الصينية الروسية في الثلاثين من شهر آب الجاري وتستمر إلى الخامس من أيلول المقبل.

وستكون المناورات التي تحمل اسم “الشرق 2022” هذا العام ضخمة من حيث المساحة وعدد القوات المشاركة، وستجري في عدة مناطق متفرقة بالقرب من الحدود مع الصين في أقصى الشرق الروسي.

وفيما يبدو، تريد الصين من خلال هذا الاستعراض للقوة، إضافة إلى التدريبات العسكرية المكثفة التي قامت بها مؤخراً، إظهار تصميمها الكامل على الدفاع عن تبعية تايوان لها حتى لو اضطرها الأمر إلى الدخول في حرب.

ومع أنه من المستبعد أن تشن الصين حرباً شاملة على تايوان، فقد تلجأ في حال تصاعد الأزمة الراهنة، إلى فرض حصار بحري طويل الأمد على الجزيرة، وربما ضرب أهداف عسكرية تايوانية كما في فعلت في أزمة المضيق السابقة.

وهو ما ينذر باحتمال وقوع صدام كارثي بين بكين وواشنطن، حتى لو كان نتيجة لحسابات خاطئة من قبل أحد الطرفين.

موسكو وبكين

تنظر بكين إلى علاقتها مع موسكو بأهمية بالغَة حيث تتكامل الصين اقتصادياً مع روسيا الغنية بالموارد الطبيعية لكنها بحاجة إلى التكنولوجيا والاستثمارات، في حين تستطيع الصين تقديم هذه التكنولوجيا والاستثمارات لكنها بحاجة إلى الموارد الطبيعية.

كما تشكل روسيا مصدراً هاماً للسلاح المتطوِر الذي تحتاجه الصين، حيث ارتفع تدفّق السلاح منها إلى الصين خلال العقد الماضي بشكل ملفت.

وعلى الصعيد السياسي يدعم كل من البلدين موقف الآخر في المؤسسات والمحافل الدولية.

وعلى أساس هذه الاعتبارات جاءت ردة الفعل الصينية على الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث لجأت بكين إلى سياسة إمساك العصا من المنتصف.

فقد عبَر المسؤولون الصينيون في اجتماعاتهم مع نظرائهم الأوكرانيين والغربيين عن دعم بلدهم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وسعيهم لإنهاء الحرب بأسرع وقت ممكِن.

بينما أكدوا لنظرائهم الروس متانة العلاقة بينهم، ومعارضة بكين للعقوبات الأحادية من الغرب، وتفهمهم لموقف روسيا القائل إن سبب الحرب الحقيقي هو توسع الناتو، وسعي واشنطن إلى إقحام تحالفاتها العسكرية في مناطق جديدة من العالم.

تحالف أم تبعية

إلى الآن تعتبر بكين وموسكو حليفين متكافئين في مواجهة الهيمنة الغربية على الدول الأخرى.

ويبدو أن هذا التحالف يختل توازنه يوما بعد يوم مع تزايد قوة الصين، وتراجع قوة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا وعزلتها العالمية التي تدفعها إلى الاعتماد على الصين أكثر من أي وقت مضى.

ولاشك في أن اعتماد الكرملين المتزايد على الصين سيدفع القيادة الروسية إلى القبول بشروط الصين في المفاوضات التجارية معها، ودعم المواقف السياسية الصينية في المحافل الدولية.

وستنتهز الصين فرصة المأزق الروسي الحالي لفرض استخدام عملتها الوطنية في التعاملات الاقتصادية بين البلدين، لتصبح مع مرور الوقت عملة إقليمية، ثم عملة دولية رئيسية.

ويرجّح أن تستحوذ الصين على حصة أكبر من التجارة الروسية، وقد تصبح السوق الأساسي للصادرات الروسية، والموّرد الرئيسي لها بما يزيد من اعتماد المستهلكين الروس على سلعها.

وقد يحوِّل ذلك روسيا إلى أداة بيد بكين في خضم صراعها المتصاعد مع واشنطن.