لكل السوريين

التحرش الجنسي بالأطفال.. بين العامل النفسي والقانون

تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال من الجرائم الشائعة في المجتمعات عموما، ومجتمعاتنا ليست بمنأى عنها، يستغل المتحرشون طيبة الأطفال أو بإغرائهم بالأكلات، وفي مجتمعنا(حمص، حماة) يبقي الأهالي هذا الأمر سراً دون الاهتمام للعامل النفسي.

 

وينبه الأهالي عادة الأطفال بعدم التحدث مع الغرباء، لذلك تكثر قصص أطفال تعرضوا لاغتصاب قام المغتصب فيها بإقناع الطفل أو إغرائه. ظاهرة التحرش في الأطفال ليست وليدة الأزمة السورية إنما تنامت فيها بشكل كبير

 

إن حماية الأطفال من التحرش لم تأخذ مجراها كما يجب، فالصدمة التي تحصل مع الطفل بعد الجريمة تتشكل في بنيته المعرفية التي لا يمكن نسيانها أبدا، هذا إذا لم تتحول إلى شذوذ جنسي واضطراب في الهوية الجنسية نتيجة هذا العمل.

 

إن آثار التحطيم الذي حصل لنفسية الطفل قد تبقى مدى الحياة، حيث يبقى الطفل خائفا قلقا متوقعا للهجوم الجديد ما يؤدي إلى الانسحاب الاجتماعي ومشكلات كثيرة جدا على مستوى الأهل ومستوى الوصمة النفسية لهذا الطفل الذي يتمنى أن يمحوها لكنه لا يستطيع.

 

وهناك الكثير من الأهالي يستسلمون للواقع، مقابل وجود قلة يساعدون الطفل على تجاوز أزمته سواء بالعلاج النفسي غير الدوائي (التكيف من جديد) مع إتباع أساليب وآليات أخرى من الأهل كعدم تذكير الطفل بهذا الموضوع، إلا في حالة سؤاله واستفساره، إذ يوجد البعض من الأهالي ممن يكرهون الطفل أو الطفلة بعد الجريمة ويتعاملون معه بقسوة فوق عذاباته.

 

ومن وجه نظرة قانون العقوبات السوري نجد أنه عالج موضوع الاغتصاب والتحرش في باب الجرائم المخلّة بالأخلاق والآداب العامة، من خلال فرض عدة عقوبات، منها الأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن 21 عاماً.

 

ويعاقب القانون من جامع قاصراً لم يتم الخامسة عشر من عمره بالأشغال الشاقة تسع سنوات، ولا تنقص العقوبة عن الـ 15 عاماً إذا لم يتم الطفل الثانية عشر من عمره، كما عاقب من ارتكب فعلا منافيا للحشمة بقاصر بالأشغال الشاقة لمدة تسع سنوات ولا تنقص عن اثني عشر سنة إذا لم يتم الطفل الثانية عشر من عمره، وعاقب المتحرش بقاصر لم يتم الخامسة عشر من عمره بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف.

 

ولا توجد إحصائيات دقيقة في حمص وحماة لهذا الجرم نتيجة تخوّف الأهل من الإساءة إلى سمعة أطفالهم وسكوتهم أحيانا عن فعل التحرش حفاظا على سمعة أولادهم، والإحصائية المتوفرة سابقاً في المحاكم السورية تفيد أن محافظة حلب فيها أعلى نسبة تحرش وكان ذلك في عام 2018 يليها دمشق وريفها.

 

يقول حسان الأحمد وهو محامي من مدينة حماة أن القانون لم يخصص لجرم التحرش بالأطفال مادة محددة، إلا أنه اعتبره جرماً جنائي الوصف، كما جرّم المشرّع السوري الكلام اللفظي أو التحرش اللفظي أو أي عبارة تدل على التحرش وعاقب الفاعل بالحبس التكديري ثلاثة أيام مع الغرامة.

 

وهناك عدد من العلامات التي تدل على تعرض الطفل للتحرش ملاحظة تغيّر مفاجئ وحاد في تصرفاته: قلق دائم، عدوانية، ردود فعل مبالغ بها، عدم الراحة والاضطراب أثناء أي احتكاك أو اتصال جسدي بينه وبين الآخرين، الخوف والقلق المستمر، الاكتئاب، الإحباط، محاولة إيذاء الأشخاص الآخرين، إضافة إلى عدم انتظام أوقات النوم والأكل لديه، ورفض الطفل الذهاب لمنزل أحد الأقارب أو الأصدقاء بدون وجود سبب واضح، وغير ذلك من التصرفات.

 

وينبه أطباء نفسيين إلى خطر شبكة الانترنت على الأطفال كونها مصدرا للتحرش، وعلى الأهل تحديد الأشخاص الذين يُسمح للطفل بالتواصل معهم إلكترونياً، وتحديد المواقع التي يمكنه زيارتها وتصفحها، تفعيل خيار البحث الآمن على محركات البحث التي يستخدمها طفلهم لتصفية المحتوى الجنسي.