لكل السوريين

وسط غياب تام للأجهزة الأمنية.. فصائل محلية تتصدى لعصابات الخطف بالسويداء

تسارعت وتيرة الأحداث في محافظة السويداء خلال الأيام القليلة الماضية في ظل استمرار حالة الفلتان الأمني، والإجراءات الجديدة التي زادت من حدة التوتر، حيث تم منع عشرات المواطنين السوريين من دخول المحافظة بحجة الوضع الأمني المتردي فيها، كما منعت شاحنات نقل البضائع من دخولها، باستثناء تلك التي يقوم فصيل محلي بمرافقتها في الذهاب والإياب.

وقد لاقى هذا الإجراء استياء واسعاً لدى معظم اهالي المحافظة لما يحمله من أضرار مادياً ومعنوياً على أبنائها بسبب تقصير الجهات المعنية في مكافحة عصابات الخطف التي تستهدف أبناء السويداء كما تستهدف ضيوفها.

فتداعت بعض الفصائل المسلحة المحلية، ومجموعة من المواطنين ورجال الدين، وعقدوا اجتماعا في مضافة قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش في بلدة القريا للتداول في كيفية مواجهة عصابات الخطف والقتل والسرقة التي تؤرق الأهالي، ولم يحضر هذا الاجتماع أي ممثل رسمي للأجهزة الأمنية، والهيئة الدينة “مشيخة العقل”، والوجهاء التقليديين في المحافظة.

وقرر المجتمعون توجيه إنذار لعصابات الخطف.. ومنحهم مهلة قصيرة “لإطلاق سراح المخطوفين، وإعلان التوبة، والتعهد بعدم القيام بأي عمل مخالف للعادات والتقاليد والقانون” وإلّا ستتم مواجهتهم بالقوة، معتبرين اجتماعهم “خطوة جديّة” في سبيل مكافحة الظواهر المسيئة للعادات والتقاليد، ومطالبين أهالي المحافظة والجهات الرسمية المعنية التعاون لتحقيق ذلك.

قرارات حاسمة

وعندما انتهت المهلة  دون استجابة هذه العصابات لمطالبهم اتخذ المجتمعون القرارات التالية:

– هدر دم شذاذ الآفاق والخارجين عن القانون.

– دعم القرار الذي صدر خلال الاجتماع ودعم الفصائل والشرفاء والاجهزة المختصة للبدء  بتنفيذ القرارات من اجل القضاء عليهم ومحاسبتهم.

– قتيل العار لا دية ولا ثأر.. ولا يحق لأحد بالمطالبة بدمه.

– البدء بتنفيذ هذه القرارات من بلدة القريا والانطلاق بها الى كافة مناطق المحافظة.

– يعتبر هذا البيان تفويضا وتكليفا لا رجعة عنه للشرفاء والفصائل الوطنية وأجهزة الدولة للبدء بالمحاسبة واستخدام القوة من أجل تحرير جميع المخطوفين والقضاء على عصابات الخطف والنهب والسرقة التي عاثت فساداً في أرجاء المحافظة.

 

تحركات على الأرض

ومع أن المحافظة شهدت في السنوات الماضية مبادرات عديدة مماثلة، ضمت شرائح اجتماعية أوسع، واتخذت خلالها قرارات مشابهة، لكنها لم تترجم إلى أفعال على الأرض، بسبب خلافات في الرأي بين قادة الفصائل والزعماء التقليديين ورجال الدين، بين فئة تعتبر أن تحرك المجتمع هو الحل الوحيد، في ظل الظروف الراهنة، لوضع حد للفلتان الأمني وفوضى السلاح وعصابات الخطف والسرقة، في حين يصر آخرون أن هذا الأمر من اختصاص السلطات المختصة، وعليها أن تقوم به، ويقتصر دور المجتمع المحلي على مساعدة هذه السلطات في تنفيذه.

لكن التحركات هذه المرة أسفرت.. في أيامها الأولى.. عن تحرير عدد من المخطوفين وإعادتهم إلى ذويهم دون فدية،  والقبض على مجموعة من المتورطين بأعمال الخطف وسرقة السيارات، وتسليمهم للأجهزة الأمنية.

ترحيب حذر

لاقت هذه التحركات ترحيباً في أوساط واسعة في المحافظة، نتيجة الاستياء العام من تدهور الأوضاع المعيشية، واستمرار حالة الفلتان الأمني، وانتشار السلاح العشوائي، وتعدد الفصائل المسلحة التي تعتمد الخطف كوسيلة لتصفية الحسابات فيما بينها، إضافة إلى عمليات الخطف للحصول على المال.

وعلى الصعيد القانوني يرى مصدر قضائي أن “اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة واتفاقها على ملاحقة الخارجين عن القانون، يمثل خرقاً واضحاً للقانون السوري الذي أسند للضابطة العدلية مهمة استقصاء الجرائم وجمع أدلتها والقبض على مرتكبيها وإحالتهم للمحاكم الموكل لها معاقبتهم”.

وفي حين يشكك البعض بمصداقية الاجتماع، والتحركات التي نجمت عنه، مشيرين إلى أن تسارع الأحداث، وإطلاق سراح دفعتين من المخطوفين بهذه البساطة والسرعة، يطرح الكثير من علامات الاستفهام.

يخشى آخرون من أن هذه التحركات دون وجود غطاء قانوني أو عشائري قد تدخل المحافظة في مشاكل إضافية، وربما تكون شرارة لإشعال حرب عائلية لا يعرف أحد كيف ومتى تبدأ.. وكيف ومتى تنتهي.

تقرير/ لطفي توفيق