لكل السوريين

الأزمة السياسية تتصاعد في تونس..والغموض يلفّ مصير الاستفتاء على تعديل الدستور

تسلم الرئيس التونسي مسودة الدستور الجديد الذي لابد أن يوافق عليه قبل عرضه على  الاستفتاء الشعبي.

وفي بيان صادر عن الرئاسة، أشار قيس سعيّد إلى أن مشروع الدستور “ليس نهائياً وأن بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد من التفكير”.

وفيما يتعلق بطبيعة نظام الحكومة الذي سيعتمده الدستور الجديد، قال “القضية ليست نظاماً رئاسياً أو برلمانياً المهم أن السيادة للشعب، البقية وظائف وليست سلطات”.

وتتهم المعارضة الرئيس التونسي بالاستحواذ على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتهميش الأحزاب، وإضعاف القضاء التونسي بتهم متنوعة.

وأنه جاء إلى السلطة لتأسيس دكتاتورية جديدة، في حين أن الديمقراطية الناشئة في تونس تحتاج للكثير من الإصلاحات والقضاء المستقل.

في حين ترى الموالاة أن تونس تسير باتجاه مسار ديمقراطي يخرجها من حالة الاستثناء، وأن الدستور القادم سيكون اقتصادياً اجتماعياً وليس دستوراً سياسياً.

وتقلل من أهمية مواقف المعارضة والبيانات التي تصدرها منظمات خارجية وتنتقد فيها سياسة الرئيس التونسي، وتشير إلى أنها لن تثنيه عن المضي بسياسته.

رمال متحركة

يرى مراقبون أن تونس تسير على رمال متحركة قبل أيام من موعد الاستفتاء الشعبي حول تعديل الدستور في ظل الخلافات حول جدوى الاستفتاء، وتوقف عجلة الحياة العامة عن الدوران نتيجة لإضراب الاتحاد العام التونسي للشغل.

ويرى التونسيون المعارضون أن الاستفتاء انقلاب على الديمقراطية، ويتعهدون بمواجهة سلوك الرئيس الذي يسعى لإعادة البلاد إلى النظام الرئاسي السابق.

فيما يعتبر الموالون أن قرارات الرئيس مشروع للصالح العام الذي يتمثل في نجاح الاستفتاء رغم تعقد المشهد لدرجة كبيرة وارتفاع نسبة المعارضة.

وأن نجاح الاستفتاء وإقرار الدستور الجديد سيمهّد لصياغة نظام حكم ينهي السياسات السابقة التي أحدثت قطيعة بين النخب والفئات الشعبية.

بينما يجد الكثيرون من التونسيين أنفسهم في حيرة حقيقية، حيث لا يريدون العودة إلى الوراء الذي يعتبرونه سيئاً للغاية، ولا يرغبون في المضي إلى الأمام الذي يرونه غامضاً ومخيفاً.

ويزيد من تعقيد المشهد في تونس تفاقم الضائقة المعيشية للمواطنين، والاختناق المالي للدولة، وتصاعد خطاب الكراهية بين مؤيدي سعيّد ومعارضيه.

أزمة الاستفتاء

أعلنت حركة النهضة الإسلامية، صاحبة أكبر كتلة في البرلمان الذي حله الرئيس أنها ستقاطع الاستفتاء على الدستور، ووصفته بأنه “فاقد لكافة معايير النزاهة والشفافية”.

بينما أعلن حزب آفاق تونس أنه لن يقاطع الاستفتاء، لكنه سيشارك تحت شعار “لا لمشروع قيس سعيد” بهدف إفشال هذا الاقتراع الذي يأتي في مسار “غير سليم”.

ونظم الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والعمال، وقفة احتجاجية بمدينة صفاقس رفضا للاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد.

وردد المشاركون في الوقفة شعارات من قبيل “لا خوف ولا رعب السلطة ملك الشعب”، و”استفتاؤك لا يلزمنا ودستورك لا يعنينا” و”هيئة الرئيس هيئة التزوير”.

وقال أمين عام حزب العمال إن رفضنا للاستفتاء هو رفض لاستبداد مقترن بسياسة تجويع للشعب التونسي، وشدد على أن سعيد يريد عبر هذا الاستفتاء إضفاء شرعية على حكمه الفردي الاستبدادي، لذلك “سنتصدى له وسنعمل وفق الوسائل المشروعة على إسقاطه”.

سلطة توازن

تعرقل الخلافات بين اتحاد الشغل والحكومة مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من الصندوق الذي رحب ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي أعلنته الحكومة التونسية الشهر الجاري.

ورفض الاتحاد هذه الإصلاحات في ظل “ضعف الأجور وضعف الامكانيات وارتفاع نسبة الفقر والبطالة”.

ورغم وجود نقطة التقاء سياسية بين الرئيس واتحاد الشغل، يأخذ الاتحاد على الرئيس عدم إجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع، لإخراج البلاد من الأزمة وتنظيم انتخابات وتغيير القانون الانتخابي وكتابة دستور جديد.

ويشير إلى أن إضراب اتحاد الشغل يمثل رسالة للرئيس ليعرف أنه ليس وحده في البلاد، وأن الاتحاد يشكل “سلطة توازن مع سلطة الدولة”.

وحذّر الاتحاد من أن عدم الاتفاق بين الطرفين من شأنه أن يحدث ثورة جديدة على اعتبار أن الحركات الاحتجاجية في تونس تأتي دائماً لأسباب اجتماعية، وأن الأحزاب السياسية هشة وغير قادرة على تعبئة الشارع، وأن “اتحاد الشغل هو الوحيد الذي يمكن أن يحدث فارقا في الشارع”.

يذكر أنه منذ 25 تموز من العام الماضي تعاني تونس من أزمة سياسية حادة حيث بدأ الرئيس التونسي بفرض إجراءات استثنائية، تصاعدت تباعاً لتصل إلى حل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء وإصدار تشريعات عبر المراسيم الرئاسية، وقرر صياغة دستور جديد، وتنظيم استفتاء عليه يوم 25 تموز المقبل.